من فعاليات الحرب الناعمة التي تشنها الولايات المتحدة واسرائيل على شعوب المنطقة منذ العام 2000 وحتى اليوم هو الدفع بقضية ما يسمى الاقليات الدينية والإثنية في العالم العربي الى الواجهة بشكل يجعل من قضايا تاريخية وديمغرافية حالة نفور وتنافر مع الواقع العربي .
المؤتمرات التي تخصصت في طرح القضايا الخاصة بالاقليات تملك مشتركا ظاهرا يتمثل بالتمويل الاميركي الصهيوني لها، وادارة المنظمات الاميركية الصهيونية لفعاليتها بما يحقق مصالح اسرائيل اولا في تقسيم الدول العربية الى ملل وطوائف تختبئ خلف حدودها الديمغرافية خوفا من الاخر .
لأجل الفوضى الخلاقة في الشرق العربي دفعت ادارة جورج بوش الابن بالمنظمات الاستخبارية (الحقوقية) الاميركية الصهيونية والمموّلة من الكونغرس الذي استضافها اعضاؤه ورعى مع الادارة الاميركية العشرات من المؤتمرات التي رفعت شعارات الدفاع عن الديمقراطية ولكن تنفيذها في العراق مثلا ادى الى قيام التقسيم بشكل غير معلن، وادى في مصر الى تصاعد الحالة التنافرية بين الاقباط والمسلمين في مصر وصولا الى حرب اهلية بين الطرفين تؤدي الى تقسيم مصر ، وهو المشروع الذي يعمل عليه اقباط المهجر من اصدقاء اسرائيل منذ سنوات.
قاد تلك التحركات الاميركية التي تستغل القضايا المتعلقة بالاقليات منظمات تمولها الادارة الاميركية وبعضها وجه ناعم للاستخبارات مثل :
معهد الدفاع عن الديقمراطية في واشنطن (مؤسسه اسرائيلي وبرز من شخصياته وليد فارس الصهيوني اللبناني المعروف)
معهد هريتاج – واشنطن
معهد ميمري (اسسه اسرائيلي)
بيت الحرية (واجهة للاستخبارات الاميركية )
وعشرات من المنظمات الاسرائيلية والاميركية المتصهينة.
للاطلاع على فعاليات تلك المؤتمرات وعلى من شارك فيها يلحظ وجود اسم اسرائيلي لا يمكن نسيانه ابدا كان دائما من المشاركين في تلك الفعاليات ، انه ناثان شارانسكي، الوزير الاسرائيلي السابق الذي انتقل الى الولايات المتحدة لمتابعة عمله الجديد في الترويج لما اسماه ” ثقافة الانشقاق” من اجل الديمقراطية.
(فضلا راجع بعض الروابط لتجد اسماء شخصيات عربية وسورية مشاركة في فعاليات مؤتمرات ومنظمات جنبا الى جنب مع شارانسكي . )
قبل الحرب الاطلسية على سورية كانت المنظمات الاميركية والصهونية قد استمالت بعض المهاجرين من السوريين وحوّلتهم الى ادوات لها باسم الدفاع عن الاقليات ، وشارك هؤلاء باسم الاقليات في بحث قضايا ” الاشوريون والسريان في سورية ” وفي بحث قضية العلويين ، و المسيحيين في سورية من منطلق حاجة تلك الاقليات الدينية الى حماية
بدأت تلك اللغة المستغربة التي تبنّتها ادارة بوش فيما يخص الاقليات وكأنها اضغاث احلام تسارع خلالها الاقليات في العالم العربي الى طلب النجدة من المخلص “بوش الابن”. حصل الغزو الاميركية للعراق ونجحت الخطة الاميركية جزئيا من خلال الكيان الكردي، ولكنها لم تنجح في حل مشكلة الاقلية المسيحية التي كانت مخططا لهم ان يقيموا كانتونا داخل العراق ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك لانهم رفضوا هذا المنطق فدفعوا ثمنا باهظا هو تهجيرهم الشامل من العراق بعدما رفضوا التورط في المشاريع الاميركية التقسيمية.
الان يعيد الاميركي والاسرائيلي اللعبة نفسها في سورية ، فبعدما ثبت للجميع بأن الطائفية والتحريض المذهبي لم ينجحا في ايصال مشاريع التقسيم في سورية الى خواتيهما التي تسعد الاسرائيليين والاميركيين، فبدأوا يعدون العدة لاستغلال الحرب على سورية بمساعدة المسلحين في الداخل للنيل من السوريين عبر دفعهم للاحساس بانهم اقليات تحتاج للحماية لا مواطنين في بلد كبير وموحد اسمه سورية.
الغريب حقا ان يدعو منظمون صهاينة وممولين من قتلة الشعوب الى مؤتمر يبحث في قضية حماية الاقليات في سورية ، واين ؟ في اسطنبول التي عانى الشعب العربي من ظلم دولتها العثمانية على مدى اربعة قرون وعلى رأس من عانوا من الظلم العثماني هم الاقليات .
ففي السادس والعشرين من الشهر الحالي تعقد المنظمات الصهيونية الاميركية بمشاركة معهد اريئيل الاسرائيلي (له واجهة حقوقية تركية) مؤتمرا في اسطنبول سيبحث في قضية حقوق الاقليات ومسألة حمايتهم !!
التركي الذي يقدم الملجأ لكل القتلة الارهابيين على اراضيه لينطلقوا منها لقتل السوريين، والتركي الذي يقاتل بالحديد والنار الاقلية الكردية في بلاده يريد ان يعلم السوريين كيفية حماية الاقليات بعدما قتل حلفائه من الارهابيين السوريين الافا من كل السوريين وليس من الاقليات فقط.
والادهى انهم دعوا بعض المأجورين لقبض ثمن دماء ابنائهم العملاء من خلال فعالية لتكريم ” اهالي شهداء الثورة من الاقليات” وليس غريبا ان حضر ممثلون عن جبهة النصرة في ذاك المؤتمر لتكريمهم على حمايتهم للاقليات بقتل البررة من ابناء سورية كافة.
هي سخرية القدر ام من العقول حين تشارك الدولة التي قضت على المسيحيين في فلسطين في تمويل مؤتمر عن الاقليات السورية ؟ وهي سخرية حين يشارك معارضون تبنوا للتو جبهة النصرة الارهابية كعضو فعّال في ثورتهم الوهابية في مؤتمر للدفاع عن أقليات تقتلهم الثورة وجبهة النصرة عامدا متعمدا.
مؤتمر صهيوني سيشارك فيه عملاء وصهاينة وسيكون لهم غطاء مقبول من العقول ولكن فضائح هؤلاء لن يخفيها التخفي فناثان شارانسكي لن يكون مخلّص سورية ولا برنار ليفي ومن سيشاركون في ذاك المؤتمر ليسوا سوى مجموعة من لصوص التاريخ والقتلة ممن يمكن الحصول على ولائهم بالعطايا….اليست اسطنبول المقر السابق للسبايا ؟
سيريان تلغراف | وكالات