الوطواط المستصقر عقاب صقر .. هل نراه طافيا في نهر وليد جنبلاط؟؟ .. بقلم نارام سرجون
كلما دق الكوز بالجرة ذكرنا الزعيم التقدمي بضفة النهر التي يقف بجانبها منتظرا جثث أعدائه الطافية على النهر .. وهناك ينتظرنا زعيم الحزب التقدمي وليد بيك لنصل اليه محمولين على أكتاف النهر الذي أهداه خصوما سوريين ..ونهر جنبلاط متخصص بحمل أجساد السوريين فقط دون سواهم .. نهر وليد جنبلاط يحمل له أجساد الخصوم كالهدايا التي يحملها بابا نويل والتي يطول انتظارها لكنها تصل رغم طول الترقب وتوق الانتظار.. في انتظار النهر وهداياه يريد القديس وليد جنبلاط أن يقول لنا ان السماء في عليائها تؤيده وتستجيب دعاءه ولاترده وترسل له الهدايا مكفنة بالثواب والعقاب .. وهو يجلس كالدراويش وأهل التصوف والزهد لايؤذي أحدا لكنه يشكو الظالمين الى الله فيرسل له الله الظالمين أجسادا طافية على النهر .
القديس جنبلاط يريد أن يقول لنا رسالة مثل كل المتدينين المجانين في هذا العالم لكن على طريقته الخاصة .. فالمجنون المؤمن جورج بوش كان ينفذ وصايا الله بحذافيرها وهو الذي كان يشرب القهوة معه ويتناول معه أكواز الذرة ويوصيه باجتياح يأجوج ومأجوج .. ثم جاء مجانين القرضاوي والعرعور والاسلاميين الذين حصلوا على وكالة حصرية سماوية بمنح صكوك الايمان والغفران وبتنفيذ أحكام الله والقصاص في الطرقات من مؤيدي النظام السوري وكل أعداء الأمريكان .. وصار العرعور الصديق الشخصي لرسول الله وهو الوحيد الذي يفهم رسول الله ويقرأ لنا عقله بل وصار من صحابته الغر الميامين .. وطغى في رواياته وفتاواه على رواة الحديث وكل فقهاء الاسلام منذ وجد هذا الدين حتى يكاد المسلم ينسى الصحابي “أبو هريرة” وهو يستمع للورع التقي راوي الفضائيات “أبو عريرة”
وليد بيك أذكى من الادعاء أنه قديس بشكل علني .. لكنه يوحي الينا ويشير لنا بعينيه الجاحظتين المسكينتين الى السماء لأنه صفيها ووليها وانه من السادة المنتجبين .. وعلينا أن ندرك قدسيته من استجابة السماء له عبر النهر المقدس الذي يحمل له الثارات ويطفئ له النارات ..
دروشة وتصوف الزعيم التقدمي اللبناني ذات النكهة اللاهوتية تشبه في تذبذبها وتناقضاتها كثيرا مواقف التيارات الدينية التي ظهرت في الساحة والتي تتوق للجهاد ولكن ليس ضد اسرائيل أو السعودية الفاسدة بل ضد المسلمين الشيعة .. والتي تريد اعلاء كلمة الاسلام ليس بقتال اسرائيل بل ايران وسورية وروسية والصين .. جنبلاط ومن على نهجه من الاسلاميين لاشبيه لهم الا حصان امرئ القيس الذي وصف بأنه “مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا” .. لأن من يستمع الى جنبلاط يجد أنه (مكر مفر مقبل مدبر معا) في العام الواحد عشرين مرة على نفس الهدف .. ويكر ويفر ويقبل ويدبر عشرين ألف مرة في التجاذبات السياسية .. بل ان في الخطاب الواحد وفي السطر الواحد الذي يتحرك فيه جنبلاط كرّا (بفتح الكاف وليس بضمها) نجد فيه كلمات الفرّ الى الخلف .. ولايستطيع محلل واحد أن يحلل أو يتوقع مذاق ودرجة حموضة خطاب جنبلاط .. فهو حامض وحلو وفيه ملح وسكر وفيه المر والعذب .. ولايبدو أن هناك طريقة واحدة ناجعة لفك رموزه وشيفراته الا أذا تمت قراءته في مخبر تحاليل طبية حيث يمكن ادخاله في أجهزة تحليل البول لمعرفة علته .. وهناك لافرق بينه وبين عينات البول ..وعينات الأشياء “الأخرى”..من حيث المحتوى والنتيجة..
