تحقيقات وتقارير

المراسلون والصحفيون .. حماية مفقودة ومعلومة مكتومة

سيريان تلغراف | تحقيق ريم فرج (بلدنا) – توقع الكثير من العاملين في المجال الإعلامي بعد صدور قانون الإعلام الجديد، الحصول على المزيد من الحريات، والتسهيلات لعملهم، ليصطدموا بواقع آخر لا يمت للقانون بصلة. وتذرع العديد من المسؤولين في الوزارات والجهات الحكومية بأن الأزمة التي تمر بها البلاد تستدعي التكتم على بعض المعلومات، في حين تباهى القائمون على وضع هذا القانون أنه يراعي الأزمة التي تمر بها البلاد كونه ولد فيها.

ومعه، دخل الإعلام السوري عالما جديدا من الأحداث والمفارقات التي وضعت الصحفي في موقع الهدف والمستهدف، لتظهر معه تساؤلات كثيرة حول واقع الإعلام، وماآلت إليه تطلعات القانون الجديد للإعلام، خاصةً فيما يتعلق بمسالة الحصول على المعلومة، وحق الصحفي بنشرها.

مساءلة قانونية غائبة..

بصدور قانون الإعلام الجديد، تم منح الصحفي صلاحية الحصول على المعلومة، ما يستحق وقفة لدى المعنيين، لمعرفة مدى تطبيقه، وما حجم الاستفادة التي حصل عليها الإعلاميينن خاصةً خلال الازمة التي تمر بها البلاد، ومدى تطبيقه على أرض الواقع، وعنه يقول، رئيس اتحاد الصحفيين، إلياس مراد:” صدر قانون الإعلام ليلزم جميع الجهات الحكومية وغيرها أن تقدم المعلومة للصحفي وفق الأصول، للاستفادة منها، وتقديمها للمجتمع والتعامل بحرفية ومهنية مع هذه المعلومة، وبعد التطبيق تبين خروج بعض المسؤولين عن هذا المبدأ، وهناك فئة أخرى، لم تلتزم، لذا لابد من مساءلته، وفقاً للقانون أيضاً؛ حيث أتاح القانون محاسبة ومساءلة أي جهة أو شخصية مسؤولة قضائياً في حال إخفاء المعلومة عن الصحفي”، وهو ما وافقه عليه، رئيس المجلس الوطني للإعلام،  طالب قاض أمين، والذي أكد أن حصول الصحفي على المعلومة أمر واضح ومعلن في القانون الجديد للإعلام، لا يوجد ما يقيد هذا الأمر، حتى في حال كانت المعلومة سرية، لذا لابد أن يطلع الصحفي عليها في حال كانت تخدم عمله، مضيفاً:”إن زمن المعلومات والقضايا التي يصعب نشرها ذهب ومضى بعد صدور القانون، ومن أسف ثمة بعض الجهات الحكومية التي لا تعلم أي شيء عن القانون، ولا يدرون حتى بمسألة المحاسبة في حال عدم إعطاء الصحفي المعلومة التي يريدها”، وفي الوقت نفسه، أشار قاضي أمين إلى أن بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية لا تتعاون مع الصحفي، وهذا الأمر ناتج حسب رأيه عن عدم تعودها على تقديم المعلومة المطلوبة، في ظل غياب التقدير لقيمة إعطاء المعلومة الصحفية.

حجة أزمة واهية ..

ثمة فئة كبيرة ممن تعمل في الوزارات المؤسسات الحكومية، وجدت في الأزمة التي تمر بها البلاد حجة للتقصير في أداءها لعملها،  وهو ما أشار إليه رئيس المجلس الوطني للإعلام، والذي أوضح بقوله:”غالباً ما يتحجج بعض المسؤولين عن إعطاء المعلومات للصحفيين بأن الأزمة التي تمر بها البلاد تستدعي التكتم على نشر بعض المعلومات، وهذا الإجراء غير صحيح، ولايطبق في حالة الأزمات”.

