ان تكون “بشار الاسد ” .. رئيس الجمهورية العربية السورية في العام 2013 .. بقلم خضر عواركة
مع بدايات الأزمة في سورية ، رسمت معاهد أميركية وإسرائيلية سيناريوهات نشرت الصحف العالمية معظمها، وفيها تفاصيل عن كيفية النهاية التي ستكون عليها الازمة السورية، وقد اتفقت دراسات وأبحاث هذه المعاهد السياسية (التي تصنع القرار وتوجهه في تلك الدول) على أن الأمر سينتهي بطريقة واحدة… سقوط النظام السوري وانتهاء حكم الرئيس بشار الأسد.
جرى تحديد أول موعد للسقوط الموهوم بعد أسابيع من بداية التظاهرات المعارضة،لكنه مضى وبقي الأسد، ثم قيل أن حماة وليس درعا هي التي سترسم النهاية، ولكن حماة لم تفعل، ثم أعلن وليد جنبلاط أمام السفراء الأجانب في بيروت عن أن بابا عمرو هي التي ستعجل في سقوط النظام وفي نهاية الرئيس! فعجّل الرئيس في زيارته وإعلان عمرانها.
جاء شهر رمضان 2011 ورحل، ثم جاء شهر رمضان 2012 ورحل، وذهب ساركوزي ووزير خارجيته وبقي الأسد، وتعلقت هيلاري كلينتون بـ ” قشة ” المعارضة السورية دون أن تنال ما حلمت به من نهاية مأساوية لرئيس وبلد لم يخشيا أربعمئة وخمسين ألف جندي أميركي غزوا الخليج لاحتلال العراق في 2003.
بدأ الجميع يحصي عدد الخطابات التي سيلقيها الرئيس السوري في استعادة لمشاهد سابقة من تونس ومصر وليبيا واليمن، وحددوا مواعيد سقوط جديدة، موعد أول وثان وثالث، ثم توقف العدّ منعاً للإحراج. حصل كل ذلك قبل أن تتحول الأزمة إلى حرب بين مجموعات مسلحة وبين الجيش العربي السوري. وبقيت خطابات الرئيس محدودة بالعدد وبالغاية التي لم تنقص ولم تتجاوز قول ما فيه مصلحة للبلاد.
تصرف يشير إلى الثقة التي يشعر بها الرئيس تجاه مناصريه، فهو يعرف أنهم معه ولن يتخلوا عنه، فراهن على وعيهم وكسب الرهان يوم نزل ملايين السوريين لتأييده، وصار رهانه أقوى من ذي قبل.
وبعد ما يقارب السنتين من بدء الأزمة ومن بدء العدوان لا حلب غيرت موقفها رغم البرابرة الذين غزو أحيائها، ولا تخلى أهل الرقة أو الحسكة أو دمشق عن تأييدهم له، وكما يقول مطلعون، فإن المحافظات التي يقول المعارضون أنها تواليهم لا تواليهم إلا جزئيا، أما الغالبية من أهلها فصامتة بقوة السلاح المعارض، ولهذا يخشى الغرب الحلول التي تحتكم إلى صناديق الاقتراع .
لا علاقة للأمر بالشعبية التي تحظها بها شخصية الرئيس الأسد، وهي شعبية موجودة وطاغية. بل الأمر أوسع وأكبر من الإعجاب بقائد أو زعيم، إنه الخيار العقلاني عند من يختارون بين استعادة استقرار عرفوه مع الرئيس بشار الأسد وبين خراب وتدمير وتهجير لم يعرفوه إلا مع معارضيه.
قيل في مراحل عديدة من الازمة: ” إنشقاق الجيش قريب” ولم ينشق، وراهنوا على هروب قيادات مؤثرة، فهرب مناف.. العسكري صورةً و” الراقص مع الذئاب” حقيقة، وبعده أنشق رئيس وزراء وبعض الديبلوماسيين وبقيت سورية عصية وبقي استمرار نظام الحكم موضع آمال ملايين السوريين من كل الطوائف، كما أن سقوطه أصبح حلم سوريين آخرين لا يبدو أنهم أغلبية، وإلا لما احتاج حلف الاطلسي إلى الأستعانة بالتكفيريين وبجيش القاعدة المرتزق من أموال الخليجيين (مئة الف ونيف يقاتلون في سورية من المقاتلين الاجانب والعرب ممن لديهم خبرات قتالية سابقة).
