بعد “السفيرة”.. الجيش السوري يحشد لمعركة الخناصر
أعلنت جبهة النصرة النفير العام، وحاولت تكثيف تواجد عناصرها في قرية “الخناصر” بريف حلب والقريبة من منطقة السفيرة، وذلك في محاولة منها للاستعداد قبل وصول الرتل العسكري الذي أرسله الجيش السوري لاستعادة السيطرة على تلك المنطقة وفك الحصار عن منطقة معامل الدفاع.
وبحسب مصادر جبهة النصرة فإن الرتل العسكري يتألف من 3000 جندي و35 دبابة حديثة ت92 و25 سيارة انتر ورشاشات ثقيلة وراجمات صواريخ متطورة، وهو أضخم رتل حتى الآن يتوجه إلى المنطقة.
ولم تتمكن جبهة النصرة ومعها كتائب أحرار الشام الاسلامية من الثبات في قرية الخناصر ولاسيما بعد أن سقط عدد كبير من القتلى خلال الساعات الأولى للاشتباكات حيث ذكرت مصادر الجبهة أنه سقط بين صفوف عناصرها أكثر من عشرين قتيلاً.
منذ أيام كانت جبهة النصرة قد اعترضت طريق رتل مؤلف من أربع دبابات وسيارات إمداد، وتمكنت بحسب مصادرها من إعطاب دبابتين والسيطرة على الإمدادات التي كانت متجهة من مطار النيرب نحو معامل الدفاع بحسب نفس المصادر.
لكن الرتل العسكري الحالي يتطلب التصدي له أكثر من كمين على الطريق، لأن عديده وعتاده يفرض على الجبهة إما أن تنسحب من مناطق سيطرتها، أو أن تحسم المعركة في تلك المنطقة. وبحسب مصادر الجبهة فإن قيادتها قرأت الأمر على أن “النظام” قد وضع كل ثقله في هذا الرتل العسكري، وأن المعركة سوف تكون الأخيرة فعلاً، لذلك حشدت الجبهة كل قواها واستنفرت باقي الكتائب لمواجهة الرتل القادم وتدميره.
وتمكنت وحدات الرتل العسكري من السيطرة سريعاً على قرية الخناصر التي تبعد 60 كم عن السيفرة وطوت آليات الرتل المسافات سريعاً لتتوقف على بعد 15كم من معامل الدفاع، حيث كانت جبهة النصرة، تحاول حشد عناصرها لمحاولة وقف تقدم الرتل الجرّاف.
وقد حدثت اشتباكات عنيفة في قرية أم عامود شاركت بها إلى جانب جبهة النصرة كل من كتائب أحرار الشام وحركة الفجر الاسلامية، وأمام قوة الرتل العسكري اضطرت الكتائب أن تستنجد ببعض الكتائب المتمركزة في مدينة الباب والتي اتجه بعضها فعلاً للمشاركة في وقف الرتل العسكري، بحسب ما ذكرت مصادر جبهة النصرة.
وانضمت قرية الجنيد إلى ميدان الاشتباكات العنيفة التي كانت تجري طوال الساعات الماضية بين ميليشيات جبهة النصرة ووحدات الجيش السوري.
وسرعان ما بدأ الوهن يسري في نفوس مقاتلي جبهة النصرة، وبدأت صفحاتهم الإعلامية تمهِّد لخبر الهزيمة وذلك من خلال إعلانها عن مشاركة فرقة كاملة في المواجهات الدائرة هي الفرقة 18 بحسب قول تلك الصفحات التي تحدثت أيضاً في ظل إحساسها بالوهن، عن وجود أعداد من الإيرانيين في صفوف الرتل العسكري دون أن تقدم دليلاً على صحة مزاعمها، وزاد من الوهن في نفوسهم الأعداد الكبيرة للقتلى والجرحى حيث تحدثت مصادرهم في تلك الساعة عن وجود أكثر من 100 جثة في قرية أم عامود وقرية جنيد وهي خسارة كبيرة لجبهة النصرة باعتراف مصادرها. واستطاع الرتل أن يتقدم ويقف على بعد 10كم من السيفرة ليقوم بالقصف ويوقع بحسب المصادر 16 قتيلاً من المسلحين الذين يحاصرون المنطقة. في الوقت الذي قالت فيه مصادر الجبهة أن عناصرها بدأت تعاني من نقص الذخيرة جراء شراسة الاشتباكات.
