الاسكندر الروسي في مواجهة الباتريوت التركي .. معادلة ردع روسية سورية في مواجهة الاطلسي
ما الذي استدعى من الاميركيين طلب اجتماع مع الروس بصفة عاجلة ؟
وما هي صحة الانباء عن ان الرد على الهجوم الاميركي على مطار دمشق كان بتزويد الصواريخ السورية بغاز الخردل والسيارين في مواجهة اسرائيل ؟
ولماذا يقول ديبلوماسي اميركي لعملائه في بيروت يائسا: الجيش السوري متماسك وصواريخه الاستراتيجية مؤذية لاسرائيل وهذا ما يحمي الاسد؟
ومن يجروء على استعامل الاسلحة الكيمائية ضد الشعب السوري على ايدي المعارضين في حين ان الروس رفضوا في دبلن تأكيد او نفي القرار السوري بضرب مدن اسرائيل بالكيمائي في حال تعرضت اي مدينة سورية لهجوم من المعارضين بالاسلحة الكيميائية بهدف اتهام النظام بذلك؟؟
لم يفض الإجتماع الثلاثي الذي ضم المبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي الى وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف والاميركية هيلاري كلينتون الى نتائج ملموسة، وبينما اعلن الابراهيمي ان موسكو وواشنطن تبحثان عن سبل “خلاقة” لحل الأزمة في سوريا، أما كلينتون فسألت متى سيقرر النظام السوري أن يشارك في العملية الانتقالية؟ ما يعني عودة غير مباشرة إلى التفسير الروسي لاتفاق جنيف بأن الحل السياسي لن يكون ممكنا من دون مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في العملية السياسية، وهو ما يؤيده الروس كشرط أساسي للبحث مع الأميركي في تسوية سياسية في سوريا تحمل إسم الإبراهيمي.
فقد أكد لافروف ان أي اتفاق مشترك للتعاون على حل الأزمة السورية يجب أن ينطلق من خلفية اتفاق جنيف ما يشكل تأكيدا روسيا على رفض أي فكرة تقوم على التدخل العسكري الخارجي في سوريا.
الموقف الروسي القديم – الجديد يأتي بعد موافقة دول الناتو على نشر منظومة الباتريوت على الحدود السورية – التركية ما يمكن اعتباره رسالة واضحة على صلابة موقف روسيا في هذا الشأن، ولكن موقف روسيا لم يقتصر على كلام لافروف اي على الموقف السياسي، بل تعداه الى خطوة ميدانية بالغة الأهمية حيث افادت معلومات عن تزويد موسكو لدمشق بصواريخ إستراتيجية من طراز “اسكندر اي 18” التي تحمل رؤوساً متفجرة ويصل مداها إلى 400 كيلومتر، وهو ما يشكل سلاحا رادعا في وجه منظومة الباتريوت التي سيتم نشرها على طول الحدود السورية – التركية المشتركة، مع الاشارة الى التحذيرات الروسية للناتو من ان نشر الباتريوت في تركيا سيجر الحلف الى التورط عسكرياً في سوريا.
كما تأتي الخطوة الروسية بعد حملة التحذيرات الغربية لدمشق من استخدام ترسانة اسلحتها الكيماوية وهو ما تم وصفه بالـ “تمهيد” لعدوان خارجي ضد الاراضي السورية، ووضعت عملية نشر الباتريوت في تركيا ضمن هذا السياق، ومن جهة ثانية تم الحديث عن احتمال قيام الدول الداعمة للمعارضة السورية المسلحة بتزويدها بأسلحة كيميائية كي تقوم باستخدامها في المعارك ضد الجيش السوري واتهام القوات السورية النظامية باستخدامها ما يعطي تبريرا ملموسا للقيام بعمل عسكري ضد دمشق.
بالمقابل يبدو ان محور دمشق – موسكو نجح مجددا في فرض معادلة ردع جديدة في وجه المعسكر الغربي الذي يدرك جيدا صعوبة اي مواجهة عسكرية في سوريا وعلى أراضيها، وفي قراءة معاكسة يبدو أن الحملة الغربية ضد دمشق لم تكن سوى مناورة للتغطية على الفشل الجديد للمعارضة السورية في معركتها الأخيرة ضد الجيش السوري في ما اطلق عليه اسم “معركة المطار”، وهو ما يفسر محاولة بعض المصادر الغربية تبرير التصريحات الدولية لدمشق من مغبة استخدام الأسلحة الكيميائية بأنها مجرد تحذيرات بعد تلقي تلك الدول انذارات كاذبة عن قيام دمشق بتحريك ترسانتها النووية، وهذا ما وصفته مصادر اميركية بأنه مجرد تكتيك للنظام السوري لإرسال رسالة واضحة الى الغرب بأنه لا يزال ممسكا بزمام الأمور، وقادر على السيطرة والإمساك بالأرض، رغم كل ما يحاول المحور الغربي الداعم للمعارضة تصوير الأمور بأنها باتت خارج سيطرة النظام، لا سيما في العاصمة دمشق ومحيطها.
فهل نجحت دمشق مجددا بإيصال رسائلها وتقديم اشارة واضحة عن عواقب أي عملية عسكرية ضد اراضيها، وانها سوف تتحول الى مواجهة اقليمية شاملة، وهل هذا ما دفع بتركيا الى التأكيد أن الهدف من نشر الباتريوت ليس سوى لأغراض دفاعية، وفي هذا السياق سألت مصادر مطلعة: طالما ان الهدف دفاعي محض فلماذا تقوم تركيا بنشر تلك الصواريخ؟ ام انها تخشى من أي هجوم سوري على أراضيها؟ ام ان معادلة الردع الروسية – السورية فرضت على المحور الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية تغيير قواعد اللعبة والانكفاء عن الخطة المرسومة للتدخل عسكريا في سوريا؟
سيريان تلغراف | يوسف الصايغ – عربي برس