مقالات وآراء

هل قيادة حماس أخطأت, أم هي مستهدفة؟ .. بقلم العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم

هل قيادة حماس أخطأت, أم هي مستهدفة؟ يسر ويثلج قلب كل من الادارة الامريكية وإسرائيل تعثر أية حركة من فصائل المقاومة. ولكن تعثر, أو سقوط, أية حركة أو فصيل من فصائل المقاومة الوطنية, أو العربية, أو الاسلامية, لا يسر احد من المسلمين والعرب, ولا أي حر ووطني في أرجاء العالم. واهتمام وسائط الاعلام  بتتبع ما تعانيه حركة حماس على كافة الاصعدة في الفترة الأخيرة, وحتى توجيه اللوم  والنقد لكل من السيدين إسماعيل هنية وخالد مشعل. رغم أن هذه الوسائط الاعلامية  هي من كانت تشيد بحماس واسماعيل هنية وخالد مشعل. وهي اليوم تضرب بمناقيرها الحادة حركة حماس  وهنية ومشعل  فور تأييد بعض الانظمة الخليجية ,التي  ربما تتبع لها أو تمولها, أو ترتبط معها ومع الاعلام الامريكي بصداقة وطيدة, للنظام الجديد في مصر العربية, بعد الاطاحة بمحمد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين في مصر. ومن هذه الوسائط فضائية العربية و صحف الحياة والشرق الاوسط والمستقبل.

حماس

وغداً ربما فضائية الجزيرة وغيرها من فضائيات الفتنة  وهذا بعض ما نشرته هذه الوسائط الاعلامية عن حركة حماس :

• فمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات ترى أن الاطاحة بمرسي شكلت ضربة قوية لحركة حماس, بعد قرارها مغادرة حلف المقاومة العام الماضي. وسخرت المؤسسة من تصريحات اسماعيل هنية, حين قال: أنه لا يخشى من التداعيات الحالية. ومؤسسة الدفاع المذكورة ردت على هنية, بتقريرها, الذي جاء فيه: إن كان شعور هنية هذا هو حقاً, فينبغي عليه الخوف, سيما وان ما تبقى لحركته من رعاة,  هم دولتين محسوبتين على معسكر الدول الغربية, وهاتين الدولتين يتم إغرائهما بالتخلي عن حماس, وألقائها تحت العجلات.

• وأن إسرائيل سربت تقارير عدة عن حماس, ومنها: أنه في مطلع عام 2005م, تم الكشف عن محور لنقل اموال انتقلت من قيادتي حماس والجهاد الاسلامي  في سوريا إلى إقليم كوان جو جنوب الصين, ومن ثم إلى الأذرع لحماس والجهاد في غزة. وحصلت مجموعة من رجال اعمال فلسطينيين  وأقرباء على أموال من سوريا, اشتروا بها ملابس وألعاب صنعت في الصين. وأرسلوها عن طريق إسرائيل إلى غزة من أجل رياض أطفال في الظاهر, ولكنها كانت للبيع. وقسم المال  بين المنظمتين, وكان كله مخصص لأهداف عسكرية.

• وأن دعم حماس لمرسي والاخوان المسلمين في مصر, جر على حماس:

1. سخط بعض الانظمة والحكومات, وهو ما تحدث عنه معهد واشنطن, حين كتب يقول: الدعم المالي المعلن لمصر من السعودية والامارات  بعد اقصاء محمد مرسي, يعكس مدى النشوة  بالإطاحة بإدارة مرسي وجماعة الاخوان المسلمين, والجماعة تعتبر عدوهما الاول.

2. والاستاذ محمد حسنين هيكل, قال: لا يملك أي رئيس أن يتجاوز حدود الأمن القومي المصري. والأمن القومي لأي دولة محدد  باستمرار بالجغرافيا  والتاريخ. والأمن القومي المصري يستند إلى العلاقة مع سوريا, وهذه العلاقة لا تقبل المناقشة. وإذا أخرجت مصر من العلاقة مع سوريا وفقدت التأثير على الوضع في سوريا, ستخرج مصر من آسيا بالكامل. وهذا الكلام يحمل بين طياته انتقاد لحماس الذي  انتهت علاقاتها مع سوريا إلى الطلاق.