وفي العاشرة من مساء الأربعاء الماضي أصبح واضحاً أنه لا شيء يمكنه وقف تقدم الرتل العسكري، فتحدثت الصفحات المعارضة التابعة لجبهة النصرة عن معارك شرسة تجري شرقي السيفرة وأن ما سمتها بـ “قوات الطواغيت” لم تتمكن بعد من دخول معامل الدفاع التي تعتبر الهدف الرئيسي للعملية.
وهنا بدأت نداءات الاستغاثة تخرج من تحت أنقاض الإحساس بالهزيمة الوشيكة، واعتبر أحد “مجاهدي” النصرة أنه يجب إرسال برقية سريعة، وأن تعرض على كافة شاشات التلفزة المؤيدة لهم كي يصل الخبر إلى جميع الألوية والكتائب لمؤازرة المجاهدين بحسب تعبيره.
ولم يبق أمام صفحات المعارضة التي كانت منذ ساعات تهدد وتتوعد بإبادة الرتل العسكري وتدميره، إلا أن تنكفأ على نفسها وتحاول تبرير الهزيمة التي سوف تنتشر أخبارها بعد أيام، فأشاعت هذه الصفحات متأخرةً أن قوات النظام تستخدم المدنيين دروعاً بشرية وأنها تتبع سياسة الأرض المحروقة، وبالتزامن مع هذه الادعاءات كانت الصفحات حريصة على إعلان “الفزعة” ومطالبة كل من يستطيع أن ينضم إلى ما سمته بـ “معركة الرتل”.
في صبيحة اليوم التالي أي 7 شباط تحدث أحد مجاهدي النصرة ويلقب بـ “محب الصحابة” وكتب على صفحته في الفيسبوك “أخبار الرتل لا تسرّ ودعواتكم للمجاهدين الذين يعانون من نقص الذخيرة”.
وبحسب مصادر جبهة النصرة التي أكدت وصول الرتل العسكري إلى محيط معامل الدفاع، فإنها عزت ذلك إلى “خذلان” الكثير من الألوية والكتائب والمجالس العسكرية، وقالت هذه المصادر ساخرةً أين كتائب التصوير وسرّاق العمليات الجهادية؟ في إشارة منها إلى كتائب الجيش الحر. وهذا ما أكده الإعلامي موسى العمر الذي قال: من قاتل في السيفرة هم الاسلاميون وغدر بهم المنتفعون الذين يأتون على أنقاض المعركة للغنائم والتصوير” بحسب ما كتب على صفحته في تويتر.
وفي حين اشارت هذه المصادر أن الجزء الأكبر من الرتل العسكري ما زال متواجداً في قرية القبتين على بعد 13 كم حيث تحاول عناصر جبهة النصرة عرقله تقدمه باتجاه السيفرة، فإنها أكدت أن تقدم هذا الرتل من شأنه أن “يكسر الكتف الشرقي لحلب” بحسب تعبيرها وأن المعركة ليست معركة مدينة السفيرة وحسب وإنما لهذا الرتل العسكري أبعاد كبيرة بحسب ما قالت. وهذه الأبعاد كما شرحت المصادر هي فك الحصار عن معامل الدفاع وتقوية نفوذه بهذه المعامل لتذخير قواته تمهيداً لاقتحام مدينة حلب من هذه الجهة.
وحالياً فإن الاشتباكات تمتد من مداخل معامل الدفاع إلى قرية القبتين والجنيد التي تبعد كيلومترات عديدة عنها، وبات من المؤكد أن الأيام المقبلة سوف تشهد أعنف المعارك التي تهدف إلى السيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية وشديدة الأهمية.
سيريان تلغراف | وكالات