تبادل الأدوار بين قطر والسعودية ،، تنحي العميل .. واستلام الأصيل
مع تمكن سورية من كشف التزييف والتضليل في الحرب المفتوحة عليها من أربعة أركان الكرة الأرضية، خصوصاً مع تنامي استخدام العمليات الانتحارية لقوى الشر التي تمولها وتدعمها مشيخات الخليج، فقدت تلك المشيخات ورقة هامة كانت البيدق الأخطر في بند محرك اللعبة الخبيثة، وهو الدور القطري الذي كان أشبه بحجر الوزير في لعبة “الشطرنج”.
لقد تم إجهاض كل ما سعت إليه قطر في سورية، رغم الأموال الطائلة التي وظفتها بالتعليمات من أجل إسقاط النظام في سورية، خدمة لإسرائيل التي يمضي وزير خارجية المشيخة ثلث وقته بالتمام في الربوع المحتلة في فلسطين محاطاً بحراسة إسرائيلية، باذخاً من الدم العربي على المذبح الصهيوني كما يشتهي الأخير وأسياده، وحيث يتم التلقين لكل مرحلة كفروض تؤدى.. وإلا.
ومن الواضح أن الدور القطري اصطدم في آخر مراحل اندفاعاته بالواقع المتمثل بالفضيحة التي كشف عنها رئيس فريق المراقبين محمد الدابي المستقيل عنوة من مهامه، وكذلك بعدم القدرة على تمرير قرار يطلب تنحي الأسد من عرينه السوري بعد الفيتو المزدوج في مجلس الأمن، لذلك وحسب كل المعطيات التي باتت في غالبيتها علنية، طلب من قطر التنحي عن قيادة الملف بعد الفشل الذي منيت به، ليحل المدبر الأصيل بدل الصغير العميل، ولذلك أسفر آل سعود عن وجوههم دفعة واحدة، وبالتالي فالملك عبدالله الذي لم تهزه ولا غيره من حكام الخليج، لكن الفيتوات الأميركية على قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن لأنها تدين بعض ما ارتكبته القوات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني على مدى 65 سنة والتي تتجاوز ستين فيتو، وكذلك المجازر بحق الشعب اللبناني والتي ذهب ضحيتها بعض الأمناء العاميين للأمم المتحدة، لإعلانهم موقفاً مع عدم عدالة الفيتوات الأميركية، كما لم تهتز ثقته بالولايات المتحدة ما دامت نصيرة لإسرائيل، فقط اهتزت ثقته بمنظمة لا هم لها سوى الاقتصاص من العرب خدمة للكيان الصهيوني.
أما وزير الخارجية سعود الفيصل فقد كشف كل المستور عن الدور الأساسي المحرك للمؤامرة على سورية معتقداً أن الأموال التي تمنحها السعودية لشركات السلاح الأميركية التي تمول إسرائيل وتقدم لها السلاح والعتاد من أموال النفط العربي، يمكن أن تغطي الأفعال القذرة التي انبرت إليها السعودية من خلال محاولة الالتفاف على الفيتو الروسي – الصيني بطلب قوات أسميت قوات لحفظ السلام على أن تكون عربية – أممية، تحت عنوان المراقبة وحماية المواطنين السوريين.
لا يحتاج المرء إلى عناء تفكير بأن تذاكي الأمير السعودي بإدراج كلمة حماية السوريين يعني التدخل العسكري السافر الذي يراد منه استهداف سورية بعد أن تحطمت الجامعة العربية على أيدي القطري والسعودي، وأصبحت أشبه بسوق للمجون السياسي وهو الذي دأبت مملكة آل سعود عليه انتقاماً من جمال عبد الناصر والأقانيم التي وضعها لمواجهة العدو الصهيوني عبر كلمة عربية جامعة، ولعل ما أعلنه وزير خارجية، فالجزائر خلال الجدل وتوجيه الكلام لحمد بن جاسم بالحرف “إذا كنتم تريدون تكسير الجامعة العربية بالجزائر لن نشارك في هذا التكسير”، هو الدليل الذي لم يحتج أحد البحث عنه ليكون الشهادة على خطورة الدور التي تسلمته السعودية من قطر.
محاولة وضع سورية بين مطرقة المستعربين بقيادة الولايات المتحدة وفق التقاسم الوظيفي للأدوار لبلوغ هدف تنحي الأسد وتدمير سورية، بالرغم من إعلان ما كان يجري سراً من دعم سياسي ومالي غير محدود لما يسمى المعارضة بسورية، سترتد على أصحابها كما حصل في مرات سابقة ولو كانت مدعومة أيضاً بإرهابيين من جنسيات مختلفة: سعودية، وإماراتية، وقطرية وليبية.. أرسلتهم ومولتهم السعودية مع قطر، وقد قتل بعضهم وأعلنت منظمة “القاعدة” أنهم عناصر فيها، كما يوجد عناصر لبنانية وأخرى تركية وباكستانية، وفي هذا الإطار كشفت معلومات دقيقة أن مدربين عسكريين من فرنسا وبريطانيا والكيان الصهيوني يشرفون على تأهيل عناصر كانت تعمل في المنظومة الأميركية داخل تنظيم القاعدة، وتقوم دولة الإمارات العربية بتمويل هذه الأعمال عبر تعليمات ولي العهد محمد بن زايد.
في كل الأحوال، فإن ما أعلن حتى اليوم وحتى على ألسنة سادة السعوديين في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وعبر وزراء خارجية تلك الدول، بأن إرسال قوات حفظ سلام إلى سورية تواجه تحديات، وإن أي تدخل عسكري سيفاقم الوضع، فضلاً عن رفض روسيا والصين للفكرة من أساسها رغم الكلام الدبلوماسي بأننا مستعدون لبحث الموضوع والمشروط بموافقة الحكومة السورية.
ويقول مصدر دبلوماسي ضليع في الشؤون الخليجية إن كل دول مجلس التعاون الخليجي وفي المقدمة السعودية يتزحلقون دوماً بالطلبات الأميركية – الغربية كي تحقق واشنطن وإسرائيل غايتها دون أن يدركوا مفاعيل ما ينفذون من تعليمات، ولذلك فإن تنحية قطر قيادة العملية ضد سورية لفشلها في تحقيق الغايات، لن تكون السعودية أكفأ في إدارة الملف ما دام مصدر التعليمات واحداً… ولذلك يمكن أن تكون الخطوة الثانية، “كش ملك”.
يونس عودة – الثبات