إزفيستيا : قبر صدام قد يتسبب بحرب أهلية
وزارة الداخلية العراقية طلبت رسميا من زعماء عشيرة البوناصر السنية نقل رفات الزعيم العراقي السابق صدام حسين، الذي أعدم عام 2006 ، وسلمت جثته آنذاك لأبناء عشيرته(البوناصر) لدفنها في مسقط رأسه بالقرب من تكريت. وتعلل الوزارة طلبها هذا بضرورة وقف زيارات العراقيين السنة إلى قبره. وكانت الحكومة العراقية قد أصدرت عام 2009 قرارا بمنع زيارة قبر صدام ، ولكن أنصاره تجاهلوا ذلك تماما.
تنقل الصحيفة عن الخبير الروسي غيورغي ميرسكي أن تكريت هي مركز محافظة صلاح الدين التي تعتبر، مع محافظة الأنبار المجاورة، خارج سيطرة بغداد الرسمية عمليا. إن السلطة في هذا الجزء من العراق بيد السنة من حركة “الصحوة” الموالية للأمريكيين، التي قد تتذرع بالمشكلة المثارة حول قبر صدام لكي تتحول إلى قوة سياسية مستقلة. وكان تشكيل فصائل “الصحوة” قد بدأ في عام 2005 من العراقيين السنة بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية. وتجدر الإشارة إلى أن الأقلية السنية في العراق فقدت هيمنتها بعد إطاحة صدام حسين، وانتقلت السلطة في بغداد إلى حكومة شيعية، وبدأت عملية تطهير الجيش ومؤسسات القوة من السنة.
وكان الرد الطبيعي للعراقيين السنة الالتحاق بأعداد غفيرة بتنظيمات “القاعدة” التي قبلت بسرور العسكريين السابقين، الذين يتمتعون بخبرات قتالية، ولديهم نفور شديد من حكومة بغداد الشيعية. ومن جانبها فإن القيادة العسكرية الأمريكية في العراق، التي اعتراها القلق جراء تزايد نشاط “القاعدة”، قامت بتنظيم حركة موالية لها من السنة(سميت الصحوة). وفي كانون الثاني/يناير عام 2011 قدر عديد فصائل “الصحوة” بحوالي 52 ألف عنصر. وفي محافظتي الأنبار وصلاح الدين أخذ هؤلاء على عاتقهم عمليا مهام الشرطة والإدارة المحلية. واثر ذلك تقلصت مواقع “القاعدة” بشكل كبير في العراق، ولم يعد العراقيون السنة يفضلون الانضمام إلى المقاومة السرية ، بل صاروا يلتحقون بالفصائل الموالية للأمريكيين، التي يتم تسليحها وتمويلها بسخاء.
وفي العام الماضي، مع بدء الانسحاب الفعلي للقوات الأمريكية من العراق، بدأ كل شيء يتغير. يقول الخبير غيورغي ميرسكي أن السنة الموالين للأمريكيين من قوات “الصحوة”، قد تُركوا لمصيرهم ، فالولايات المتحدة لم تواصل تمويل فصائلهم، بعد انسحاب قواتها من البلاد. والحكومة في بغداد لاترغب بضمهم إلى صفوف الجيش والشرطة، التي يشغلها الشيعة بالكامل. هذا، ولا يبدو من الواضح ، حتى الآن، السبب الذي جعل حكومة بغداد تستفز مشاعر السنة عبر مطالبتهم بنقل رفات صدام حسين. ورغم أن قوات “الصحوة” ليست موحدة في مواقفها من الزعيم العراقي السابق، إلا أن الإساءة لرفات واحد من ابناء أكثر العشائر السنية نفوذاً، يعتبر أمراً غير مقبول على الإطلاق. ومن غير المستبعد أن يكون الأمر مجرد بالون اختبار لقدرة السنة الموالين للأمريكيين على مواجهة القوات الحكومية بعد الانسحاب النهائي للقوات الأمريكية من العراق. واذا ما تبين أن لدى “الصحوة” ما يكفي من القوة والعزيمة لذلك، فإن البلاد ستصل إلى حافة الحرب الطائفية، كما كان الأمر في السنوات الأولى بعد الغزو الأمريكي.
الكاتب: كيريل زوبكوف