بلدنا اليوم

آخر فتاوى الشهيد البوطي بشان ما أثارته خطبته عن “النفير العام” وعن وجوب دعم الجيش السوري

أثارت المواقف الأخيرة التي أطلقها الإمام المغدور محمد سعيد رمضان البوطي، الذي شيع اليوم شعبيا ورسميا ودفن مع حفيده في الجامع الأموي بدمشق قرب ضريح صلاح الدين الأيوبي، جدلا كبيرا في أوساط المعنيين من جمهور المؤمنين المسلمين في سوريا، لاسيما منها تلك المتعلقة بـ”النفير العام” دعما للجيش السوري، فضلا عن مواقف أخرى له ذات صلة كان أطلقها خلال الأسبوع الأخير من حياته، والتي جرت عليه غضب الإسلاميين الوهابيين والأخونج من كل حدب وصوب ، وأدت إلى اغتياله كما هو معتقد.

SYRIA-CONFLICT-ATTACK-RELIGION-FILES

هنا بعض الأسئلة التي وردته حول ذلك من جمهور متابعيه ، وردوده على أسئلتهم ، مقتبسة من موقعه الرسمي المعروف باسم”نسيم الشام”، علما بأن اثنين من محرري الموقع الذين يساعدونه في عمله من تلامذته استشهدا في تفجير جامع “الإيمان” الإرهابي :

1- هربت من الجيش خشية التسبب بالقتل

السلام عليكم ورحمة الله، أرجو الإجابة من الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، أنا كنت في صفوف الجيش السوري لغاية 9 / 1 / 2012 أكملت الخدمة الإلزامية سنة ونصف وعشرة شهور كاحتياط ولكن لم أتسرح فهربت، علماً أني أقم بالأعمال القتالية كي لا أتسبب في مقتل أحد وإلى الآن أنا فار خوفاً من الفتنة والقتل، هل يعتبر فراراً من الزحف؟ علماً أني هربت لأن الأمر اختلط علي واستخرت الله سبحانه وتعالى وتحت إلحاح الأهل والأقارب قررت الهرب.

الجواب:

إن عرفت أو غلب على ظنك أنك ستكلف بقتل نفس بريئة بغير حق، من خلال وجودك في الخدمة العسكرية، ففرارك مشروع، وإن علمت أنك ستُدعى إلى قتال الصائلين الذين يقصدون إلى العدوان على الأرواح البريئة أو تخريب المنازل والبنى التحتية أو اغتصاب البيوت من أصحابها، فالاستجابة واجبة، والفرار من هذا الواجب فرارٌ من الزحف، وقد أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن من قُتِل دون دمه أو ماله أو دينه فهو شهيد. وأنت تعلم ما الذي يجري اليوم.

2- لماذا تحول الحكم من الاعتزال إلى الدفاع عن البلاد

فضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أما بعد لقد أحدثت خطبتك الكريمة في يوم الجمعة بتاريخ 8 – 3 – 2013 جدلاً كبيراً في الوسط الإسلامي. وقد كان منهجك على مرّ عامين يدعو إلى التهدئة والعودة الصادقة لرب العباد وحقناً للدماء ولم تلتفت إلى سيل الانتقادات والهجوم العارم على شخصك ومنهجك في هذه الأزمة مما زاد من حبي لك وإكباري لخلقك السمح الكريم. ولكن يا سيدي.. خطبتك الأخيرة أحدثت شرخاً كبيراً في صفوف المسلمين، فهذا ما لمسنا في الشارع السوري. فسماحتك حتى هذه اللحظة لم تستنكر أي فعل للقوات النظامية على إجرامها وجبروتها تجاه المدنيين والآمنين. وأكاد أرى أن من يهب الآن إلى النفير العام كما تفضلت في خطبتك فسوف لن نرى إلا المزيد من المجازر وزهقاً للأرواح. أتمنى عليك أن تتكرم برد صريح وواضح لما أسلفت من خطبتك الكريمة وبرهان مبين يستند عليه المسلمين. ولا تنسونا من خالص الدعاء. والحمد لله رب العالمين.