3. والخلاف بين حماس والنظام الحاكم حالياً في مصر يزداد على ما يبدوا اتساعاً. والسيد يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس حكومة حماس في غزة اسماعيل هنية. نشر مقالاً على موقعه عبر الفيسبوك, هاجم فيه المؤسسات الأمنية المصرية, وقائد الجيش عبد الفتاح السيسي, ووصف ما قام به الجيش بأنه انقلاب غبي وفاشل. وقال يوسف رزقة: أن الرئيس المعزول محمد مرسي سيعود لحكم مصر رغم أنف العسكر والإنقلابيين كما أسماهم. وهاجم رزقة المسيحيين المصريين, والشباب واليساريين, وجبهة الانقاذ, الذين قادوا حملة تمرد. ووصفهم بالفشلة والمتآمرين على المشروع الإسلامي. مؤكداً أن ما حدث من تحولات في مصر كلها في صالح إنضاج التجربة الإسلامية الحديثة.

4. وان أجهزة الأمن المصرية تتهم حركة حماس بالتدخل لدعم مرسي. وأنها تدخلت اثناء ثورة 25 يناير فأطلقت سراح السجناء من سجون مصر. وأن لها وجود في ميدان التحرير و ميدان رابعة العدوية, وأن لها وجود في سيناء ورفح. وحت ان لها وجود مسلح في مصر. و البعض يعتبر أن عملية قتل وتصفية عمر سليمان من قبل اجهزة الأمن الاميركية سببه إسكات عمر سليمان قبل وصول مرسي إلى الحكم , لأنه كان مكلف بالملف الفلسطيني وملف المصالحة وملف التفاوض بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية, وخاصة ملف حماس.

• وأن جميع التقارير الإسرائيلية (كما ذكر موقع فتح دك), تجمع على أن حماس من أكبر الخاسرين بسقوط مرسي. وإذاعة الجيش الإسرائيلي، قالت: أنه لا يوجد أي تغيير في سياسة حماس، ومازالت متمسكة بعدم ارتكاب أي أعمال مباشرة ضد إسرائيل، ومازالت تمنع الفصائل الفلسطينية من إطلاق أي صواريخ من القطاع على الأراضي الإسرائيلية.

• وأن خلاف حماس مع النظام السوري جر عليها خسارتها الدعم السوري، الذى تولى الإنفاق عليها وتدريبها, واستضاف قادتها لسنوات طويلة. كما أن النظام يتهم حماس بمشاركة مقاتلين من كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحماس، بجانب المعارضة السورية. وأن حماس سلمت مواقعها الحصينة وحتى سلاحها للمعارضة السورية. ورغم تصريحات قادة حماس المتلاحقة التي تقر بدعم سوريا وإيران وحزب الله لها, ومحاولتها تبرير موقفها الجديد المعادي للنظام, على انه جاء بسبب أن حماس  تقف مع الشعب السوري, إلا أن هذه التصريحات والنداءات لم تلاقي أذاناً صاغية من أحد.

• وأن الصداقة الجديدة والوطيدة التي نسجها مشعل مع الامير القطري  المعزول والعاهل الاردني, وحاكم تركيا أردوغان, جرت على الحركة  ريح عاتية, ومنها:

1. خسارة الحركة للدعم العسكري والمالي والتقني من  إيران وحزب الله.

2. وإقصاء حاكم قطر  عن حكم قطر وهو كان صديق  وحليف خالد مشعل, كان بمثابة طعنة من الظهر لقيادة حماس. كما أنه  وضعها بمواجهة مع حاكم قطر الجديد, الذي كلف من الادارة الاميركية بإصلاح ما افسده والده, وكذلك إعادة العلاقات بين قطر وبين كل من حماس  وجماعة الاخوان المسلمين إلى المربع الأول الذي كان في عهد جد الامير الجديد. وهذا معناه خسارة حماس للدعم المالي الوفير  والسخي الذي كانت تتلقاه من قطر, والذي تقدره بعض وسائط الاعلام بمئات الملايين من الدولارات. وحتى هذه الملايين بات  بعض عناصر يسألون  ويستفسرون عن مصيرها, بعد أن بدأت حماس تعاني من أزمة الرواتب بشكل فج, بعد أن قطعت إيران مساعداتها عن حماس.

3. قيام العاهل الاردني بزيارة القاهرة بعد إقصاء مرسي. وكانت هذه الزيارة هي الزيارة الأولى للنظام الجديد من قبل أرفع مسؤول عربي وأجنبي. وهذا معناه أن النظام الاردني مرتاح لعملية أقصاء مرسي وجماعة الاخوان المسلمين التي تدافع عنهما حماس بشراسة.

4. الضياع الذي يعانيه أردوغان نتيجة المظاهرات  المستمرة والمنددة بسياساته, وتخلي الادارة الاميركية عنه, وانهيار جبهة حلفائه الممثلة بحاكم قطر ومرسي الرئيس المعزول في مصر. والتوتر الذي يسود علاقات تركيا مع كل من روسيا والصين وإيران والاتحاد الأوروبي.

• وأن إقصاء مرسي عن حكم مصر بعد خسارة حماس لداعميها  البررة، مقابل رهان مشعل وهنية على مرسي في مصر. بدا وكأنها خسرت كل شيء، وباتت تخوض حرباً من أجل البقاء. وهذا مما يثير قلق الإسرائيليين, ويرفع درجة استعدادهم, تحسباً لعمليات عشوائية من حماس فيما يشبه عرضاً انتحارياً.

• وأن لمشعل ملكية شخصية لمزارع وبيوت وفيلات في دمشق ومناطق أخرى.

• وأن السوريين الذين يصلون صلاة الجمعة في مسجد الرئيس حافظ الأسد المزة بدمشق  تنتابهم  الحيرة من مواقف مشعل الحالية, وكلامه بعد صلاة الجمعة في استراحة المسجد وبحضور خطيب المسجد الشيخ عبد الباري, وهو يشيد بالرئيسين حافظ وبشار الأسد وبأفضالهما الجمة على حركة حماس وعليه شخصياً. ويتساءلون عن سر تناقضات مواقف وتصريحات خالد مشعل. وأذكر بهذه المناسبة انني اجتمعت مع السيد خالد مشعل في إحدى الجمع, وبعد انصراف المصلين بقيت وإياه لأكثر من ساعة واقفين في الشارع العام, وهو يحدثني عن حزنه ممن يتآمرون على حماس, وعن محبته لسوريا ورئيسها. ووعدني بزيارة بعد أن سجل عنواني ورقم هاتفي. وحين راسلته مهنئاً بتسلمه  رئاسةً حماس, وصلتني رسالة على بريدي الالكتروني بأنه سيتصل بي لاحقاً, ولكنه حتى الآن لم يتصل ويفي بوعده, وعدم الوفاء بالوعد لا يقره الشرع ممن هو مسلم أو من يدعي أنه رجل دين.

لا يسرنا ولا يسر عربي ومسلم ووطني ومؤمن في أصقاع الأرض , تشرذم أو انقسام  أو تعثر أو سقوط أو هزيمة أية حركة مقاومة وأي فصيل مقاوم  وأي حزب مقاوم , يتصدون ببسالة وشجاعة وعزيمة لقوى الصهيونية والاستعمار وإسرائيل. لأن مثل هذه المصائب تحزننا وتفتت قلوبنا وأكبادنا, وتصيب قضايانا المصيرية بأضرار فادحة , والمستفيد أعداء العروبة والاسلام وإسرائيل. ونتمنى على حماس أن تتحرك بجدية وسرعة لمحاسب  كل من أخطأ, وتعيد تصويب جهة ومسار الوجهة والاتجاه, وأن ترد على هذه الوسائط الاعلامية على الأقل.

سيريان تلغراف | العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock