مظلتان سرية وعلنية لدعم العدوان الاسرائيلي .. صواريخ المقاومة كشفت عجز أجهزة الاستخبارات ووكلائها
تقول دوائر اسرائيلية تتابع تطورات الوضع في ضوء العدوان على قطاع غزة، ان تل ابيب تمكنت من معرفة الطبيعة المحيطة بها، والواقع الجديد الذي نجم عن العدوان وثبات المقاومة الفلسطينية، حيث شكل ميدان القطاع ميدان اختبار من الناحية السياسية سواء بالنسبة للقيادة المصرية الجديدة التي انخرطت سريعا في الواقع القائم وضرورة الحفاظ على العلاقة مع اسرائيل، وعدم القيام بخطوات عاطفية، على حد قول هذه الدوائر وان اسرائيل سلطت الأضواء على الترسانة العسكرية الموجودة في غزة، وقدرة الفلسطينيين الكبيرة على الرد، ونعتقد ان اسرائيل تمكنت من تجنيد مظلة سياسية لحربها على غزة، بوجهين، علني من خلال التصريحات الواضحة والمواقف العلنية الداعمة لها، ووجه خفي التفافي من خلال تبادل الرسائل عبر القنوات السرية، فهناك مظلة اوروبية وامريكية فأوروبا سارعت الى الإعلان وللمرة الأولى عن دعمها الواضح لخطوات اسرائيل، اما المظلة الخفية فهي مرتبطة بجهات اقليمية تحركت سريعا ودخلت من اجل منع تفجير الاوضاع على خلفية “المشاهد القادمة من القطاع”، وساعدت الظروف الإقليمية المحيطة والجبهة الموحدة ضد سوريا في توفير هاتين المظلتين العلنية والسرية.
وتصف الدوائر الاسرائيلية ما حدث في القطاع من تدخل سريع جاء على الشكل التالي:
ان الاطراف التي نشطت في أعقاب العملية العسكرية ضد القطاع من اجل وقف النار، هي نفس الأطراف التي منحت اسرائيل المظلة السياسية، أي ان الجبهة المشاركة في ضرب سوريا هي التي دخلت على المسرح الغزي، لكن، مع توزيع للأدوار متفق عليه.
والطرف الاسرائيلي خيب الآمال فالمعلومات الاستخبارية التي تحدثت عن تدمير مخزون صواريخ فجر 5، بناء على معلومات دقيقة حصلت عليها الأجهزة الاستخبارية في اسرائيل من جهات مختلفة، ثبت أنها لم تكن مخازن تحتوي على جميع الصواريخ، وان قيادات المقاومة وكتائب القسام والجهاد تحديدا كان لديها مخزون للطوارىء وهو المخزون الذي تستخدمه المقاومة اليوم، وهو الذي غير مسار اللعبة الذي كان عنوانها وإفتتاحها اغتيال احمد الجعبري في ظل مساعي للتهدئة تلعبها نفس الجهات التي تقود الآن هذه المساعي.
فالمسار المرسوم جرى التشويش عليه، واضطرت اسرائيل لتغييره بعد دخول مناطق بعيدة عن الجنوب في دائرة الاستهداف الصاروخي الفلسطيني، وهذا فاجأ القيادة الاسرائيلية بشكل كبير، وستكون هناك مراجعة شاملة للمعلومات الاستخبارية ومدى قدرة المصادر التي وفرت هذه المعلومات في المستقبل على مساندة اسرائيل في ساحات أخرى، وكذلك مدى دقة المعلومات التي تمتلكها تلك الجهات، فأصبح المسار محكوما بالميدان وتطورات ما يجري على الارض، ولم تعد زمام الامور والتحكم في يد اسرائيل ولا بيد حماس.
إن الهدف من وراء اغتيال الجعبري كان متعدد الجوانب والوجوه، في مقدمتها رغبة شخصية ودافع انتخابي عشية انتخابات مبكرة لعبت دورا واضحا في مساعدة واعتماد المستوى السياسي لتوصيات المستوى العسكري، أما الهدف الثاني من اغتيال عقل كتائب القسام هو اثارة زوبعة من ردود الفعل التي ستقوم بها حماس ردا على عملية الاغتيال على أن تكون زوبعة في فنجان، تهدأ بعد فترة قصيرة، ويمكن لاسرائيل أن تتحملها، غير أن هذه الزوبعة بدأت منذ اللحظات الاولى للاغتيال تأخذ شكل الدوامة التي تهدد باغراق المنطقة في المجهول، خاصة بعد فشل عدة ضربات جوية اسرائيلية، لأهداف منتقاة في الجناح العسكري للمقاومة، وتحديدا في دائرة كبار مساعدي الجعبري، وبعض القيادات التي عملت تحت ادارته، وتأهلت للقيادة والتعامل ضمن القدرات الموجودة مع أية مواجهة اسرائيلية.
وتؤكد الدوائر الاسرائيلية أن اسرائيل تفاجأت من مدى التناغم ليس فقط بين الاجنحة العسكرية في القطاع، وانما ايضا داخل الخلايا والمجموعات المسلحة داخل الجناح العسكري لحماس، فما شهدته اسرائيل في هذه الجولة من الحرب على غزة، مختلف بدرجة كبيرة جدا عما شهدته في حملة الرصاص المصبوب، والهدف الاسرائيلي كان توجيه ضربات عدة لرؤوس في الجناح العسكري على رأسها الجعبري وخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار لتصبح القيادات الميدانية في حماس مستقبلة لأي اتفاق يتم التوصل اليه مع القيادة السياسية وليست محددا وراسما لملامح أي اتفاق سياسي، واسرائيل كانت لها تجربة صعبة في ادارة المفاوضات مع الجناح العسكري لحماس وهي المفاوضات التي أدت الى ابرام صفقة تبادل الاسرى التي أدارها الجعبري.
وترى الدوائر أنه مهما كانت بنود الاتفاق وآلية تطبيقه فانها ستحتاج الى أشهر طويلة لمعرفة مدى قدرة هذه الالية على تحقيق ما سعت اليه اسرائيل وبشكل خاص تجفيف قطاع غزة من السلاح، وقطع الطريق أمام تأثير ايران وحزب الله على الاجنحة العسكرية داخل غزة.
سيريان تلغراف