جنبلاط يريد أن يكون “هارون رشيد” لبنان .. فقد قيل عن الخليفة العباسي الأشهر هارون الرشيد أنه كان يحج عاما ويغزو عاما .. بالتناوب .. وسنوات جنبلاط مثل سنوات هارون الرشيد .. فجنبلاط كان يحج الى الشام ويغزو في لبنان وفي العام التالي صار يحج الى الرياض ويغزو الشام على صهوة لسانه في أزمة الحريري .. وبعدها عاد الى الحج الى الشام وغزو “تيار المستقبل” بلسانه .. ثم عاد في العام التالي الى غزواته اللسانية على الشام مع تيار المستقبل .. وفي العام القادم يتنبأ الجميع أنه يخطط ليكون من الحجاج الى دمشق ومن غزاة تيار المستقبل لأن النظام لم يسقط وصار من المحال سقوطه .. وهكذا دواليك ..وقد دخل في منافسته بقوة في الغزو والحج قادة حماس الذين كانوا يحجون الى دمشق ويغزون في غزة في نفس الوقت دون انتظار واستراحة بين العام والعام المعروفة عن هارون الرشيد .. واليوم يحجون الى قطر ويغزون في سورية في نفس الوقت .. حتى هارون الرشيد رفع حاجبيه من هذا الايمان الحمساوي الذي يحج ويغزو في نفس العام والشهر واليوم ويغير وجهة الحج والغزو..
المهم أن وليد بيك الذي يقف على ضفة النهر منتظرا سيتفاجأ أنه ليس وحده على الضفة .. بل انتشر مئات وآلاف السوريين على الضفتين حتى لامكان لوليد جنبلاط على الضفة التي يتدافع عليها الناس ويدفعونه بأكتافهم وهم يتطلعون الى أعالي النهر عله يحمل لهم أجساد أعدائهم .. وهؤلاء الناس هم أهالي الضحايا السوريين الذين يترقبون وصول دفعة من الأجساد الطافية .. البعض ينتظر جسد أردوغان وجسد أوغلو والبعض ينتظر جسد حمد بن جاسم أوجسد فرس النهر حمد بن خليفة .. وكثيرون يترقبون بتوق وصول أجساد كل الذين تغرغروا بالدم السوري من الجاسوس عزمي بشارة الى الوغد عبد الباري عطوان الذي تذكر أن يبحث عن حكماء مصر وعقلائها ليبعدوا الفتنة عن مصر محمد مرسي لكنه في سورية صفع العقلاء وكبّر للجهاد وحرض على الدم وهلل للناتو منذ اليوم الأول ولم يتذكر أن يبحث عن العقلاء .. وكثيرون ينتظرون أن يحمل النهر كل المجلس الوطني والائتلاف السوري .. وكثيرون يتلهفون لرؤية العرعور ورياض الشقفة طافيين بالأكفان بعد أن زرعا الوطن بالأكفان وألبسا الناس الأكفان حتى وهم يسيرون الى وظائفهم والى مدارسهم ولاناقة لهم ولاجمل في هذا النزاع ..
نهر وليد جنبلاط قد يفيض بالجثث ويغص اذا مااستجاب لرغبات الناس ودعواتها ولهفة عيونها الباكية .. وللأسف فان النهر لم يحمل لهم حتى الآن سوى جثة واحدة .. هي جثة وسام الحسن الذي قتله مشغلوه ورموه في النهر كما يرمي مقاتلو المعارضة السورية بجثث مقاتليهم الى نهر الفرات .. ولكن آلاف الناس تنظر وعيونها معلقة على جثة بعيدة طافية قادمة لم يتبينوا بعد هويتها .. يقول البعض انها غالبا ستكون جثة النائب اللبناني عقاب صقر.. وسبب هذا التخمين هو تسريب شريط الفيديو الذي يبدو فيه صقر متورطا ومبتهجا بعذابات السوريين ..وهو صانع من صناع الموت ومصممي الشر .. وأحد وكلاء العنف والفتنة المميزين ..وواحد ممن صار لكل سوري ثأر مع دمه الفاسد..
