مقالات وآراء

جبهة النصرة .. لا مظاهرات للمعارضة دون شعارات إسلامية .. بقلم عبدالله علي

وصف أبو بصير الطرطوسي خطاب جبهة النصرة في بداية تأسيسها منذ عام ونيف بأنه “خطاب استعدائي تهجمي” وقال فيما يشبه النبوءة أن خطابها “لا يحقق مصلحة الشعب السوري و…… ومن شأنه أن يستعدي العالم عليها”، ولكن في تلك الفترة كان حتى أبو بصير بكل ما لديه من خبرة في التنظيمات الجهادية غير متيقن من حقيقة جبهة النصرة وصحة انتسابها إلى تنظيم القاعدة لذلك نراه يتحدث بطريقة مواربة وحذرة وتحتمل عدة تأويلات وتفسيرات.

لكن ما قاله أبو بصير تحقق وأثبت الواقع فعلاً أن خطاب وممارسة جبهة النصرة تتسم بالاستعدائية والتهجمية وحتى بالهمجية والإقصائية، لأنها وبعد حوالي أقل من عام على تأسيسها استطاعت الجبهة أن تفرض نفوذها على كافة الكتائب المسلحة الناشطة على الساحة السورية وذلك بما تملكه من خبرات قتالة عالية ومن أسلحة نوعية وعتاد متطور حتى أصبحت خلال هذا العام هي عصب العمل المسلح في سورية ونواته الصلبة. وقد تحدثت الكثير من التقارير الصحفية الغربية عن اتساع نفوذ جبهة النصرة وقوتها العسكرية وهيمنتها على باقي الكتائب والفصائل المسلحة.

جبهة-النصرة-الارهابية

حتى أن الولايات المتحدة الأميركية وبعد تردد طويل قررت وضع جبهة النصرة على لائحة التنظيمات الإرهابية، رغم أن نشاط الجبهة يمضي في نفس الطريق الذي تريده الولايات المتحدة وهو إسقاط النظام السوري، إلا أن تزايد قوة الجبهة بحيث أصبحت تشكل تهديداً لما بعد الحدود السورية، وكذلك ارتباطها القوي بتنظيم القاعدة في العراق الممثل بدولة العراق الإسلامية، اضطر الإدارة الأميركية أن تتخذ القرار السابق دون أن يكون واضحاً كيف ستقوم هذه الإدارة بتطبيق القرار وفي أي سياق ستطبقه؟ هل في سياق مكافحة الإرهاب أم سياق إسقاط النظام؟.

وهكذا فإنَّ جبهة النصرة وبعد نجاحها في فرض نفسها كأبرز فصيل مسلح بين الفصائل المسلحة التي تعمل ضد النظام السوري، فإنها أخذت تسعى إلى تحقيق أهدافها القريبة والبعيدة والإعلان عن خطواتها في هذا المجال بجرأة واستهتار وحتى دون أن تحسب أي حساب لمدى تقبل المجتمع السوري لهذه الأهداف وهذه الخطوات. بل إنها أخذت مؤخراً تضيّق الخناق حتى على بعض أطياف المعارضة التي من المفترض أنها تعمل معها في سبيل تحقيق هدف موحد هو التخلص من النظام القائم، إلا أن الحقيقة التي غابت عن أطياف المعارضة هي أن جبهة النصرة كما قال عنها أبو بصير الطرطوسي “استعدائية” وبالتالي من المستحيل أن تتفق مع تنظيمات إسلامية فكيف بتنظيمات وأحزاب مدنية تؤمن بالديمقراطية التي هي رجس من عمل الشيطان بحسب فكر القاعدة؟؟.

وإذا كان تشكيل “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” في حلب يعتبر مؤشراً حاسماً على المسار الذي تتخذه جبهة النصرة في تحقيق أهدافها بإعادة ترويض المجتمع وانتشاله من مستنقع جاهليته الجديدة وحمله إلى بر الأمان وشاطئ الأسلمة، إلا أن المفاجأة الكبيرة حدثت خلال هذه الشهر وتكررت مرتين مما يدل على أن جبهة النصرة عازمة ليس على أسلمة المجتمع وحسب وإنما حتى على أسلمة نشاط المعارضة وعلى رأس هذه الأنشطة: المظاهرات.

وهذا ما يدل عليه صراحة ما حدث في حلب للأسبوع الثاني على التوالي من تهجم أنصار جبهة النصرة على مظاهرات المعارضين وإجبارهم على رفع شعارات دينية.

ففي يوم الجمعة الماضي 14 -12- 2012 عممت جبهة النصرة من خلال المنظمين على كافة المظاهرات التي تخرج في ريف حلب الغربي برفع شعار (ألله أكبر) ولما عبّر بعض المتظاهرين عن رفضهم لهذا الشعار وقعت اشتباكات بالأيدي سرعان ما تحول إلى إطلاق نار حيث قام “لواء أنصار الخلافة” التابع لإحدى تشكيلات جبهة النصرة بإطلاق الرصاص بغزارة على المتظاهرين ما أدى لمقتل العشرات منهم، في حين إتخذ المشاركون بالتظاهرة والذين يتبعون لميليشيا الجيش الحر قراراً بمواجهة عناصر “جبهة النصرة” “معتبرين انهم هدروا دم الثوار بطريقة وحشية”، مطالبين بمحاسبتهم كما نقلت بعض مواقع الأخبار المحلية.

وعقب هذه الحادثة ساد توتر كبير بين الفريقين وسط خشية من تفاقم الأمر وخروجه عن السيطرة.

ويوم أمس الجمعة، ، تكرر نفس المشهد السابق ولكن بأسلوب مختلف. حيث قام أنصار جبهة النصرة باعتراض مظاهرة لبعض المعارضين في بستان القصر وحاولوا رفع شعار “الشعب يريد خلافة إسلامية” وعندما رفض المتظاهرون ذلك حدثت اشتباكات تحولت إلى إطلاق نار.

وقد اتهم المعارض السوري غسان ياسين جبهة النصرة باعتقال أخيه (عبدالله) الذي كان مشاركاً في مظاهرة بستان القصر، وقال ياسين أن سبب الاعتقال هو أن عبدالله استطاع تصوير مشاهد من هجوم مسلحي الجبهة على المظاهرة وقيامهم بضرب المتظاهرين السلميين. وخاطب ياسين جبهة النصرة مهدداً بالقول: “الى جبهة النصرة ..حربنا مع النظام بس اذا انتوا مصرين على ارتكاب الحماقات رح تدفعوا الثمن” ثم خاطب المجلس العسكري مشتكياً ” الى المجلس العسكري الثوري بكافة الويته وكتائبه اما ان تضعوا حدا لمثل هذه الحماقات او فلتتنحوا جانبا ..اطلاق نار على متظاهرين سلميين واعتقالات ايضاً ..بلغ السيل الزُبى”.

نعم بلغ السيل الزبى … ولكن على من تتلو مزاميرك يا غسان!!!.

عبدالله علي | عربي برس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock