حسن نصرالله .. “حتى اللحظة” نحن لا نقاتل في سورية (1)
في الحادي عشر من اكتوبر/ تشرين الأول 2012 القى السيد حسن نصرالله “امين عام حزب الله” خطابا متلفزا لمناسبة اطلاق طائرة (ايوب) طائرة اذلال العدو الصهيوني واذنابه في لبنان .
في ذلك الخطاب لفت المراقبين قول السيد : “حتى اللحظة ، نحن لا نقاتل في سورية الى جانب النظام ، وهو لم يطلب ، ومن قال ان هناك مصلحة في ذلك؟ “
الخبراء في في متابعة وفهم كلمات وخطب أمين عام حزب الله يعرفون انه لا يزن كلمات خطبه المعدة سلفا بميزان الذهب فقط، بل إن دقته في اختيار الكلمات تجعل من الاجهزة الاستخبارية العالمية متابعة شغوفة لما يقول، لانه يبعث في خطبه “رسائل مضمونة” الى العدو كما الى الصديق.
فماذا في قول السيد “حتى اللحظة”
ولماذا قال “النظام لم يطلب ذلك؟”
ولماذا قال ايضا وايضا : “ومن قال ان هناك مصلحة في ذلك؟”
ابشر الاحبة الخائفين بالنصر مسبقا ، وأتنبأ بالشؤم لأعداء مقاومي اسرائيل واميركا في سورية وفي لبنان .
يعرف سماحته اللعبة الدولية التي تقتضي اعتقادا غربيا بأنهم (عبر لبنانيين موالين لهم) فرضوا احترام سايكس بيكو على حزب الله .
ابشركم لأنه “حتى اللحظة ” عند حزب الله قد تعني “ان اللحظة آتية لا ريب فيها” ، فمن يضمن ان (لحظة القتال مع سورية) لن تكون الا استباقية ضد اسرائيل ، فلا يأتي قرار وقف الصواريخ عنها الا بوقف الاميركيين لحربهم عبر زبانيتهم على سورية ؟
ومن يقول ان سايكس بيكو ستمنع حزب الله من مجاراة تيار المستقبل اللبناني (اسما السعودي ولاء) الذي يقاتل الاف من انصاره في سورية فيقتلون اهلها ويتجهزون لمقاتلة حزب الله في لبنان .
ليس على اي من اعداء المقاومة ولبنان وسورية ان يطمئن ، فالقرار المنطقي (حزب اللهيا وايرانيا وعراقيا وربما مصريا ثوريا في المستقبل القريب) : “ممنوع الاستفراد بسورية وممنوع ان يجري تغييب الدعم المباشر والعملي من قوى المقاومة في العالم في ظل تدفق عشرات الاف التكفيريين من حول العالم لمقاتلة الشعب السوري” .
لحزب الله حساباته ، واهمها ان الجيش السوري قادر وطويل نفس وفعال رغم الحملات الاعلامية النفسية . وحزب الله في المبدأ من حقه ومن واجبه ان يتدخل في سورية مقاتلا من يعلنون جهارا انهم صبية حلف الاطلسي ، وان وجهتهم التالية هي جماهير حزب الله في لبنان .
وهل تدخل حلفاء اميركا في لبنان حلال ضد الشعب السوري ، ودفاع المقاومة عمن دعمها دائما حرام ؟
ما يفرضه المنطق ان ما سبق سيحصل بشرطه وشروطه ، وانتفاء الحاجة اليه حاليا ، لقوة وثبات الجيش السوري المقاوم لا يعني ان الامر لن يحصل في المستقبل بشروط منها :
أولا : التأكد من قرب نقل المعركة الى لبنان على يد التكفيريين ولكن بقرار امريكي يسيطر على من سبق ذكرهم من خلال استخبارات الاردن والسعودية .
ثانيا : اذا دخلت عوامل خارجية على الخط مثل تدخل غربي او تركي او تسهيلات اسرائيلية للمقاتلين المعارضين عبر الجولان او هجوم اسرائيلي مستتر على دمشق من الجولان بزعم ان المهاجمين قوات جبهة النصرة الكفيرية .
ما سبق تحليل سندا لمعلومات يعرفها حزب الله عن مخططات اعدائه وليست معلومات مستقاة ممن لا ينطق اي كان باسمهم الا قائدهم .
على مدى عقدين من قيادة السيد نصرالله للمقاومة في لبنان (سياسيا وامنيا وعسكريا) كان الابرز في ادواره هو الدور النفسي – الاعلامي .
كل الانتصارات وكل التفوق الذي تمتعت به المقاومة نفسيا ضد الصهاينة في حروبها معهم “ثمانون بالمئة” منها يعود فضل السبق فيها لخطب السيد ولتصاريحه . والعشرون بالمئة الباقية يعود الفضل فيها للاعلام الحربي الذي يملك حصرية الفيديوهات المتعلقة بالعمل الامني للمقاومة .
