في خطاب الأسد حصاد وفير .. هل وضع الربيع العربي أوزاره ؟ .. بقلم نارام سرجون
اذا كانت حفنات الثورجيين ستصب جام غضبها على خطاب الرئيس الأسد وستصوب أنصال خناجرها لتمزيقه وانكاره .. فاننا لن نمتدح خطاب الرئيس الأسد كيدا لهم وتعصبا أعمى للرئيس .. فهذا النوع من الخطابات لايناسبه الهجوم ولا المديح ..
من يهاجم الخطاب فلأنه لم يقدر على انزال الهزيمة بالأسد فيمزق الهواء بالصراخ وتصبح الأقلام تكتب بعصبية حركات قرون الثيران المتوترة وهي تنزف في مصارعات الثيران .. أما المديح والاطراء السخي فلا يليق الا ببلاط الملوك والفراعنة .. فخطابات الملوك والأمراء هي التي تكسى بالمخمل وتوشى بالقصب ومذاهب الكلام وذهبه .. لأن للملوك حاجة ماسة للمديح وانحناء ظهر اللغة وهي تقبل أياديهم المرتجفة .. ولأن قلوب الملوك تتشقق ظمأ اذا لم تشرب الثناء والشكر في كؤوس البلاغة .. وكلام رؤساء المومياء والمحنطات التاريخية وملوك الماموث وأمراء الرذيلة هو الذي يريد حقنه بالحياة وحرارة النفاق ومصول التزييف والتزوير والفياغرا كي ينهض .. ولأن زعماء الورق والصدفة الغبية الذين يجرهم تيار الزمن من ياقاتهم نحو المتاحف هم الذين يبحثون عن حبال اللغة المثقلة بالمراسي النحوية وبديباجات البيان ..
مانحتاجه للتعامل مع خطاب هذا الرجل الحديدي الذي تحدى العالم حتى الآن هو أن نبعد عنه المديح ماأمكن عندما سيهرع اليه المديح كما هرع اليه الجمهور الذي اندفع بعد نهاية الخطاب ..فالمديح يحب المنتصرين .. ومانحتاجه هو ضبط انفعالاتنا وتقييدها وحبسها في أقفاص الأضلاع مع قلوبنا.. فهذا خطاب رجل نحتاج ورشات علم اللغة وعلم المجتمع والسياسة لتفككيه ومعرفة أخلاطه ومركباته لأنه ليس صادرا عن ملك أو أمير من ملوك وأمراء الربيع العربي وسياسيي الروث العربي .. بل هو خطاب منسوج من قماش النصر ومحاك بخيطان الثقة .. انه اعلان نهاية مرحلة الربيع العربي !!..
فعلى حدود هذا الخطاب انتهى فصل الربيع العربي البغيض .. وفي هذا الخطاب وضعت الثورة الاخوانية أوزارها وانتقلت الى لعق جراحها .. انه أجرأ خطاب للأسد على الاطلاق .. لأنه خطاب الشعب السوري وعصارة صموده لعامين، ولأن الأسد كان يعرف أنه يقرأ رسالة كتبها الشعب السوري وأنه زعيم هذا الشعب العنيد .. وما قرأه الأسد كان بيان شعب محاصر قرر أن يجدل من البرد أغنية من نار .. وأن يعصر من الألم النبيذ ليكون لذة للشاربين .. كان الأسد ناطقا باسم الشعب ليوصل رسالة الى العالم .. رسالة من الشعب الذي استعمل لأول مرة في تاريخ الحروب قلوبه المرصوفة كالمتاريس بدل أكياس الرمل .. وصارت قلوبه مشاعل .. ومجامر البخور الوطني .. ووضعها على حدود الوطن كأشجار النخيل العالية وأحراج السنديان الكثيفة لتصد الرياح وعواء الذئاب..