هذه ليست ليست رسالة تهديد للوطواط اللبناني المتواري نهارا والذي يطير في الظلام لأنني لاأمثل حركة سياسية ولاأنتمي لجهاز أمني ولاأملك مالا أشتري به قتلة كما يفعل هو وسعدو الحريري وليس لي في هذه الدنيا سوى قلم وحبر وورقة ولوحة كومبيوتر وأحزاني السورية على الأبرياء وغضبي .. ولكني أيضا أملك حدسي الذي تزداد اشارات تواتره ارتفاعا تتوقع حادثا ما ..
لكن تسريب الفيديو الأخير الذي يكشف دور عقاب صقر في تسليح المعارضين السوريين يشير بشكل مثير للقلق الى أن عملية تصفيته صارت جاهزة من قبل مشغليه تماما كما حدث مع وسام الحسن تماما قبل أسابيع من تصفيته .. لكي تتم اضافة دمه الى رصيد الاتهامات المتراكمة ضد مايسميه جنرالات (الحئيئة) النظام السوري ..لأن التسجيلات لايملكها الا من هم في الحلقة الضيقة القريبة من عقاب والذين يسيرون معه كظله ويشكلون حوله ستارا حديديا يمنع الوصول اليه .. لذلك فان تسريب الفيديو لاغرض منه الا منح الثنائي سمير جعجع ووليد جنبلاط ونساء المستقبل قرينة قوية لتبرير اتهام النظام السوري بالجريمة القادمة (كما العادة) ..حيث نهر وليد جنبلاط يستعد لحمل صديقه .. عقاب صقر..ملفوفا بالكفن ..
وبالمنطق فان هذا الرجل في خطر ..فأكثر شخص مرشح حاليا لأن يدفع به الى نهر وليد بيك ليطفو ويصل الينا هو عقاب صقر بسبب رفعه اعلاميا الى هذا المستوى من الرصد والتورط في الدم السوري .. فقد أدى الرجل واجبه وانتهى من أداء وظيفته بشكل متقن .. وقد تم عصره استخباراتيا حتى النهاية ولم يعد له لازمة ..فهناك كثيرون صاروا أكثر قدرة منه على تقديم الخدمات وهم يتنافسون للحلول محله .. كما أن أوساطا كثيرة في المعارضة السورية صارت تحس بالاشمئزاز من دوره ومن تعاليه على البعض وملاطفته للبعض ماليا وسياسيا وتمييزه بينهم في الأدوار والحظوات والهدايا والتحويلات.. ولم يعد دوره توفيقيا وثوريا كما كان في البداية حيث كان يمارس الاحتيال الثوري والخداع وخبرة العلاقات العامة بما فيها العلاقات النسائية ..وربما أهم نقطة صارت ملفتة للنظر ان هناك من صار يجاهر بتحميله مسؤولية الفشل المتكرر والتفكك وسوء التدبير والادارة مما انعكس على أداء مايسمى الثورة السورية المعروفة أنها مليئة بالتصفيات والصراعات والنزاعات والتصفيات المتبادلة .. وكما هو الحال مع كل الساسة اللبنانيين فهم يخدمون المشاريع الخارجية أحياء وأمواتا .. وقد يبدو أن خدمته للمشروع الخارجي صارت أفضل بتقديمه كقربان آخر .. والقائه في النهر .. كما ألقي بوسام الحسن وألقي دمه الفاسد على ثياب السوريين ..عقاب صقر صار عبئا آخر من أعباء معسكر المؤامرة لاتساع دوره وتداخلاته والأهم لتشعب علاقاته الاستخبارية .. وهناك من يريد الحلول محله لقطف الثمار المالية والسياسية التي يقطفها .. وقد آن أوان استبداله على مايبدو.. وأدمغة الاستخبارات الكبرى لاتحب الابقاء على نفس الطاقم من الصغار .. الذين لايكبرون ولايتطورون ولاينجحون في أية مهمة