تصاريح لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي ومعه رئيسه هولاند تكاد لا تحصى، وهي شبه يومية، عن سورية وعن نظامها وعن رئيسها.
أما باقي الدول الأوروبية فحدث ولا حرج، كلهم في هوى الثورة السورية سواء… تصريح خلف تصريح، وتهديد خلف تهديد، وعقوبات تجر أخرى، وعنتريات سياسية، وتهديدات بالتدخل العسكري تارة، أو فعاليات ميدانية تشارك في حرب المرتزقة على سورية وتقود تفاصيل المعارك عبر ضباط أوروبيين موجودين على الأرض مباشرة تارة أخرى. أما الأميركيون والأتراك والقطريون والسعوديون، فقد ملّ المللّ من تناولهم اليومي للرئيس السوري ونظام حكمه، وللقضايا التي تخص سورية وشعبها.
ثرثرة فوق صفيح ساخن، وكل لسان في الكرة الأرضية يتلوى بحثاً عن أمجاد ستعطى للفاتحين المؤثرين في ملف سورية.. بينما المؤثر الأكبر، ولكنه الأقل كلاماً، شخص يجلس وراء مكتبه أو في غرف الاجتماعات أو في استراحة قصيرة مع أطفاله، يوصلهم إلى مدارسهم بنفسه ويعيدهم كل يوم وفي شتى الظروف ودون مظاهر امنية مشددة.
من السادسة صباحا وحتى ساعة متأخرة من بعد منتصف الليل يتابع الرئيس نشاطه في إدارة المعركة السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والديبلوماسية والدعائية والاجتماعية، يقرأ التقارير والخطط والمقترحات، يفوض هذا وينزع الصلاحية عن ذاك، يوقف وحدة عسكرية ويحرك أخرى ، يأمر وزيراً في الحكومة ويستشير خبيراً في ملف شائك، أعصابه باردة وشخصيته متماسكة وهدفه واضح، وقراره بخوض المعركة لا تراجع فيه، وهو مستند إلى سواعد ملايين هم بالنسبة له ” اليقين”، لأنهم الأغلبية التي تؤيده ولا تؤيد الإرهابيين وأرباب عملهم المعتدين.
بالنسبة لمعارضيه هو المشكلة، وبالنسبة للدول الغربية والخليجية هو العدو، وبالنسبة للمحايدين هو المجرب الموثوق. وبالنسبة لمؤيديه هو الخلاص والمخلص، وهو القائد الذي بدونه ستضيع البلاد وسيتفكك الأمل بالانتصار الموعود.
يقول عنه أحد زائريه (د. علي الشعيبي) “هو رجل تقوى، ولولا تقواه لما حفظ الله سورية، ورغم إيمانه بوجوب علمنة الدولة والحفاظ على مدنيتها إلا أنه على المستوى الفردي صاحب إيمان وعلاقة بالله قوية، فإيمانه الديني شخصي بينه وبين ربه، وآية إيمانه التواضع، فقد سقطت مني وأنا السبعيني كتبا كنت أحملها كهدية للسيد الرئيس، فانحنيت لالتقطها قبل أن أسلم عليه، فاوقفني رحمة بسني وتناول الكتب بنفسه ولم يمنعه بروتوكول الرئاسة عن التصرف برحمة وتواضع معي. لديه حب كبير للعلماء ويعجبه من الحديث ذكر الأخلاق النبوية وأخلاق الأتقياء، لذا ولأن موعدي معه كان محددا بنصف ساعة فقد مدده مرات ليتابع حديثه معي”.
يكمل الدكتور الشعيبي واصفاً شخص الرئيس : “هو شخصية ذات حضور آسر وعنفوانه الشخصي قوي جداً، وقوته لا تمحو تواضعه ولا تلغي كونه مهذباً جداً وحييّاً، وهي صفة الكاره للظلم المحب للعلماء وللأتقياء”.
يؤمن الرئيس الأسد أن الأخطاء لا تعالج بالتدمير والتخريب، وهذا ما يجعله رجلا يعرف أن للماضي سيرة يجب أن تروى وان للمخطئين حساب يجب أن يدفعوه.
إذن.. في خلاصة الحديث، يجب على أعداء سورية أن يتيقنوا أن العام 2013 سيكون أيضا عام انشغالهم بالرئيس السوري لأنه سيقاتلهم دون هوادة.
خضر عواركة
(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)