أما الغرباء و”جيوشهم الحرة” وجبهات نصرتهم وكتائبها فكانوا يوقدون نارهم من النفط وأسرجة بني عثمان ويتمترسون خلف أكياس الرمال العربية الصحراوية وأكياس الفتاوى وأكياس اللحى .. حيث فقد الكلام العربي صوابه وشرفه وانهارت السدود الأخلاقية والوطنية .. وكأن اللغة شاخت وابيضّ شعرها وسقطت أسنانها وتجعد جلدها .. وأصيبت بالخرف والشيخوخة فصارت تهذي بالجاهلية الأولى ووأد البنات والبلاد .. وهاجمتنا بوحشية فيضانات الرذيلة والخيانة التي انفلتت من سدودها العتيقة التي بناها لنا الأنبياء وملوك الشرق العظام ..فهذا يصافح الغرب بلحيته وذاك يتبرع بلحمنا لبني عثمان ..
ولكن وقفنا جميعا في هذه العواصف وكانت صدورنا هي المواقد .. وقلوبنا هي المجامر .. ودمنا كان البخور .. وكانت المتاريس مبنية من قلوب فولاذية مرصوصة على الحدود السورية ..وفي كل الشوارع ..
يبدو الآن وبشكل يقيني بعد عامين أن الأسد ليس ضعيفا بل هو أقوى مما كان .. و يبدو جليا أن شعبه لم يتعب من وقوف متاريسه “القلبية” في وجه المغول والتتار والسلاجقة والصليبيين الذين جاؤوا دفعة واحدة من كل ممرات التاريخ والجغرافيا .. ولعل عبارة “الشعب يعدهم بأنه لن ينسى” والتي قالها الأسد في خطابه نقلا عن الشعب وتحت ضغط الجماهير هي التي تعكس القوة ورباطة الجأش الشعبي ومزاج التحدي لدى جمهوره .. فهذه عبارة لايقولها مهزوم .. ولايقولها من يسترحم أو من يتسول الخلاص.. هذه عبارة هي احدى مراكز القوة في كل الخطاب الرئاسي وهي مركز ثقل رئيسي .. وهي أول مرة ترد في خطابات الأسد .. وتطفو على مياه البحر السوري الذي بدأ موجه يتحرك كالجبال ..
“نعدهم أننا لن ننسى” هي العبارة التي اصفرّ لها قلب أمير وصار بلون الموز الأصفر .. وسيجف حلقه وسيطلب الماء ليكون الى جانب سريره في الليل والنهار ليشربه في “طاسة الرعبة” وسيضع منذ اليوم تحت وسادته الحجابات والتعاويذ لتحميه .. وهي العبارة التي سيلعن بها ملك آخر من ملوك الفياغرا الساعة التي قرر فيها الدخول في معركة من هذا النوع مع شعب عنيد من هذا النوع .. و”نعدهم أننا لن ننسى” هي أيضا عبارة سيتلوها همس في الشمال السوري يقول بالعربية الركيكة: أمان ياربي أمان ..أمان ياربي أمان ..
أما هناك في الجنوب ..جنوب الجولان السوري .. فهناك من يعنيه هذا الوعيد وبدأ يبني الأسوار والسياج الواقي على نافذة الجولان .. وهو سينام في ظلال القبب الحديدية ولن ينام في فراشه بعد اليوم .. فليس من المعقول أن ننسى أن أصدقاء سورية الذين اجتمعوا في كل العواصم هم في الحقيقة “أصدقاء اسرائيل” وكل هذا القتل والموت والعذاب كان من أجل اسرائيل وأمن اسرائيل .. ونحن قررنا أننا لن ننسى ..كل الدول التي اشتركت في حفلة الموت ورقصة النار ..وعلى رأسها الراقصة سالومه “الاسرائيلية” وأمها أميريكا .. التي أرادت رأس يوحنا المعمدان في دمشق..ثانية ..
فعبارة “نعدهم أننا لن ننسى” ليست من صنع الأسد بل رسالة شعبه الى الخارج .. وما الأسد الا رسول ينقل رسالة الشعب السوري.. لكنه ينقلها في توقيت يعرف من خلال موقعه القيادي كرئيس أنه يستطيع الآن أن يترجمها بالحرف لأنه صار يقف بين زمنين يملكهما تماما هما الماضي والمستقبل .. فالشعب السوري لن ينسى .. وغضبه وحسابه قادم .. ولن ينسى أعداؤه بعد اليوم هذا الحساب .. وسيقولون .. لن ننسى هذا الغضب..