صُدق السيد يعرفه العدو قبل الصديق ، والسيد حين يقول “حتى اللحظة” ففي كلمته رسائل متعددة ليس اصغرها تلك الموجهة الى من يهمهم الامر من اعداء دوليين ، فعدم قتال الازلام في سورية (التكفيريون الذين يتوعدون المقاومة وجماهيرها في لبنان بالانتقام) لا يعني حكما عدم توجيه ضربات قوية لرأس الافعى ، وهي اميركا ونقطة ضعفها الاكبر “اسرائيل” .
هل يحتمل “السيد” لوم اللبنانيين له على حرب جديدة مع الصهاينة يكون لبيوتهم ولابنائهم ذكرى سيئة منها ؟
وهل تحتمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية لجماهير المقاومة حربا مع العدو لن تكون سوى اضعافا مضاعفة مما شهدوه في عام 2006 ؟
سؤال لا يعرف جوابه الا صاحب الصراحة المحسوبة والسماحة المشهودة ، ولكن في ظروف لا تحتمل التأويل ، وحين يقف قائد كبير وسياسي شجاع (مسؤول عن امن ملايين اللبنانيين وعن مصيرهم ) امام خيارين : “فإما نقاتل ازلامهم التكفيريين في قرانا او نقاتل اسرائيل في مستوطناتها” .
فأي الخيارين سيعتمدهما رجل بقامة السيد نصرالله ؟
“حتى لحظة” السيد حسن لا تعني تطمينا للغزاة الجدد المختبئين خلف مئات الاف المسلحين المحليين الجاهلين بمصلحتهم اولا والعابثين بمستقبل بلادهم ثانيا، والمخربين لمستقبل المنطقة على مذبح امريكي يمارس الفعل الاجرامي عبر ما يقارب من خمسة وسبعون – الى مئة الف مقاتل محترف من التكفيريين وكوادرهم، ممن جيء بهم بتمويل خليجي وبرعاية اميركية من اربع رياح الارض لقتال الجيش السوري ولقتل الشعب السوري ولتخريب سورية ومن ثم ، إن نجحوا وفككوا الدولة السورية فهل سيعود هؤلاء ادراجهم ؟ وهل سيحترمون سايكس بيكو فلا يعبرون نهر ابو علي ولا جديدة يابوس ولا مشاريع القاع ولا وديان – الزبداني ومضايا وسرغايا الى لبنان ؟
من جاء بهم الخليجيون لقتال الرئيس بشار الاسد في سورية هل سيعودون الى بلادهم دون ان ينتقموا من افشال حزب الله لمخططات حلفائهم ؟
هل سيتوب بندر بن سلطان والاستخبارات الاميركية التي اوكلته بمهمات التخريب في سورية ولبنان ، هل سيتوب فلا يستعمل ازلامه في جبهة النصرة ضد الشعب اللبناني المقاوم في لبنان ؟
إن لم تكن سورية مقبرة لانصار ” التكفير والنصرة ” فهل ستنجو بلدات بعلبك الهرمل من بطش ومجازر عشرات الاف المقاتلين الذين رفعت جماهير تدعمهم في تظاهراتها شعارات العداء لحزب الله قبل ان يعلن الاخير اي موقع لا معارض ولا مساند لهم؟
لا يبني السيد حسن نصرالله قناعاته الامنية بناء للخطب التي يلقيها بل العكس هو الصحيح، فماذا يعرف امن حزب الله الذي يشهد له الجميع بالكفاءة والقدرة والمعرفة والمهنية ؟
وماذا كان يعرف السيد نصرالله ليلة اطلق تصريحه المشروط ” بحتى اللحظة “
بين يدي تقرير لمعلومات امنية جرى تداولها بين رجال سياسة تسرب اليهم من اجهزة استخباراتية لبنانية، التقرير نفسه جرى تسليمه الى بعض السفارات بشكل رسمي وبأشكال اخرى غير رسمية.
وفي المعلومات ان من اطلق وحش جبهة النصرة في سورية نقل عملياته الى لبنان، وإن ساعة الصفر لبدء حرب التكفيريين على المقاومين وعلى الدولة اللبنانية وعلى مسيحيي لبنان تحتاج لسنة من التحضيرات دون انتظار انتهاء القتال في سورية. اي ان ما يجري التحضير له هو عبارة عن استيلاد حرب امنية ذات بعد مذهبي تؤدي الى اقامة مناطق نفوذ تحكمها جبهة نصرة لبنانية بدعم من التكفيريين الممولين خليجيا. (تمهيدا لتهجير من يبقى حيا من الشيعة والمسيحيين والدروز وابادة من لا يتوب عن التحالف مع الفئة الضالة من الُسنة المقاومين) .
لا يسعى الاميركي عبر جبهته اللبنانية للنصرة الى حكم البلد فيكفيه ضرب حزب الله بالتكفيريين وليس مهما بعدها النتيجة .
يتبع …
سيريان تلغراف | عربي برس