ومن جانبه، يرى رئيس اتحاد الصحفيين، أن التعاون مع الإعلاميين لابد منه، خاصةً خلال الأزمة التي تمر بها البلاد، والتضليل الإعلامي الكبير لتغطية الأحداث التي تمر بها البلاد، والذي يعود سببه إلى نقص المعلومات الصحفية، ويضيف مراد:” للأسف لم ينفذ قانون الإعلام والذي أفضى إلى توافر المعلومة لمن يحتاجها، وعلى اعتبار أن هناك خرق للقانون من قبل المعنيين، إضافةً إلى جهل بعض الوزارات له حتى الوزراء، اقترحنا في لقاء سابق مع رئيس مجلس الوزراء، التأكيد على أن يعاد تعميم القانون لتعديل الفهم الخاطىء لما صدر عن عدم تقديم المعلومة إلا بموافقة الوزير نفسه، ولتفادي أيضاً الالتباس الخاطىء له علما أن المجلس الوطني للإعلام وزع 5000 نسخة من القانون للجهات العامة، من أجل ضمان حسن التطبيق”.

إعلاميو المواد المحظورة..

الحصول على المعلومة المطلوبة، كان الهدف الأساسي، والغاية الأهم من صدور قانون الإعلام الجديد، خاصةً في ظل الاحداث التي تمر بها البلاد، حسب رأي حمود المحمود، رئيس تحرير جريدة الاقتصادي، والذي يقول: “لم يضمن القانون الجديد وتعليماته التنفيذية الحصول على تلك المعلومة بأي طريقة، وبالتالي لا توجد عقوبة ممكن أن تطال مخالفيه، ما يعني أن مسألة تثبيت هذا الحق وهمية لا أكثر، في الوقت الذي لا يوجد فيه ما يضمن حتى وجود المخالفة لمن يلزم، خاصةً خلال الأزمة التي تعيشها البلاد”.

وفي الوقت نفسه، يرى المحمود أن بعض الجهات الرسمية لجأت إلى المزيد من الإنغلاق، وتذرعت بتفسيرات خاصة بها بالنسبة لقانون ، وفي إعطاء المعلومة حصراً، وصنفت بعضها في إطار السرية، علماً أنه غالباً ما تكون المعلومات المطلوبة عادية. فالمواد المحظورة من قبل الجهات الرسمية، بالرغم من أنها عادية إلا أنها تسبب أضرار كثيرة نتيجة حجم وتراكم هذه المعلومات المصنفة سرياً في أدراج هذه الدوائر، وبالتالي فإن الحصول على المعلومة من الممكن أن يشكل خرقاً لو ضمن مواداً قانونية. فالعادة درجت على أن يصدر قانون مستقل لضمان حق الحصول على المعلومة، مع ضمان وجود تفاصيل وعقوبات، حسب العادة السارية في الدول المتقدمة، والتي تنظر إلى المعلومة على أنها حق للمواطن قبل الصحفي فكيف إذا كان من يوصلها محروم منها.

مفردات مستهلكة..

ثمة تصنيفات جديدة تقيد عمل بعض الإعلاميين، وبالتالي تؤثر على حق حصولهم على المعلومة من عدمها. فالصحفي الذي يعمل ضمن جهة رسمية يحق له الحصول على المعلوم بسرعة وسهولة أكبر من الذي يعمل ضمن جهة غير رسمية، وهو ما أيده أمجد طعمة، مقدم برامج في التلفزيون السوري، معتبراً أن التمييز بين الإعلامي الذي يعمل في قناة رسمية، والآخر الذي يعمل مراسلاً لمحطة تلفزيونية أو إخبارية خاصة أمر مهم، وهو المبدأ الذي تعمل به في أغلب الوزارات والمؤسسات الحكومية، والتي يحتاج فيها الصحفي للحصول على المعلومة منها.

ومن جهة أخرى، تفرض التقنيات التي يعمل عليها مراسل القناة أو الإذاعة الخاصة شروطاً أخرى تقيد من عمله؛ حيث إن موضوع الحصول على المعلومة بالنسبة له يجب أن يتم بسرعة وبالوقت المحدد، كون عمله يخضع إلى إجراءات عدة، مثل وسائل الاتصال، وتنوعها وارتباطها التقني، ثم بالهامش المعطى والسقف المتاح، ناهيك عن اللغة الإعلامية للقناة التي يعمل فيها والتي تفرض عليه البحث باتجاه محدد.

وبالنسبة إلى قانون الإعلام الجديد، يرى طعمة، أن المشكلة الأساسية له تكمن في  أنه وضمن النص الذي منح من خلاله الحق في الحصول على المعلومة تبقى المعلومة محصورة في بعض القنوات الحكومية، والتي لازالت تخاطب المتلقي وتتعامل معه ببيروقراطية، ومفرداتها أكل عليها الزمن وشرب منذ فترة طويلة.  غياب إعلامي ..

