أثارت استياءً عارماً في الجزائر، سواء على المستويين الشعبي والرسمي، حركة غير لائقة قام بها وزير فرنسي سابق على الهواء مباشرة، لدى رده على طلب وزير المجاهدين بتقديم فرنسا اعتذارا رسميا للجزائريين.
فبعد انتهاء برنامج تلفزيوني على قناة “سينا” الرسمية استضاف وزير الدفاع الفرنسي السابق جيرار لونغي، قام دون معرفته باستمرار الكاميرا في التصوير بحركة غالباً ما يستخدمها الشباب فيما بينهم تعبيراً عن السخرية أو الرفض، حول تصريح وزير المجاهدين الجزائري محمد شريف عباس بشأن “رغبة الجزائريين في الحصول على اعتراف صريح ورسمي من فرنسا على جرائمها الاستعمارية بالجزائر”.
وتعقيباً على سلوك الوزير لونغي صرح عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر، رئيس حكومة البلاد الأسبق لصحيفة “الشروق” المحلية قائلا أن الحركة التي قام بها الوزير “غير أخلاقية”، مضيفاً”ان الوزير الفرنسي شخص تنقصه التربية والأخلاق، وإلا لما قام بمثل هذا التصرف”. واعتبر بلخادم ان الأخلاق هي قاعدة التعامل في كل شئ “وحتى السياسة”.
أما الطيب الهواري الأمين العام لمنظمة أبناء الشهداء فاستنكر التصرف الذي وصفه بغير الأخلاقي أيضاً، اذ صرح للصحيفة ذاتها ان “الحركة الدنيئة تدل على الفكر الكولونيالي والاستعماري غير المؤدب، الذي يسود مثل هؤلاء الأشخاص”، مشدداً على مطالبة فرنسا بالاعتذار الرسمي للجزائريين وان ذلك مطلب كل الجزائريين “والأسرة الثورية”، ومعلناً تمسك أسر الشهداء بملاحقة فرنسا حتى تعتذر “الى ان يرث الله الأرض ومن عليها” .
أما موقف السعيد عبادو الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين فلم يختلف عن الموقفين السابقين في وصف الحركة، ولو إن صرح بأنها لا تعبر عن موقف باريس الرسمي، معتبراً إياها تصرفاً شخصياً فحسب. كما وصف عبادو زيارة الرئيس الفرنسي المنتظرة الى الجزائر بأنها مقبولة، معرباً عن أمله بأن تُسفر هذه الزيارة عمّا هو جديد بشأن الاعتذار الرسمي للبلاد.
الجدير بالذكر ان الوزير الفرنسي السابق حظي بتأييد النائب جيلبار كولار عن “الجبهة الوطنية” الفرنسية التي توصف باليمينية المتطرفة، اذ قال “أضيف ذراعي إلى ذراع جيرار لونغي”. ولم يكن تضامن النائب لفظياً فحسب. فإذا كان الوزير السابق لونغي فعل الحركة دون ان يدرك بأن البث لا يزال مستمراً، فإن النائب كولار فعلها أثناء لقاء متلفز ويفترض انه يعي ان الملايين يشاهدونه.
علما ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اعترف قبل حوالي أسبوعين بمذبحة ارتكبت ضد الجزائريين خلال مسيرة للمطالبة بالاستقلال جرت في باريس عام 1961 ، ليكون أول اعتراف علني من رئيس فرنسي بوقوع المذبحة.
وقال هولاند في بيان أصدره “في 17 أكتوبر 1961″ لقد قُتل جزائريون كانوا يحتجون لعدم منحهم الاستقلال في قمع دموي. والجمهورية تقر بهذه الحقائق بوضوح. وأقدم الاحترام لذكرى الضحايا بعد 51 عاما من ذلك.” ويأتي بيان هولاند هذا تزامنا مع مساعيه لتحسين علاقات بلاده مع الجزائر قبل زيارته المقررة في ديسمبر/كانون الأول القادم.
سيريان تلغراف