هل أيقن أردوغان فعالية دور موسكو في سوريا وسراب الوعود الأميركية ؟ .. بقلم يوسف الصايغ
نقلت صحيفة “حرييت” التركية عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قوله أن “روسيا تحمل مفاتيح حلّ الأزمة في سوريا” في ما يشبه الإعتراف والتأكيد على صوابية الموقف الروسي من الأزمة السورية، ان من حيث رفض التدخل العسكري الأجنبي ام لجهة إصرار روسيا على حل الأزمة سلمياً بعيدا عن الأعمال العسكرية واستضافة مختلف أفرقاء المعارضة السورية حيث يزور موسكو حاليا وفد من هيئة التنسيق المعارضة برئاسة حسن عبد العظيم، كما أشار إلى ان “الموقف الأميركي لم يكن مرضياً حتى الآن”، قائلاً إنهم “طلبوا الانتظار إلى ما بعد الانتخابات، والآن يتعين تشكيل حكومة جديدة، وبعد الحكومة الجديدة نستطيع أن نتكلم”.
وفي ما يتعلق بتسليح المعارضة السورية، لفت أردوغان إلى ان “المعارضين يحصلون على السلاح بطريقة ما”، وأضاف “أعتقد أن المعارضة توفر الموارد حتى يتمكنوا من الاستمرار في قتالهم ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد”، وأغفل أردوغان الدور الذي تلعبه تركيا عبر تسهيل تمرير الأسلحة والمسلحين عبر اراضيها الى الداخل السوري، ولكنه اعترف ان المعارضة السورية المسلحة تحصل على الدعم العسكري لمواصلة عملياتها ضد القوات الحكومية.
بناء على ما تقدم يمكن اعتبار كلام أردوغان بمثابة اعتراف ضمني بخطأ الموقف التركي الرسمي من الأزمة السورية عبر قيام حكومة العدالة والتنمية بتأمين الغطاء للمجموعات المسلحة التي تهاجم القوات النظامية السورية انطلاقا من الاراضي التركية، وتوفير الدعم اللوجستي للمسلحين عبر تزويدهم بالمعلومات الاستخبارية تارة، وتأمين معسكرات التدريب للمسلحين من جهة اخرى، وفي هذا الصدد يكفي الإشارة الى قاعدة “انجرليك” التي يتم فيها تنسيق العمليات العسكرية التي ينفذه االمسلحون ضد القوات الحكومية السورية في الداخل السوري بتخطيط وتدريب من عناصر أجنبية بعضها مرتبط بحلف الناتو الذي يدرس حاليا مكان نشر صواريخ الباتريوت بالقرب من الحدود السورية – التركية بناء على طلب أنقرة.
وعلى المستوى السياسي يمكن ان نستشف من كلام أردوغان حول الدور الأميركي امتعاضا واضحا، خصوصا وان انقرة كانت قد تلقت سيولاً من الوعود الاميركية مقابل تنفيذ حكومة العدالة والتنمية للأجندة الاميركية في سوريا عبر دعم المسلحين وتوفير الملاذ لهم، وتصعيد الموقف التركي الرسمي ضد النظام في دمشق، كما ان المعارضة السورية باتت ممتعضة الى حد الاستياء وفقدان الأمل من سياسة واشنطن في التعامل مع الملف السوري، والتي لا تخضع الا لمبدأ البراغماتية (أي ما يحقق مصالح سياسة واشنطن بالدرجة الأولى )، فهي لم تُقدم حتى الآن على خطوة الاعتراف بالائتلاف السوري المعارض الذي شكل في قطر بعد الهجوم الاميركي اللاذع عبر هيلاري كلنتون على سلفه المجلس الوطني السوري، وعليه يمكن السؤال: هل أيقن أردوغان ولو متأخراً بفعالية دور موسكو التي تملك مفتاح حل الأزمة في سوريا باعترافه هو بعد ان تأكد له سراب الوعود الاميركية؟
يوسف الصايغ
(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)