قيادة موحدة للمسلحين السوريين لخمس جبهات برعاية بندر والعطية .. بقلم محمد بلوط
قيادة عسكرية موحدة للمعارضة السورية المسلحة. شهدت أنطاليا، المدينة التركية التي احتضنت أول مؤتمر للمعارضة السورية في مطلع «الثورة»، اتفاقاً على إقامة قيادة عسكرية موحدة للمجموعات المقاتلة ضد الجيش السوري.
وقال مصدر في المعارضة إن العميد سليم إدريس انتخب قائداً للأركان في القيادة الجديدة، يعاونه خمسة ضباط بصفة نائب رئيس للأركان، ويحتلون قيادة خمس جبهات، تتوزع عليها التشكيلات السورية المسلحة والمعارضة.
وعُرف من نواب رئيس الأركان العقيد عبد الجبار العكيدي في الجبهة الشمالية، والعقيد الطيار قاسم سعد الدين من قيادة المنطقة الوسطى، والعميد زياد فهد من قيادة المنطقة الجنوبية، التي تضم درعا والسويداء وريف دمشق.
ويرأس العميد إدريس مجلساً عسكرياً أعلى يتألف من 25 ضابطاً وخمسة مدنيين. وتتمثل الجبهات الخمس السورية وقياداتها بخمسة عسكريين ومدني واحد. وانتخب 262 ضابطاً ومندوباً مدنياً عن المجموعات المسلحة السورية «مجلس الدفاع الأعلى» الذي يرسخ سيطرة العسكريين من الآن فصاعداً على إدارة القتال مباشرة، ويحجم دور المدنيين في صناعة القرار، وهي إشارة على انتقال واسع نحو رهان كبير على الحل العسكري و«قيام القيادة العسكرية السورية التي ستقود سوريا ما بعد (الرئيس السوري بشار) الأسد»، كما قال مصدر في «الجيش السوري الحر».
ويحقق رعاة المعارضة من قطر والسعودية وتركيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة أول نجاح في فرض الوحدة على قيادات المعارضة العسكرية، بعد أشهر من المماطلة، وبسبب رفض الضباط وأمراء الوحدات المقاتلة الخضوع لأي قيادة غير تلك التي تقوم بتمويلهم أو تزويدهم بالسلاح لقتال النظام.
وخرج من الحلقة الأولى التي شكلت العمل العسكري للمعارضة ضباط كرياض الأسعد، الذي لا يزال يقود ألف مقاتل في الشمال السوري وقد تم استبعاده من اجتماع أنطاليا والإطار الجديد، كما لم يحدد أي موقع للعميد مصطفى الشيخ الذي استبعد، كما استبعد اللواء محمد حسين الحاج علي، من الإطار الجديد، واستبعد العقيد احمد فهد النعمة قائد «المجلس العسكري في درعا»، فيما رفض أكثر من 42 ضابطاً من منطقة حوران المشاركة في الاجتماع أو إرسال مندوبين عنهم لحضوره.
وأخفق العميد مصطفى الشيخ في الحلول في الإطار الجديد بسبب رفضه المتواصل نقل مقر قيادته، مع 20 ضابطاً يعملون معه، من معسكره التركي في أنطاكيا إلى الداخل السوري. ويؤخذ على الشيخ رفضه اقتراحاً من المعارضة المسلحة نقل أركانه إلى قريته اطمه القريبة من الحدود التركية – السورية، وهي تقع تحت سيطرة «الجيش الحر» منذ أشهر طويلة.
وكان رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان ووزير الدولة لشؤون الخارجية القطرية عبد الرحمن آل العطية قد قادا الاجتماع الرابع من نوعه لتوحيد العمل العسكري للمعارضة السورية، بعد اجتماعين فاشلين في عمان وآخر عقد الشهر الماضي في الرياض. وحضر ضباط وديبلوماسيون فرنسيون وأميركيون وبريطانيون وأتراك اجتماع انطاليا، لإقناع مندوبي الجماعات المقاتلة بالخضوع لهيئة الأركان الموحدة الجديدة. وقد حضر مندوبون عن اكثر الجماعات المقاتلة بغض النظر عن اتجاهاتها، سلفية كانت أو «معتدلة»، كما قال مصدر من «الجيش الحر» باستثناء مندوبين عن «جبهة النصرة» بعد إعلان الولايات المتحدة عزمها وضع الجبهة على لائحة المنظمات الإرهابية.
ومن المنتظر أن تستمر الاجتماعات في انطاليا لتوزيع الإدارات التي ستتولى الإشراف على الهيكلية الجديدة. ومن المنتظر أن تكون مسألة توحيد التمويل والتسلح احد أصعب المهمات التي ستواجه المجتمعين، وبأن نصب «حنفية» تمويل وتسليح واحدة، كما قال ديبلوماسي فرنسي، سيفتح الطريق أمام توحيد «الجيش الحر».
ويعد وصول سليم إدريس إلى رئاسة الأركان في القيادة الموحدة الجديدة انتصاراً للقطريين، الذين دعموا المجموعة الأولى التي انتمى إليها إدريس، والتي قادها الرائد ماهر النعيمي. وكان النعيمي، بصفته منسق «القيادة المشتركة للجيش الحر» وإدريس والرائد يحي العلي النعيمي والعميد مثقال البطيش النعيمي قد زاروا الدوحة قبل شهرين والتقوا بأمير قطر، بحسب مصدر في «الجيش الحر»، وحصلوا على 8 ملايين دولار لتوحيد العمل العسكري في الداخل.
ويرتبط نجاح الهيئة الجديدة في تنسيق العمليات العسكرية للجماعات المقاتلة كافة بمدى التزام القطريين والسعوديين بتسليم الأسلحة والأموال المخصصة لقتال النظام السوري إلى الوحدة المالية واللوجستية في «المجلس الأعلى العسكري» الجديد، وعدم مواصلة تغذية الجماعات المسلحة التي تعمل بشكل مستقل عن الكيان المستحدث.
كما أن «المجلس العسكري» الجديد قد حسم بوضوح الموقف من الجماعات السلفية والجهادية، التي شاركت في اجتماع انطاليا ودخل مقربون منها إلى «مجلس الدفاع الأعلى» وربما إلى الإدارات المشتركة للمجلس، ما يعني أن القطريين والسعوديين الذين مولوا تلك الجماعات خلال الأشهر الماضية قد فرضوا القيادة العسكرية الموحدة على المعارضة المسلحة، بعد نجاح الدوحة في تعيين أعضاء «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية». وليس واضحاً بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والأردن ودولة الإمارات ستعتبر أن عملية تطهير المعارضة السورية من الاتجاه «القاعدي» قد أنجز باستبعاد «جبهة النصرة» من «المجلس العسكري» الجديد، وأن خطوات أخرى لاحقة ستتخذ لعزلها، والمخاطرة بفتح جبهة داخلية مع الجماعات المقربة منها مثل «أحرار الشام» التي شهدت انشقاقاً منذ أشهر وانضمام كتائب منها إلى صفوف «جبهة النصرة».
وتنتظر المعارضة السورية المسلحة بعد خطوة التوحيد أن تستكمل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وعودها وتبدأ برفع حظر إرسال الأسلحة إلى المسلحين في سوريا، دلالة على أن ساعة الصفر لقتال أوسع وأشرس ضد النظام السوري، قد دقت.
محمد بلوط | السفير
(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)