رسالة الياسمين والجوريّ من الجيش العربي السوري …؟ بقلم بلال فوراني
حين تغمض عينيك اليوم وتنام مرتاح البال وأنت في داخل بطانيتك تنعم بالدفء وحرارة اللحاف .. تذكرّ أن هناك من يقف في العراء يحمل سلاحاً بيده كي يحافظ على دفء مخدتك ونقاء أحلامك .. حين تتبرمّ من قطع الكهرباء وهواية وزير الكهرباء في لعبة الغميضة معنا تذكرّ أن هناك من لا يرون سوى نور البندقية ولا يعرفون معنى الضوء إلا في رصاصة غادرة ..حين تجوع وتبدأ معدتك في عزف نغماتها المزعجة ويصل ضجيجها الى حد الازعاج تذكر أن هناك من يأكلون علبة سردين في الجو البارد والخبز العاري من دون أي نكهة مضافة إليه … حين تملّ وتضجّر من الوضع في البلد ويبدأ شعور القرف يتسربّ الى نفسك حتى يوحَى اليك أنك صرت محلِلاً سياسيا يفهم أكثر ممن يجلسون على مقاعد القيادة تذكرّ أنك لا تعرف كيف تحكم بيتك ولا تعرف كيف تحل خلاف بين أخين أو أختين ولا تعرف حتى كيف تفصل النزاع بين عقلين .. فما بالك ببلد طويلة عريضة فيها ملايين العقول والافكار والأراء والتوجهات السياسية ..حين تقول في نفسك وأنت في قمة انزعاجك من الاوضاع ” وآخرتها يعني ” اسأل نفسك من بدأها ومن رسمها ومن خطط لها وماذا يريد منها…حين يخنقك الوضع وتشعر بأن أنفاسك ما عادت تخرج إلا بواسطة من صدرك تذكرّ أن هناك من فقد أنفاسه أصلاً ولم يعد عنده لا صدر بيت ولا حتى صدر كنافة …؟؟
الوضع لا يحتمل التخاذل منك وخاصة الآن بعد أن بدأ موسم الحصاد يهلّ على صمود الدولة وشعبها وجيشها العظيم ووقوفها أمام كل السيناريوهات التي تقرأها كل يوم من نشرات الاخبار أو من مواقع النت أو حتى لكتّابك المفضلين .. لا تسمح أبدا لرياح الهزيمة بأن تدوس معاقل همتك فأنت قد كسبت منذ بداية المعركة هذه الحرب فلا تتوقف الان بعد أن وصلت “اللقمة الى حلقك”.. لا تنهزم الآن بعد أن صار النصر قاب قوسين أو أدنى…لا تخسر رهانك بعد أن قلبت طاولة القمار على رؤوسهم …لا تتجابن الآن بعد أن أعطيتهم دروس في الشجاعة والرجولة.. لا تضعف الآن بعد أن نفّستّ بقوتك كل عضلاتهم السياسية والهمجية والافتراضية المنفوخة من خارج الوطن…لا تنحني الآن فزمن الانحناء قد ولى ومن العار عليك أن تنحني الآن بعد أن وقفت مثل الجبل الشامخ في مواقف تجبر الجبابرة على الانحناء.. .لا تنكسر الان فقد كسرت شوكتهم السامة بإرادتك الفولاذية .. لا تختنق الآن… لا تموت الآن…لا تتعب الآن ,فمن شرب البحر يا سيدي لن يغصّ بساقية ..؟؟
أعلَم تماماً حجم الوجع الذي تعيشه كائناً من كنت , أنت واحد من الناس الذين ربما فقدوا أحبابهم أو أولادهم أو بيوتهم , أنت واحد من الناس الذين ربما تشردوا في الطرقات بعد أن نهبت العصابات المجرمة بيوتهم لتجبرهم على الرحيل , أنت واحد من الناس اللذين لدغتهم الأفكار الطائفية وصار مثل حارس مرمى يتلقى الضربات من كل لاعب بلا رحمة , أنت واحد من الناس الذين خسروا أعمالهم وقوت يومهم وأشغالهم ومصالحهم , أنت واحد من الناس الذين لم يقرأوا النشرة الجوية المفترضة على قناة الجزيرة , ولم يستمعوا لآخر فتاوي العلامة الفقيه خادم القدمين عرعور بيك , ولم يصدقوا أكاذيب قناة العربية حين قالت لك كي تكذب أكثر ..