الجواب:

إنني كنت متهماً من أول الأحداث بأني منحازٌ إلى تأييد الدولة، وذلك لمجرد إنكاري على الذين كانوا يتداعون إلى المسيرات، لعلمي بأنها خطة جهنّمية ستنتهي إلى هذا الذي انتهت إليه. فإنكاري عليهم وتحذيري لهم من الدخول في تلك المقدمة التي ستجرّهم إلى هذا المصير، جعلني في نظرهم منحازاً للدولة. والأمر كما هو واضحٌ بالبداهة ليس كذلك.

واليوم وقد تحققت النتيجة التي كنت أحذر منها، وتبين أن حرباً كونية حقيقيّة تدور رحاها على سوريا، تديرها الصهيونية العالمية والمسيحية المتهوّدة في أمريكا، ينوب عنها (في العمل على تدميرها ثم لملمة أجزاءها وتصنيع دويلات مجزأة متفرقة منها) مرتزقة العالم المجرمون من أصحاب السوابق والسجون وما يسمى بالقاعدة التي ابتدعتها أمريكا، مع أطنان الأسلحة المتنوعة التي تنهمر إلى هذه الأرض المباركة من كل حدب وصوب، إلى جانب تحوّل الجيران كلهم إلى أعداء ينفخون في نيران هذه الحرب.

ونظر الجيش بل نظر المواطنون إلى هؤلاء الآلاف المؤلفة من المرتزقة ومن لفّ لفهم، وقد دخلوا سوريا وراحوا ينفذون الخطة المرسومة، من التغلغل في الأرياف، والتسرب إلى داخل البيوتات طوعاً أو كرهاً، ليوجهوا من هناك حمم الموت وأطنان المتفجرات، إلى المدينة التي تحيط تلك الأرياف بها، ثم ليقفزوا منها إلى المدينة فيهلكوا ويخربوا ويسفكوا ما طاب لهم ذلك، أملاً في أن تسقط المدينة أطلالاً فوق أكوام القتلى من النساء والرجال والأطفال .. فماذا يقول لك العقل، بل ماذا يقول لك الدين، ولأفرض أنك القائد الأعلى للجيش. مقتضى سؤالك الذي توجهه إليَّ أنك تأمر الجيش بكل عدّته وأعداده أن يقبعوا في معسكراتهم وأن يتركوا المواطنين وأموالهم ومصانعهم وبناهم الاقتصادية والتحتية لما سيفعله الأشرار بهم وبها، وعندئذٍ سنجد أن سوريا قد اختفت من الخارطة وأنها تحولت إلى لقيمات تلوكها إسرائيل ثم ترميها أمشاجاً مبعثرة هنا وهناك، وتنظر فإذا حصاد هذه الخطة المدبرة من القتلى أضعاف أضعاف الذين تجرّم الجيش اليوم بمقتل الذين تترّس المسلحون المرتزقة بهم.
قل لي .. أفهذا ما كان على الجيش والدولة أن تمارسه؟ ما أظن أن إنسانيتك مسخت فيك إلى هذا الحد، وما أظن أن جهلك بمقاييس المصلحة في الدّين آل بك إلى هذا الحد.

وإن كان لديك رأي وجيه آخر فيما ينبغي أن يفعله الجيش فأرجو بيانه في منهج منطقي ديني مفصل .. وهذا السؤال موجه إلى المشايخ الذين غيّروا معتقدهم فجأة، وأرسلوا من السعودية فتوى شرعيّة بوجوب تدمير سوريا !..

3- النفير العام متى يجب والمقصودون منه

سيدي لم أفهم هل تم إعلان النفير العام, ووافقتم عليه؟ وإن كان كذلك, فهل هذا يعني أنه على كل جامعي أو وحيد للأب أو للأم, أو ذو عمل وأنهى خدمة العلم أن يلتحق بصفوف الجيش؟؟ وهل هذا شرعاً صحيح ؟؟!!! إننا نهرب من دماء المسلمين اليوم المسلم يقف أمام المسلم ويقتله بدم بارد (وأؤكد لك أن الخطأ والقتل من الطرفين سيدي) فهل هذه فتواكم للنفير والالتحاق بأحد صفوف جيوش هذه الفتنة العظيمة ؟؟