لاأدري ان كان هناك من يوصل الرسائل والنصائح لهذا الوطواط اللبناني الصغير .. انني لاأخفي حزني عليه سلفا لأنه مغفل آخر وغرّ ساذج وقربان بشري سينحر وسترمى فروته على أكتاف السوريين كالعادة بعد أن قاتل من أجل الحريري ومشاريع السعودية كما لو كان سيرث عرش السعودية .. انني لاأريد لعبة الموت أن تفرمه وأن يلقى على السوريين بعبء دمه الثقيل والفاسد والمخلوط بدم الشياطين .. كما أنني لاأحب تصفيات السياسيين مهما اختلفوا مع خصومهم .. لكنني أنصحه نصيحة خالصة بأن يبتعد عن ضفة النهر لأنني أرى حركة مريبة حوله وهناك من ينظر اليه لدفعه الى النهر .. نهر وليد جنبلاط لايحمل خصومه دوما بل قد يحمل أصدقاءه .. وأحبته .. ويحمل حتى الوطاويط ..
الوطواط وطائر الليل المظلم قد يرتطم في طيرانه الليلي بجسد وسام الحسن .. ليجد أنه طار فجأة في السماء .. وحمله نهر وليد بيك .. انه عقاب النهر للعقاب المتوطوط ..أو الوطواط المستصقر علينا.. أما وليد بيك فربما من المفيد أن ننصحه بأن يثق بأن لكل منا نهره الذي ينتظر هداياه .. وأنه يوما قد يطفو على الأنهار ان بقي واقفا على الضفة طويلا كصياد السمك الصبور لأن من ضحى بوسام الحسن وسيضحي بعقاب صقر سيجد فيه قربانا .. والسوريون لايريدون أن يروا أحدا يدفع وليد بيك ليسقط في ذلك النهر الرهيب ولايرغبون في رؤيته طافيا يحمله النهر .. لا لشيء الا كرمى لعيون الكرام أبناء الكرام من بني معروف .. ونصيحتي الخالصة له أن يتذكر أن من ينتظر أجساد أعدائه الطافية ليس زعيما وليس من بني معروف .. بل مجرد مريض نفسي مهووس بالثأر ولايستطيع أن يرى في الأنهار الا ناقلات جثث .. فيما الزعامات الكبرى ترى في الأنهار ناقلات الحياة..
وأخيرا .. لابد من القول بأن هناك أنهارا على غرار نهر وليد بيك جنبلاط تحمل أجساد الاوطان المقتولة .. بالأمس حمل نهر الأوطان المقتولة جسد وطن اسمه العراق .. ثم حمل الينا جسد امرأة من شمال افريقيا تسمى ليبيا .. وكانت عيون الغرب تجوس أعالي النهر تنتظر جسد صبية رشيقة جميلة تسمى سورية .. لكن أهل “سورية” سيقتلون النهر الذي يفكر أن يحمل جسدها ان قتلت وسيقتلون البحر أيضا .. فلذلك لن يحمل هذا الغضب نهر ولابحر .. وسينأى بنفسه عن هذه النار..
وسينتظر المنتظرون على الضفة كثيرا الى أن تصل جثة جزيرة من خليج العرب تتعفن بالرذيلة والخيانة .. منفوخة بالغاز .. لأنها تلعب لعبة ليس من مقاسها ولامن حجمها .. وهي في اللعبة الدولية من حجم ووزن الوطواط المستصقر عقاب صقر لاأكثر ولاأقل وبنفس الدور ..
ولايدري أحد فقد يحمل النهر يوما جثة امرأة الأناضول الكبيرة نفسها.. أم أردوغان ..فالأنهار عندما تصاب بالجنون لاتعرف ماذا تجرف معها ..
نارام سرجون
(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)