حول مسألة تغطية الاحداث التي تمر بها البلاد، وعمل الإعلاميين والمراسلين الميدانيين خلال الفترة الراهنة، وجد الكثير من العاملين في المجال الإعلامي، أن تغطية الأحداث ضعيفة جداً، ولا ترقى إلى المستوى المطلوب؛ حيث أشارت إعلامية تعمل في إحدى المواقع الاليكترونية، فضلت عدم ذكر اسمها، إلى أن حصول الصحفي على المعلومة بات رهن الظرف الحالي، كما أن السرعة في الحصول على المعلومة غائبة في الفترة الحالية،  ومرد ذلك إلى حساسية الوضع الراهن، إضافةً إلى الوضع الأمني الذي فرض نفسه وبقوةة في الأحداث التي تمر بها البلاد، وبالتالي أصبح الصحفي يعتمد على صفحات التواصل الاجتماعي أكثر من اعتماده على المعلومات الأساسية والرئيسية لإعطاء المعلومة، بغض النظر عن الجهة التي يتبع إليها هذا الموقع أو ذاك.

 وفي الوقت نفسه، أشارت مديرة إحدى المواقع الاليكترونية إلى أن الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد، قيدت من عمل الصحفي في كثير من الأحيان، ومنعته من الوصول إلى المكان الذي ينوي الذهاب إليه في الوقت المناسب، حتى وإن كان سبب ذهابة إلى بعض الأماكن يتعلق بتغطية حدث مهم فيها، مثل حدوث انفجار ما في أحد المناطق.

ومن جهة أخرى، لفتت مديرة إحدى المواقع الاليكترونية، إلى أن هذا الأمر انعكس سلباً على نوعية المواد الإعلامية؛ حيث باتت التحقيقات الصحفية في أغلبها خفيفة، وضعيفة، خاصةً الاستقصائية وحتى الاجتماعية منها.

 ولم يذهب المحمود بعيداً؛ حيث أكد أنه ومن خلال تجربته الشخصية يرى أن بعض الجهات الرسمية والمؤسسات التي لاتتعاون مع الصحفيين، ولا تملك مكاتب صحفية متعاونة، أكثر من تشتكي من الإعلاميين، وتنتقد عملهم، وبعد مرور عام من صدور القانون أصبح الصحفي مصدر ازعاج لهذه المكاتب، وهذا الأمر أدى حسب رأي المحمود إلى المساهمة في خلق الإشاعات المضرة، خاصةً فيما يتعلق بالأحداث التي تعيشها البلاد.

“بأم عيني فقط”..

بدوره، يقول نبيل الصالح، مدير موقع الجمل الاليكتروني:”خلال الأزمات، يتم وضع قوانين الإعلام جانباً، ويروي كل إعلامي التجربة الخاصة التي يعيشها من أحداث تعيشها البلاد. فلكل منا قصته الخاصة، وكل صحفي هو إنسان يمثل نفسه، وأنا مثلاً، يوضح الصالح، أتابع مايحدث على الأرض شخصياً وعبر الاتصال بأشخاص يرون بأم العين، ولا أستقي الأخبار ممن يدعون حيادية المصدر. فكل خبر لا أتأكد منه بنفسي هو خبر قد طاله التشويه، أو المبالغة لمصلحة جهة ما كما يدس السم في العسل”.

أما بالنسبة إلى مسألة الموضوعية في نقل الأحداث التي تمر بها البلاد وتغطيتها، يقول الصالح:”لا وجود للموضوعية أثناء الدفاع عن الوطن، ونقل الأخبار التي تتعلق فيه، وبعبارة ثانية عندما يتدمر وطني لامكان للموضوعية” ويؤكد الصالح على نقطة غاية في الأهمية، حسب رأيه، تتعلق بضرورة توفير حماية للمراسلين في جميع المحافظات على الأقل سيارة نقل ومرافق مسلح، لأن هؤلاء هدف لكل من يختلف معهم في الرأي لذا يجب ألا يكونوا هدفا سهلا ضمن إحدى التنظيمات
الموجودة على الأرض”.

تقصير لابد منه ..

ضمن جملة السلبيات التي وقع بها الإعلام السوري، خاصةً في مجال تغطيته للاحداث التي تمر بها البلاد، بقول أمجد طعمة:”نواقص الإعلام السوري معروفة ولا ترتبط بالأزمة الراهنة، ولو كانت هذه النواقص غير موجودة لساهم الإعلام بشكل أكثر فعالية منذ بداية الأزمة”.