الجواب:

أولاً: لست أنا الذي أعلن وجوب النفير العام. وإنما الشرع هو الذي يقرر في باب الجهاد أن دار الإسلام إن غزيت من محاربين دخلوها مقاتلين، وجب على أهل تلك الدار أن يقاتلوهم ويردوهم على أعقابهم .. وهذا ما قد تم اليوم فقد دخل سوريا من سائر الجهات مئات الآلاف من المرتزقة والمقاتلين من سائر البقاع، وأنا لا أقصد السوريين المعارضة، الذين أصبحوا هدفاً للمرتزقة الوافدين.

ثانياً: الدفاع عن دار الإسلام لا يكون حصراً بالقتال مع الجيش، بل يكون بأي نوع من المساعدة التي يتمكن المكلف من تقديمها، مما تحتاج الدولة إليه، وانظر في إجابتي عن السؤال السابق يتبين لك الحكم جيداً.

4- تطبق صورة النفير العام اليوم كل بحسب ما أقامه الله به

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد، أنا أنهيت الخدمة الإلزامية في الجيش العربي السوري في عام 2006 وأنا الآن موظف في شركة خاصة، كيف لي أن أقوم بواجبي فيما ذكره المجلس الأعلى للإفتاء بأن الالتحاق بالجيش فريضة ؟ هل المقصود هو تلبية دعوة الجيش عند طلبي للالتحاق به أم أنه علي الذهاب من تلقاء نفسي والالتحاق بالجيش؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً. السؤال موجه للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.

الجواب:

لا يا أخي، لست مكلفاً بالانخراط في الجيش حصراً بل المطلوب في هذه الحالة، أن يقدم المسلم المكلف المعونة التي تحتاج إليها الدولة، إن تقديم بيوت للمنكوبين الذين اغتصبت منهم بيوتهم واحدٌ من الأعمال المقبولة، تقديم المال للمحتاجين كذلك، الانخراط في مساعي الصلح كذلك، الأعمال العسكرية من الخبير بها كذلك، وانظر في الإجابتينالسابقتين تزداد تبصراً في الحكم.

5- هل يتعارض النفير اليوم مع حديث إذا التقى المسلمان بسيفهما

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ارجو ان يصل سؤالي للدكتور حفظه الله بما انه اعلن النفير العام وعلى من باستطاعته الالتحاق بالجيش العربي السوري ان يلتحق فنحن سنحمل السلاح بوجه اخوتا لنا ايضا الا ينطبق علينا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (اذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)وكثيرا ما كنت تحاول ان تتجنب هذه الامة هذه الفتنة ارجو توضيح هذه النقطة وجزاكم الله خيرا

الجواب:

الحكم الشرعي المعروف في باب الجهاد في كتب الفقه لا علاقة له بشقاق أو محاربة تكون من فئات مسلحين داخل الوطن الإسلامي، وإنما يتمثل هذا الحكم في الموقف الذي يجب أن يتخذه المسلمون إن دخل دارهم الإسلامية أناس غرباء مقاتلين ومحاربين، كشأن المرتزقة وما يسمى بالقاعدة الوافدين من أقطار الدنيا مدججين بأنواع الأسلحة، تنفيذاً لقيادات تدفعهم وتخطط لهم في الخارج ابتغاء القضاء على سوريا وتفتيتها إلى دويلات، إن سورية اليوم تحارَب من هؤلاء القادمين من خارج سوريا والذين لا يُحصى عددهم .. ما حكم الشريعة الإسلامية في هذه الحال؟ الحكم هو وقوف أهل البلاد جميعاً في وجه هؤلاء المحاربين، وهذا الحكم لا علاقة له من قريب أو من بعيد من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما … إلخ) وانظر في الإجابة الثانية والثالثة والرابعة لتزداد بصيرة بالأمر.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أسأل الله ان يحفظ سوريا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين وان يعيد نعمة الامن والامان عليها واساله ان يرحم الشيخ العلامه البوطي رحمة واسعه وان يحشره مع خير الخلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ،واساله ان ينصر من نصر دينه ويخذل من خذل دينه

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock