أبعد مما تراه العين
بالرغم من أن ما ترونه في الصور هو مجرد جدارٍ ملونٍ بمجموعة من الشرائط المشرقة، هذا لا ينفي أبداً كونه عنصرٌ وطني، كيف لا وأنتم في نفس الموقع الذي اصطاف فيه القائد النازي أدولف هتلر على إثر فشل انقلاب ميونخ، وفي نفس البلدة التي كتب فيها الجزء الثاني من كتابه “كفاحي”.
كيف ومتى وأين؟ إليكم التفاصيل:
أنجز فريق LAVA مؤخراً مشروع تجديد هذا النُزل الشبابي في بيرختسغادن في ألمانيا، واعتمد خلال عملية التصميم على إعادة تفسير عناصر محددة.
فعلى سبيل المثال، تم تحويل بهو المدخل القديم في النزل، الذي امتلأ فيما مضى بأعلامٍ حقيقة، حتى بات الآن مزيناً بشرائط من الألوان، التي يمكن فقط لأصحاب العيون الثاقبة رؤية الأعلام الوطنية للبلدان الأوروبية مدمجةً فيها.
فبفضل هذه الألوان القوية المشرقة، حصل المصممون على تناقض قوي مع المواد الطبيعية المحلية المستخدمة في الواجهات وقطع المفروشات، والتي تتمتع بمستوى عالٍ من العمل الحرفي الدقيق.
يُذكر أن الهدف من هذا المشروع قد تمثّل في تصوّر وبناء نوعٍ جديدٍ من المساحات، حيث يدور جوهر التصميم حول الأفكار المتعلقة بفردية المساحة.
وقد توصل فريق LAVA لهدفهم هذا عن طريق إعادة تنظيم المساحة الأصلية بطريقةٍ حذقة، تسمح بظهور مجموعةٍ جديدة من أنواع الغرف.
كما يدمج المشروع في استراتيجته الأساليب البيئية المستدامة، كبناء واجهةٍ ذات استهلاكٍ منخفضٍ من الطاقة على سبيل المثال، والاعتماد على التدفئة الأرضية، إلى جانب استخدام مواد البناء المحلية والاعتماد على الحرفيين المحليين أيضاً.
لكن بهدف تطوير المعايير التقليدية السابقة، عمد فريق LAVAإلى استخدام عددٍ من السمات التي لم تألفها سابقاً معظم النُزل الفندقية؛ من بينها تقديم مناطق متعدد الأغراض تكون فعالة ومرحّبة للغاية بالمستخدمين، واستخدام المفروشات ومناطق التخزين المدمجة بالمبنى، إلى جانب التخلي عن السمات التي اعتدنا أن نراها في المباني ذات طراز الثكنات العسكرية، بالإضافة إلى تنظيم مناطق النزل بطريقة متكاملة بصرياً.
ولكن للتماشي مع الطلب الأساسي المتزايد نحو نُزلٍ بسيط ومصمم بشكلٍ فردي، كان على المصممين إيلاء اهتمامٍ خاص لتأمين مساحات ذات نوعية عالية تحفز على التفاعل وتقوي الإحساس الاجتماعي.
حيث ارتأى المصممون ابتكار غرف نومٍ مختلفة باستخدام كتلٍ قديمة بطرائق مختلفة؛ وبما أن المشروع يعتمد على تحويل ما هو قديم، يمكننا أن نرى بوضوح استخدام الخشب في ديكور غرف النوم الجديدة في الطابق الأرضي، مع التنويه هنا إلى استفادة المصممين من السقف الخشبي في المطعم القديم، ما يعني إحداث ضررٍ أقل بالبيئة.
بالحديث عن البيئة، لا يسعنا أن نغفل الانتباه الكبير الذي أولاه المصممون للتقليل من الاستهلاك الإجمالي للطاقة، الأمر الذي نتج عنه في النهاية مبنى فعال وكفوء للغاية من ناحية استهلاك الطاقة والتأثير على البيئة.
في الختام نشير إلى أن هذا المشروع قد أُنجز بالتعاون مع الجمعية الألمانية للنُزل الشبابية، حيث حاز فريق LAVA على اللقب الفائز في مسابقةٍ أُجريت لتجديد النُزل في عام 2009، أما عن الأبنية الأخرى في نُزل بيرختسغادن الشبابية، فسيتم تجديدها في الأعوام القليلة المقبلة.