يا “القرضاوي” .. كفاك طائفية .. بقلم حميد حلمي زادة
يفترض بعالم الدين ان يكون حذرا في كل حركاته وسكناته، ودقيقا حينما يتحدث او يخطب في الناس، لانهم سيحملون كلماته على محمل الجد، ويعتبرونها فتاوى شرعية في مسائل الحلال والحرام والاباحة والكراهة … وما شاكل ذلك.
بيد ان هذه الحقيقة تكون مختلفة جذريا اذا ما تحول علماء الدين ـــ لا سمح الله ـــ الى وعاظ للسلاطين، واطلقوا الاقاويل وفقا لما تشهيه مصالح حكامهم المرتهنين ــ اساسا ــ لاستراتيجية “الغرب المتصهين”.
والذي دعانا الى اثارة هذه الاشکالیة، هو المواقف الفتنوية لرئيس ما يسمى بـ “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي” في مضمار تحريض ابناء الامة على اعتناق التطرف والعنف والارهاب والتكفير والتعصب والطائفية، متجاهلا فی نفس الوقت اعداء المسلمين والعرب الحقيقيين، وهم زعماء “اسرائيل” و”اميركا” واوروبا”، و جرائمهم المنكرة واحقادهم المستعرة وتدخلاتهم السافرة فی شؤون المنطقة والعالم.
فالقرضاوي بتصريحاته النارية والاستفزازية ضد ايران وسوريا والمقاومة اللبنانية الباسلة، هو مشمول ــ شاء ام ابى ــ بالحديث النبوي الشريف المشهور في جميع كتب الروايات والتاريخ الاسلامي: ((شرُ امتي العلماء اذا فسدوا)).
الغريب جدا ان “الشيخ القرضاوي” ، وهو بالمناسبة كان محسوبا على تيار الوسط الاسلامي ، كانت له مؤاخذات حتى على بعض مؤلفات المفكر المصري (الشهيد سيد قطب)، معتبرا اياها “كتابات حادة ومتطرفة جاءت نتيجة للظروف العصيبة والقاسیة التي عانى منها المؤلف الراحل في السجن في ستينيات القرن الماضي”.
السؤال المطروح هنا: ترى ما حدا من ما بدا وما الذي تغير في نهج يوسف القرضاوي حتى صار اليوم “داعية للتعصب الطائفي والممارسات التكفيرية والاعمال الدموية في بلدان العالم الاسلامي، ولا سيما في سورية” ؟!
من المؤكد انه ليس هنالك انسان يعتبر نفسه رئيسا للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بينما يتعامل بازدواجية مع قضايا الامة، فيُحرم ثورة الشعب في البحرين ويعتبرها “طائفية” ويُحلل ازهاق الارواح البريئة للمواطنين هناك رجالا ونساء واطفالا بفعل آلة القتل الخليفية.
لكنه في طرف آخر يكاد يقيم الدنيا ولا يقعدها عندما تكافح سورية – وهي الدولة المقاومة – “الجماعات الارهابية التكفيرية” وعملياتهاالتدميرية المسلحة ضد البلاد والمواطنين، وهی عصابات مدعومة من قبل آل سعود وآل ثاني وحزب اردوغان، ویتم توجیهها عسكريا واستخباريا ولوجستيا من قبل الدوائر الغربية والصهيونية.
لقد فرض القرضاوي وحكام المحميات البترولية في منطقة الخليج الفارسي،على المقاتلين والمسلحين المتشددين في سوريا والعراق ولبنان وغيرها ، واقعا قهريا ــ بفعل الفتاوى والاموال ــ لا يسمح لهم بـ “التساؤل” و”النقاش” . فقد زين وعاظ السلاطين والحكام الخونة، لهم مجازرهم الدموية ومواقفهم الطائفية وذهنياتهم الاقصائية التكفيرية، حتى باتوا لا يتورعون عن ارتكاب اية جريمة او مهمة قذرة بـ “اسم الدين”.
المثير للسخرية ان هؤلاء الوعاظ والسلاطين الذين استباحوا ثروات الشعوب الاسلامية يرفضون رفضا باتا “تطبيق الشعارات التحررية والديمقراطية” التي يسوقونها في الشرق الاوسط، في بلدانهم الخليجية ذاتها” ، بدليل انهم ارسلوا قوات هجينة الى البحرين تحت مسمى “قوات درع الجزيرة” لقمع الشعب العربي المسلم الثائر على سلوکیات الظلم والعنصرية والطائفية هناك، واصرار “آل خليفة” على تجاهل التطلعات العادلة والمشروعة للمواطنين المسالمين الذين لا تزيد مطالبهم علی احترام حق المواطنة والمساواة والعدالة للجميع ، بعيدا عن النعرات المذهبية والقبلية المرفوضة في جميع الشرائع والقوانين والاعراف.
السؤال الاهم في هذا السياق هو: اين هي خطب القرضاوي وفتاواه من الجرائم اللاانسانية والاعمال الارهابية التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق اهلنا في فلسطين والقدس الشريف ولاسيما في غزة هاشم؟!
وهل هذا هو جزاء ايران وسورية قيادة وحكومة وشعبا، اللتين لم تتخليا قط عن المجاهدين الفلسطينيين واللبنانيين منذ اكثر من (34 عاما)، واللتين بدعمهما لهم اذاقوا “اسرائيل وجيشها الذي لا يقهر” الهزائم المخزیة في الاعوام (2000) و(2006) و(2008) واخيرا وليس آخرا في (تشرين الثاني 2012)؟
من المهم هنا ان نحتکم الی القران الکریم بهذا الشأن حیث يقول الباري عزوجل فی محکم کتابه:
{يا ايها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم وانتم تعلمون} الانفال 27
واضح من هذه الاية الكريمة ان مسؤولية الدعوة الى الله تعالى والاضطلاع بمهمة هداية بني البشر، هي امانة ما بعدها امانة. وفي ضوء ذلك يتبين ان “انتقائية القرضاوي” في التعامل مع قضايا امة النبي الاعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم”، هي خيانة سافرة وخطيرة تجرده من صلاحية التفوه باسم الدين والشريعة والعدالة والمروءة.
ويبدو ان “رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” بات يتلذذ برؤية ضحايا التفجيرات الغادرة و”السيارات والاجساد”المفخخة في سوريا والعراق وباكستان، وضحايا القمع الخليفي في البحرين، لان هذه العمليات الارهابية يتم تنفيذها بوحي من الافكار الوهابية المنحرفة و”فتاوى القرضاوي” ذي الجنسية القطرية بناء على اوامر اولياء نعمته “آل ثاني” الذين حولوا بلادهم الى قاعدة عسكرية واستخبارية كبرى لخدمة المؤامرات الصهيواميركية.
حميد حلمي زادة
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)