من جهته، أشار رئيس اتحاد الصحفيين، إلى أن الأزمة التي تمر بها البلاد، فاجأت الإعلام السوري، في الفترة الأولى، ولم يكن هناك تفاعل مع وسائل الإعلام والإعلاميين لتغظية الأحداث التي تمر بها البلاد، لكن بعد أشهر، تقدم الإعلام وأصبح التلفزيون في مكان الحدث، والمراسل بجانب التجمعات، ما شكل نقلة نوعية في مسيرة الإعلام الجديد، لكن التدرج حسب رأي رئيس اتحاد الصحفيين، موضوعي، وماهو قائم الآن، من تغطية للأحداث عبر وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، والتي تتعاون مع وزارة الإعلام، يعد جيد.

بدوره، رأى رئيس المجلس الوطني للإعلام،  أنه لا يجب تحميل جهة فقط التقصير الحاصل في تغطية الأحداث التي تمر بها البلاد. فهناك تقصير من الجميع، بدءاً من الحصول على المعلومة، إلى نشر الخبر وتداوله عبر المواقع الاليكترونية، معتبراً أن إيقاع الأزمة يحمل علينا أن الوطن بخطر.

لا للمواطن الصحفي ..

من فترة ليست ببعيدة، وتحديداً مع بداية الأزمة، بدأت ظاهرة المواطن الصحفي تغزو الفضاء الإعلامي، خاصةً في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي اعتبرت من قبل بعض الإعلاميين أنها مصدر معلومات جديد للصحفي في ظل غياب الحرية في الحصول على المعلومة، وفي السياق، يعتبر طالب قاض أمين أنه لاوجود للمواطن الصحفي؛ حيث يمكن لأي شخص الحصول على المعلومة، لكنه لا يملك المهنية الكافية للنشر، ويستطيع أي شخص كتابة مادة ورسالة ما، ولكنه يفتقد إلى المهنية وهذا مرفوض بالنسبة له، ويوافقه الرأي نبيل الصالح، والذي يقول:”لست مع ظاهرة المواطن الصحفي، فإذا كان المراسل نفسه يبالغ في ما يسمع ويرى وهو الذي تعلم أكاديمياً أسس صياغة الخبر، فكيف المواطن، الفاقد لهذه الخبرة، لذا أعمل جاهداً على التحقق مما ينقله المراسلون، وأقارن بين أخبارهم وأقوال أشخاص من داخل المنطقة التي يتحدث عنها الخبر، وذلك بهدف توثيق المعلومة؛ حيث لا أحد موثوق، والجميع يشد الحبل إلى جهته أو صوبه”.

ويتابع الصالح:”أظن أننا شئنا أم أبينا،  نتجه نحو أن يكون كل مواطن صحفي، أو مراسل، أو صاحب معلومة بشكل ما أو بآخر، وذلك بحكم  وجود العديد من مواقع التواصل الاجتماعي”، في حين يعتقد طعمة، أن الأمر سيستمر ويتطور والخوف منه كبير، لأنه سيتيح المجال للإشاعة بشكل أوسع، إضافةً إلى تسويق الأخبار السيئة بسهولة أكبر، مضيفاً:”لا حل لهذا الأمر إلا بالتدقيق المفرط بالمعلومة، ومن ثم الصبر”.

الأمن والحماية حق..

في ظل الأحداث التي تمر بها البلاد، وتعرض العديد من الإعلاميين إلى حملات الخطف والقتل والاغتيالات، فرضت الحماية على الصحفيين نفسها، وبقوة، ليتضح الأمر فيما بعد، أنه لا توجد حماية حقيقية للعاملين في المجال الإعلامي، في حين أشار رئيس اتحاد الصحفيين، إلى أن الموضوع الأمني الذي يخص حماية الصحفي ليس بيد الاتحاد، وإنما يعود إلى الجهة التي يتبع لها الصحفي، وواجب الإتحاد تأمين رعاية إجتماعية لهم فقط، وأقصى ما يمكن للاتحاد أن يعمله لكل صحفي استشهد حفلات تأبيين للشهداء ومراسم عزاء فقط لا أكثر.

في حين، لفتت مديرة إحدى المواقع الاليكترونية، إلى أن الصحفي غير محمي لا من قبل اتحاد الصحفيين، ولا حتى من قبل الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها،  مؤكدة أن المؤسسة الإعلامية تتخلى عن الصحفي في أغلب الأوقات، مشيرة في الوقت نفسه، إلى ضرورة تأمين الحماية للصحفي في فترات الحروب، وهذا الأمر غير موجود ضمن تركيبة المؤسسات الصحفية حتى الحكومية منها.

