هانس فون سبونيك : المأساة السورية تعيد الى الأذهان التصعيد قبيل الحرب على العراق
سورية ليست العراق … لكن المأساة الإنسانية التي تزداد حدتها في سورية تعيد الى الأذهان التصعيد الذي سبق الاجتياح الأمريكي-البريطاني للعراق عام 2003، عندما ازداد عدد نظريات المؤامرة وشكلت معلومات كاذبة أساسا للأخبار، وكان زعماء سياسيون يخدعون الجمهور دون أدنى شك. واليوم نرى من جديد فرار ملايين الأبرياء من منازلهم وتعرض عدد كبير منهم للقتل والتدمير في كل مكان. هذه هي الحقائق المتوفرة لدينا.
وفي الوقت نفسه تحتشد سفن تابعة للأسطول الأمريكي ولحلف الناتو في شرق البحر الأبيض المتوسط. “إننا مستعدون لشن ضربة” – هذا هو كلام تشاك هاغل وزير الدفاع الأمريكي. وتفضل أمريكا المستنزفة أخلاقيا وماليا وسياسيا، أن تعتمد على صواريخ تنطلق من البحر، بدلا من إرسال جنود على الأرض. ومثلما كان الامر أيام حرب العراق عام 2003، يُتخذ القرار من قبل القائد الأعلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما وحلفائه في لندن وباريس، وليس من قبل رئيس مجلس الأمن الدولي. وتقول واشنطن لمفتشي الأسلحة الأمميين العاملين في سورية: “لا تضيعوا وقتكم. إنكم متأخرون ولم يعد بوسعكم تغيير أي شيء”، تماما كما قالت لمن سبقهم في العراق عام 2003. مرة أخرى، هناك تحضيرات لشن اعتداء تم التخطيط له مسبقا، دون أدنى اعتبار للقانون الدولي وتفويض مجلس الأمن الدولي. حتى يمكننا أن نلصق إعلانا على باب مجلس الأمن يقول: “خارج الخدمة حتى إشعار آخر”.
إن عواقب اللجوء الى عملية عسكرية ضد سورية، بدلا من الاعتماد على مفاوضات متعددة الأطراف، ستكون بعيدة المدى. لكن أول من سيدفع ثمنها، وبدرجة أكبر، هو الشعب السوري. ويضطر السوريون للانضمام الى الكثيرين الذين سبق أن راحوا ضحية المعايير المزدوجة الالسائدة اليوم. وستزداد حدة المواجهة لتتجاوز حدود منطقة الشرق الأوسط كثيرا. إن الإفلات من العقاب لم يعد ممكنا. ويشعر الناس في العالم برمته باشمئزاز وغضب. والشيء الوحيد الواضح هو أنهم سيبدون ذلك الشعور.
سيريان تلغراف | روسيا اليوم