عودة الخوارج .. بقلم نبيل صالح
وها قد جاء «أمير القوقاز» برفقة لحيته إلى «شام شريف» ملتحقاً بصفوف العثمانية (لواء السلطان محمد الفاتح) ليطهر أرض الإسلام من المشركين ويدحر كفار قريش من حلب وإدلب وعموم دار الإيمان.. وقد سبقته “كتائب” و”ألوية” المسلمين: الفاروق و ابن الوليد والأنصار و القعقاع وأبو بكر وعثمان والصحابة…خارجون من كل بئر عميق، وسواطيرهم تحصد رقاباً أينعت تحت ظلال الرايات السود.. أما الرسول الأعظم فلم يأت لأن بندر وهيلاري أم المؤمنين تسنما مكانه في قيادة الجيش الإسلامي الحر !؟ وهاقد اكتملت قيامة أموات الأمة وتلبدت سماءنا بعجاج التاريخ الأغبر وكأننا في مسلسل من إنتاج قطري سعودي وممثلين عربان وسوريين لتصحيح رسالة محمّدٍ الأمين وتطهير الأرض من الزنادقة والفاسقين، بدءاً بالمعري مروراً بطه حسين وصولاً إلى أدونيس.. والسؤال: كيف يمكن أن نجري حواراً بين القرن الواحد والعشرين وكائنات القرن السابع الميلادي لصناعة حكومة معاصرة، وكيف يمكن أن ننجز سلاماً بين الراعي والذئاب؟!
إئتلاف غير مؤتلف وجيش حرّ رجعي ومختلف، قوامه لصوص وعصابات متناحرة ترضع البترو دولار وتتبول سواده على الحضارة السورية العريقة.. فهل نتخلى عن دماء الشهداء والهدف السامي الذي أريقت لأجله التماسا لرضى التكفيريين!؟
الآن وبعدما وضحت الصورة أمامنا، وبتنا نعرف أن القوة الرئيسة في التمرد المسلح يقودها الإخونجية الذين جمعو أعدادا كبيرة من الريفيين والمتعصبين الجهلة الذين يرون في الماضي مستقبلا لهم بدليل أن خليط العصابات المسماة ” كتائب وألوية” لاتشتمل على أي مجموعة من مكونات طوائف الطيف السوري بما فيه السنة المعتدلون الذين يرفضون حكم الإخونجية، كما يرفضونه اليوم في مصر؛ ذلك أن العروبيين تأكدو من تحالف الإخوان مع واشنطن حليفة إسرائيل، وآخر دليل دعم الأمريكان المعلن ل “الإئتلاف” السوري الذي تسيطر عليه جماعة الإخوان؛ والإخوان ياعيني جماعة سلفية عنيفة يشهد عليها 86 عاما من عمرها المشبوه، وهي من باضت وفرخت كل الحركات التكفيرية التي التقت مع الجماعات الوهابية كما التقى أيمن الظواهري مع أسامة بن لادن، فهل تبقى من شك لذي عينين ؟ فلو كانت ثورة لما أحجمت عنها بقية الطوائف السورية التي عانت من الإستبداد أيضا ياروحي ..
أما الحوار فينضج بعدما ينتهي الجيش العربي السوري من تطهير الأرض من أسراب عناكب الماضي التي تسللت عبر ثقب زمني أسود… ولا تهاون أو رحمة مع الزواحف والقوارض التي تتسلل عبر الأنفاق والمجارير، وسائر «الكواسر» و«الجوارح» وكل هذا «الموت القادم من الشرق» الذي تنبأ به المخرج السوري نجدت آنزور قبل عقدين من الزمان واستهجن الناس رؤياه بالأمس إلى أن عاشوها اليوم ..
وها قد عاد خوارج الأمة الإسلامية تحت رايات «القاعدة» و «الإخونجية» وصار للموت ماركات إسلاموية وألوية وكتائب عنصرية، فهل تتصالح رقابنا مع سواطيرهم، وشرفنا مع غرائزهم، وعقلاءنا مع عراعيرهم، أم نواجههم بما استطعنا من قوة العقل لا النقل، لسلوك طريق الله الواسعة دون دروب جهلة الطوائف وزواريبهم الوعرة ؟! الحق واضح وبيّن لا لبس فيه، تمهد طريقه وحدات الجيش الوطني، كشركة معتمدة ومفوضة من سائر الملل والنحل، لوصل مدننا بقرانا ودمجها داخل شبكة السلام السوري المرتجى إنجازه، وسنستمر برفد هذه الشركة الوطنية العريقة طالما فينا عرق ينبض، غير عابئين بألاعيب السياسيين وكواسر هذا الزمن المدمى على امتداد الساحة العربية والإسلامية؛ وسنواجه عصابات خوارج اليوم كما واجهتهم جيوش الدولة الإسلامية زمن علي ومعاوية على الرغم من خلاف الرجلين المعروف، فقد اتفقا على مواجهة خطرهم على الإسلام الرسمي والدولة المدنية التي احتضنت سائر الأقوام والأمم في رحمها الشامي حتى اليوم..
نصيحة: للرفيق كيري في مهمته السورية، فإن السوريين يفضلون جبنة “كيري” لطراوتها وسهولة مدها فوق الخبز، حتى بعدما أغلق معمل جبنة «أبو الولد» الفرنسي الذي كان ينتجها فقد استمروا باستيرادها، لهذا من الأفضل مد سياسته نحو الخبز المعجون بأيدٍ سورية، أي بأن يتجه إلى محاورة الداخل السوري نظاماً ومعارضة بدلاً من العودة إلى عصابة هيلاري المدعوة بالإئتلاف إلى آخر التسمية الفضفاضة على مكوناته.. فلا أحد هنا في سوريا يعترف به بما فيه المسلحين ومعارضي الداخل الموجودين فعلياً على أرض الخلاف.. ونأمل أن يكون كيري بالذكاء الذي يدفعه إلى إلغاء خبز كلينتون المحروق إذا أراد أن يصل إلى غير ما انتهت إليه من فشل بحجم عامين عنوانه (سقوط الأسد مسألة أسابيع.. ) بينما سنوات الأسد مستمرة لأن سوريا بلد طبيعي لتناسل وتكاثر السباع فيه..
تنويه: كان على مسلحي المعارضة أن يقتلو أحداً غير ياسينو المحايد لكي نصدق روايتهم ، وفي المرة القادمة من الأفضل أن يكون ممثلا معارضا لكي تظبط معهم .. نحن بانتظار المتاجرة بحلفائكم أيضا.. من أجل زخم الثورة ..
نبيل صالح
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)