كل من راقب الخطاب ولغة الثقة وتوقيت الكلام الرئاسي يشير الى تقارير مثيرة للقلق من أن الأسد اختار هذا التوقيت والظهور لأنه أمسك الآن بيديه أقفال الربيع العربي وصار بامكانه أن يضع الربيع في القفص وأن يغلق عليه الأقفال في سورية.. وصل الربيع الى سورية ليقفل عليها في زنزانات الظلام فاذا به ينتهي في الأصفاد ومرميا خلف القضبان لايرجو من هذه الدنيا سوى حسن العاقبة والمصير..
أما في تسلسل بنود مبادرة الأسد فيلاحظ أن أول بند هو اشتراط تعهد الخارج بايقاف السلاح والمال وايجاد آلية لتأكيد ذلك ليتلوه توقف عمليات الجيش السوري ليعقبه حوار وعفو .. هذا في علم السياسة شرط يضعه الطرف القوي الذي يملي وجهة نظره والطرف الذي يعرف أن هذه المعادلة السياسية لها اتجاه واحد فقط ولاتقبل السير في اتجاهين .. لأن من يمارس التخمين وفن التدويخ والغيبوبة في الأزمة السورية يضع الأشياء ضمن معادلة (البيضة والدجاجة) .. من أين يبدأ الحل ؟؟ البيضة أولا أم الدجاجة؟؟ .. أي من سيوقف الفعل كي يتوقف رد الفعل؟ .. أي يتشاطر البعض ويقول بأن الحل يبدأ من ايقاف الجيش السوري عملياته فيوقف الممولون والحاضنون الرعاية للمسلحين (المظلومين والثائرين) .. وهي قلب للمعادلة الواقعية 180 درجة .. وفي هذا تحويل دفاع الجيش العربي السوري عن الشعب السوري الى عمل اعتداء على الشعب واعتداء على المسلحين يجب أن يتوقف ..وهو شرعنة لعمليات القتل التي قامت بها مجموعات القتلة باسم الثورة..
وهؤلاء في قلبهم لهذه المعادلة يريدونها معادلة “خديعة” كما هي عادة شخصيات محور الشر التي لاتعرف الا الخديعة والغدر .. أي يطلب هؤلاء أن يتوقف الجيش السوري عن الدفاع عن بلاده فيما يستمر الدعم والتمويل سرا للمسلحين ريثما توجد القوى الشريرة ثغرة تمرّ من خلالها ثانية .. هذا مايسمى في علم الربيع العربي (حصان طروادة) .. فهذا الاتجاه في المعادلة يعني نفسيا أن الجيش السوري يحس بالضعف وأن الشعب وقائده مرتابون في حتمية انتصارهم فيقبلون بايقاف هجومهم فتتخلخل صفوفهم بانعدام الثقة بأنفسهم .. أي يجري تمييع الانجاز الأمني والعسكري للجيش السوري وللدولة والشعب السوري وفي نفس الوقت يتم تحويل التقهقر والتآكل في قدرات المسلحين وأعدادهم الى انجاز وصمود ..
وفي هذا النوع من الصراعات العسكرية لايمكن للطرف المدافع أن يقبل بايقاف دفاعه (الهجومي) كي يوقف المهاجم هجومه .. فالمهاجم هو من يوقف الهجوم ليتوقف الدفاع .. فالمدافعون عن القلاع هم من يجب أن يستمر في الدفاع الهجومي ضد الطرف المهاجم الخارجي المعتدي.. ولاتتوقف الحرب حتى يقبل الطرف الخارجي بايقاف هجومه .. وليس بأن يوقف المدافعون دفاعهم .. وأي قبول من المدافعين بعرض المهاجم بادخال حصان طروادة هو المقتل نفسه .. والسياسي السوري ليس سياسيا ساذجا كي لايفهم اللعبة .. ومن هنا يبدأ الخط الأول في معادلة لاعكوسة ..وهي تعهد واتفاق على ايقاف الدعم والتسليح والتمويل .. ليتتابع شلال الحل بسلاسة ..
أن ظهور الأسد دوما يعني نهاية مرحلة وبداية أخرى وهذا مايبدو جليا منذ بداية الأزمة السورية وأحاديث الأسد التي شكلت مفاصل الحدث السوري وتنقلاته عبر المراحل .. ففي المراحل السابقة كان الأسد يشرح للشعب الوضع الاقليمي والعالمي والداخلي وتعقيدات كل منهم ويجيب على بعض القلق والغموض في الأحداث الدولية .. لكنه اليوم ينتقل الى توصيف النهايات ومراحلها وكيف يجب أن تبدأ النهايات والمستقبل .. وهذا الظهور مؤخرا ماهو الا مقدمة لمرحلة لاتشبه المراحل السابقة .. وظهور يأتي بعد “حصاد وفير” .. فهناك على الأرض توافر لآليات أمنية وعسكرية ومعطيات غزيرة عن كل تفاصيل المجموعات المسلحة المتقهقرة .. وهناك ايضا تفكك غريب لبعض المجموعات المسلحة .. وهناك تفاوض مع مجموعات كثيرة تطلب القاء السلاح .. بعضها لم يعد يريد سوى الرحمة .. وبعضها يريد محاكمة عادلة .. وبعضها يطلب عفوا من الأسد شخصيا لأسماء محددة من قيادات المسلحين ..والغريب أن بعض المجموعات التي كانت هي الأكثر صراخا وتهديدا هي من قدمت التنازلات السخية بل وقدمت معلومات مثيرة عن المجموعات الأخرى ..الرؤوس صارت تبيع الرؤوس ..وبعض الرعاة يعرضون الأغنام للمقايضة .. والجيش السوري يحصل على معلومات شديدة الدقة عن جبهة النصرة من أكثر حلفاء جبهة النصرة التصاقا بها وحميمية لها..
ومن هنا بنى الأسد مبادرته ووعد بالعفو “الحكومي” لمن يلقي السلاح من السوريين في اطار المبادرة فقط لأن ماعلى طاولته من طلبات العفو من القيادات المسلحة ومن أسماء لامعة وضعت عدة خطوط تحت عبارة (كان مغررا بنا) أو (سوء تقدير وقراءة) لن يدهش البعض بل سيدهش الجميع ..
ولعل الأهم أن المسرح الدولي بدأ يغير ديكورات الربيع العربي وديكورات التنحي وتحرير الشعب السوري ..الستارة أسدلت على فصل انتهى وخلف الكواليس يتم التحضير لمشهد (الخروج السلمي مطلوب ومرغوب لتجنيب المزيد من العنف) ..والمخرجون وكتاب النص مختلفون على بعض التفاصيل.. مثل الفترات الانتقالية ومعانيها ..والبرلمان ومعانيه ..
وبرغم كل ماقيل وتم ترويجه عن تراجعات الأسد وماقيل عن بيع للجغرافبا فان خطاب الأسد أمسك بالجغرافيا كلها ووضع كل المقايضات في سلة المهملات .. فالجولان جولان وفلسطين هي فلسطين .. بل ووردت كلمة أراضينا المحتلة بعد الجولان وفي بطن هذه الكلمة يشير البعض الى مولود واحد فقط هو لواء اسكندرون وهذا التسلسل يعني أن الأولوية للجولان وفلسطين ولاتنازل عن اللواء اطلاقا .. بل ان بقاء فلسطين في أدبيات الخطاب السوري هي احالة رأس خالد مشعل الى محنط من محنطات الزمن الماضي ..بعد أن امتلأ نفطا وثروة بدل الثورة..
سلة المهملات التي بجانب الأسد امتلأت بنفايات الخطابات العثمانية وعضلاتها والمناطق العازلة والتدخل والفصل السابع وتنحي الرئيس وتهديدات الجامعة العربية وبطولات النعاج في النطح والتيوس في السياسة .. وملأتها الأيام والساعات بأنواعها من مثل الساعات الباقية له في الحكم أو ساعات الصفر .. وغيرها .. وفي سلة النفايات رأس ساركوزي ورأس هيلاري كلينتون ..وهناك رؤوس أينعت وحان قطافها والسلة تستعد لتلقفها..والحصاد القادم وفير ..وموسم الجني كريم هذا العام..رغم بعض الأشواك التي ستخز أصابعنا خلال الأشهر القادمة ..ففي الحصاد تتشقق الأيدي وتدمى الراحات ..والأشواك لن توفر فرصة لايلامنا قبل أن تتكسر ..ولايستبعد أن يجن جنون المجانين في الأيام القادمة ..لكنه جنون الاحتضار وجنون الهزيمة وخيبة الأمل من بعد كل هذه الوعود بنزول الملائكة لتمكين حكم الشريعة فاذا بالملائكة تعتذر عن تلبية الدعوة ..
في خطاب الأسد تحدث الشعب السوري بنفسه .. وتحدث المحور الدولي العظيم الناهض في الشرق من شواطئ المتوسط حتى الصين .. وفي مبادرته ادراك عميق لأن المرجعية هي الشعب ولاأحد غير الشعب .. ولذلك وضع كل شيء أمام هذا الشعب في صناديق اقتراع واستفتاء على كل شيء .. لن ينفرد بالقرار أحد الا الشعب السوري الذي سينفرد بقرار نفسه.. وهذا ليس لأن الاسد واثق من نصره في صناديق الاقتراع والاستفتاء بل لأن هناك ثقة مطلقة بالشعب واحتراما كبيرا لهذا الشعب الوفي الذي يستحق الوفاء والعطاء والانحناء .. وهو على يقين أن ماسيختاره ويقوله الشعب السوري هو الصواب واليقين .. لأن القوة التي كانت تمسك بكلمات الأسد من الواضح أنها مستمدة من الشعب ..
وسأقول رأيا هو رأيي الشخصي ورؤياي أنا .. ولاأدري ان كان الكثيرون يتفقون بها معي أو يختلفون .. وهي أنه لن يوجد في التاريخ السوري شخص سيملك هذه العواطف السورية الجامحة الجياشة ويمسك قلوب السوريين مثل الرئيس بشار الأسد .. ولن يوجد زعيم عربي سيحظى بقلب الشرق مثل الرئيس بشار الأسد لأنه ولمشيئة الأقدار ينهي انجازه الثالث بعد أزمتي حرب العراق ومحنة لبنان ..عبر النصر الثالث في الحفاظ على أرض سورية وهوية الشرق .. وفي زمن لم يبق فيه في كل الوطن العربي من مقاوم للغرب واسرائيل ..وفي زمن أضاع الشرق بطاقة هويته وذاكرته واسم أمه وأبيه وعنوان بيته وحقيبة ثيابه وكتبه المدرسية .. وهذا الرئيس في موقف يتحدى فيه الدنيا ويبارزها بمهارة .. انه موقف لايجرؤ عليه زعيم في الشرق كله ..ومن تجرأ على ذلك خسر رغم شجاعته..
انني كنت أكتب طيلة هذه الأيام وأنا أغمس قلمي في قلبي .. أشق قلبي وأغرز القلم في أعمق نقطة من قاعه العميق حتى يرتوي القلم .. ثم أسكب مارشف على الورق .. وأسكب حتى يرتوي الورق بدوره ويفيض .. لأنه لم يكن أمامي وأمام كل الكتاب الوطنيين في هذا الجنون والسعار الا أن نشق صدورنا ونستخرج قلوبنا ونضعها على حدود الوطن كأشجار النخيل العالية وأحراج السنديان الكثيفة لتصد الرياح..
لكنني منذ اليوم سأغمس قلمي في قلب النصر واليقين .. وفي أعمق نقطة من قاعه العميق حتى يرتوي القلم .. ثم أسكب مارشف على الورق .. وأسكب حتى يرتوي الورق بدوره .. ويفيض..
نارام سرجون