ولم يطالهم العفنّ الذي انسكب من حنجرة النعجة الخليجية في حرم المجامعة العربية , أنت واحد من الذين لم يبيعوا وطنهم من أجل رصيد كبير في بنوك سويسرا , ولم يتاجروا بتراب أرضهم لأجل وعود براقة من وادي الذئاب التركي , ولم يساوموا على سقوط النظام لأنهم يعرفون أن الحصان السوري أصيل بكل حوافره ,أنت واحد من الناس الذين وقفوا لأجل الوطن دون مقابل , لم يدفعوا لك كي تخرج في مسيرات مؤيدة , ولم يعِدوك بمنصب في الحكومة القادمة , ولم يوهموك براتب خيالي تتلقاه آخر الشهر من وزارة معينة , وأنت لست أحد المتزحلقين على القنوات الاعلامية كي تكسب صيتاً وسمعة وشهرة , وأنت لست أحد المتسلقين على أكتاف سقوط الآخرين كي تنال الرفعة والدرجة العالية , أنت واحد من الناس ” انسان عادي” و “مواطن بسيط جداً ” مثلي ومثلك لم تحركنا الأطماع المالية ولا شعارات البهرجة الخداعة ولم يسيل لعابنا لمنظر الدولارات والريالات, ولم يدفعنا أحد كي نصرخ لأجل الوطن الذي حاولوا أن يكمموه, ولم يعد يهمنا أن ندفع فواتير الانترنت التي تدفعنا للجنون جراء جلوسنا بالساعات أمام شاشات حواسيبنا كي نقدم شيئاً لهذا الوطن ولو كان افتراضيا و بالكلمة , أنت واحد من الناس الذين يستحقون لقب الجندي المجهول بكل جدارة , لأنك لست كأي واحد من الناس فأنت بكل الناس يا سيدي لأنك واحد سوري ..؟؟
أنا أشدّ عزمك قليلاً وأروي عطشك الذي طال مدة سنتين , وأخبرك أن موسم الحصاد قد لاح وشمس النصر قادمة لا محالة , لن أزيدك تحليلا سياسيا وأقرأ لك الاسقاطات على أرض الواقع , فأنت لست غبياً بل قارئ ذكي جداً ولن تنطلي عليك كذبة بعد اليوم وأنت تشاهد بأم عينك ما يحدث على مسرح السياسة القائم أمامك , من فشلٍ يليه فشل لما يسمى عصابات الجيش الحر , ومن الإفلاس الإعلامي لقنوات سقط عنها شرف المهنة ,ومن الابتذال الرخيص من بعض الدول المغازلة للنظام من جديد , الى انهيار الحلم الأردوغاني في إنشاء خلافته الهارونية على الشرق الأوسط , الى الموقف الصلب الذي لم تتراجع عنه كل من روسيا والصين, الى لغة الاستعطاف التي بدأ يمتهنها بعض من نبحوا على النظام , مروراً بالفشل الكلوي لما يسمى مجلس اسطنبول القطري من امتصاص أي مواد سائلة تبللّ ريق المؤامرة , الى الاخضر الابراهيمي الذي يعرف مسبقا فشل مهمته في تلوين الدم الأحمر السوري, عطفاً على سلسلة الاغتيالات والتصفيات لبعض الرموز لأننا صرنا في آخر الموسم , وأخيرا وليس آخراً لأن الشعب السوري أثبت أنه قادر على دفع الثمن غاليا من روحه وجسده ولكن لن يرضى يوماً أن يكون أجيرا وخادماً يعيش على املاءات الدول الأخرى , ولن يرضى هذا الشعب مهما حدث أن يأتي القادمون من خارج التاريخ ليكتبوا التاريخ له تماماً كما قالها يوماً الرئيس بشار.
على حافة الوطن
سأل رجل عنترة: ما السر في شجاعتك وأنك تغلب الرجال ؟؟ قال عنترة للرجل: ضع اصبعك في فمي، وخذ اصبعي في فمك، وكلانا يعض أصبع الآخر حتى يستسلم. وكلاهما عض على اصبع صاحبه، فصاح الرجل من الألم ولم يصبر، فتركه عنترة وقال له: لو صبرت قليلاً لصحت أنا ..؟؟
بلال فوراني
(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)