بدوره، يرى المحمود أن حماية الصحفي غائبة حتى قانونياً، لذا لابد من وجود قانون يحمي الصحفي، مضيفاً:”حين صدر قانون الإعلام الجديد، تم التباهي به على أنه لا يتضمن سجن الصحفي، وهذا الأمر غير حقيقي؛ حيث نصت المادة الثانية منه، والتي تتضمن الذم والقذف، أن يحال الصحفي في حال ارتكابه لها لينال العقوبات اللازمة”، مشيراً في الوقت نفسه، إلى المخاطر التي تلحق بالصحفي، وضرورة وجود الحماية لهم، وتأمينها، مضيفاً:”لو كان قانون الإعلام على المستوى المطلوب، لضمن معالجة الكثير من الأخطاء، ومارس دوره الحقيقي في مكافحة الفساد”.

سقف ضبابي ..

بعد عرض مجمل المشكلات التي يتعرض لها الإعلاميون خلال عملهم، ودور الجهات المسؤولة عنهم، وجد الكثير من العاملين في المجال الإعلامي، وبعد مشاهدة ومتابعة ما حصل في بعض البلدان الأخرى التي تعرضت إلى أزمات، أن سقف التغطية الإعلامية ليس محصورا أو مرتبطا بقانون ما وقت الازمات والكوارث، ويتفاوت التعاطي مع السقف السائد سابقاً حسب كل إعلامي وكل وسيلة إعلامية.

في حين أكد إعلاميون آخرون، أن الطريقة التي تعاطى بها الإعلام الرسمي في تغطيته للاحداث التي تمر بها البلاد، لم تتغير فيها أي شيء، عما سبق صدور قانون الإعلام الجديد.

وفي الوقت نفسه، أكد آخرون أن الحرية الصحفية التي تحدث عنها قانون الإعلام الجديد فيها نوع من الضبابية وباتت هذه الحرية مصنوعة من قبل الصحفي نفسه وهو من يحدد سقف كتابته، خاصةً في ظل الأحداث التي تمر بها البلاد.

المعلومة للجميع

كثر هم من يتربّصون بحرية العمل الصحفي ويتعدّون على أصحاب الحق في الحصول على المعلومات وتداولها، ولكن، في مرحلة معنونة “بالإصلاح والشفافية والمحاسبة”، يبدو النفاذ إلى ملفات وعقود رئيس الحكومة وأعضاءها، وإلى بيانات وأرقام المؤسسات العامة، جوهر لمفهوم “حق الحصول على المعلومة” الدقيقة والموضوعية.. هذا الحق الذي لا يفترض أن تحتكره وسائل الإعلام بل أن يكون مصاناً لكل المواطنين بكفالة نص قانوني خاص يشرع الحصول على المعلومة وليس ببند يدرج في جعبة قانون الإعلام الجديد أو بقرار يستصدره وزير مزاجياً فيلغيه آخر كيفياً..!

وحريّ بهذا القانون أن يبتكر آليات ويستنبط وسائل تمكن المواطن من حقه المشروع في الحصول على المعلومات والاطلاع  على ما تقوم به الحكومة وأعضاءها بالنيابة عنه.

حرية النشر وحق الحصول على المعلومات خطان غير متوازيان.. فإعطاء هامش كبير من  الحرية للصحفيين وتمكينهم من المعلومات والبيانات يقلل بشكل كبير من انتشار الفساد المالي والإداري الذي ينشأ ويكبر عندما تغيب المكاشفة وتتوارى المساءلة وتؤجّل المحاسبة، ولذا فإن المسؤول بدءاً من رئيس مجلس الوزراء وحتى أصغر مدير في دائرة حكومية مطالبين بوضع ملفاتهم وأرقامهم وعقودهم على الطاولة، ليتاح الاطلاع عليها وتداولها إن اقتضت الحاجة أو المصلحة العامة ذلك، وإلا فإن إخفاءها وكتمانها والمماطلة في كشفها على الشأن العام الذي هو شأن المواطن نفسه يدعو إلى التشكيك ليس بنوايا هؤلاء المسؤولين وحسب بل وبجهودهم ونتاج عملهم أيضاً، فالوقت ليس من مصلحة أحد، وبالتالي تضييعه لن يكون في مصلحة الوطن، والمواطن الذي يريد أن يطمئن إلى أنّ الجميع يعمل في سياق مسيرة الإصلاح، وأنه يشارك في هذه المسيرة..

سيريان تلغراف | ريم فرج

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock