تُجّار الأسلحة الفرنسيون يحجّون إلى قطر
تُعدّ قطر حاليا واحدة من أكبر الوجهات في العالم بالنسبة لصانعي الأسلحة، وخاصة الفرنسيين الذي أصبحوا يتوافدون على الدوحة على أمل الظّفر بنصيبهم من الكعكة، بحسب الصحيفة الإقتصادية الفرنسية، لا تريبيون، التي أفادت بأن الدوحة تستعد لضخّ عشرين مليار يورو في صفقات أسلحة بجميع أصنافها.
فقد أكدت الصحيفة أن قطر – التي وقّعت اتفاقيات دفاعية مع دول عظمى (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا) وأستضافت أكبر بنية تحتية عسكرية أميركية خارج الولايات المتحدة – “تعتزم شراء ما قيمته 20 مليار يورو من الأسلحة المُتنوعة”، وذكرت من بين “احتياجاتها” طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر وسفنا حربية وعربات مدرعة وصواريخ مضادة للطائرات.
وأضافت الصحيفة في تقرير مُطوّل بقلم الكاتب ميشيل كابيرول أن فرنسا تحلم خاصة ببيع قطر طائراتها المقاتلة “رافال”، جوهرة صناعة الطيران العسكري الفرنسي التي تصنعها مجموعة “مارسيل داسو”، والتي إستحال عليها بيعها للخارج وشكّلت مسألة بيعها أحد أكبر التحديات التي رفعها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي خلال ولايته الخمسية، وأصبحت كذلك هاجس الرئيس الإشتراكي الحالي فرنسوا هولاند.
وذكّرت الصحيفة بأن أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، كان قد “وعد صديقه ساركوزي بشراء ما بين 24 و36 رافالا لاستبدال طائرات ميراج 5-2000، والتي يمكن أن تجد هذه المرة مشترين في تونس ومصر”.
وتأمل باريس كذلك في بيع أسلحة أخرى، تأتي في مقدمتها دبابات “لوكلير” (Leclerc) ومروحيات نقل من طراز (NH90) المتوسطة الحجم و(Tiger) وسفن حربية وسيارات مُدرّعة وأنظمة دفاع مضادة للطائرات والعديد من الأجهزة الحديثة والالكترونيات الرقمية.
“غير متوفر”
لكن الصحيفة تقرّ بأن الصراع على الكعكة سيكون على أشدّه خاصة مع الأميركيين الذين سجّلوا رقما قياسيا في مبيعات الأسلحة ناهز 66.3 مليار دولار سنة 2011، ومثلت الدول العربية في الخليج العملاء الرئيسيين.
وقال تقرير للكونغرس الأميركي آنذاك أن مبيعات الأسلحة تضاعفت ثلاث مرات، وكان نصيب المملكة العربية السعودية منها ما قيمته 33.4 مليار دولار. لكن التقرير لم يكشف عن مشتريات قطر.
وخضعت هذه “الزيادة غير العادية”، كما وصفها الكونغرس، في ميزانيات الدفاع في الدول الخليجية إلى المراجعة في أعقاب الإنتفاضات العربية، التي تُباركها قطر، وتصاعد حدة التوتر مع إيران.
كما أن تقرير مجلة “ميدل ايست ايكونوميك دايجست (ميد)” (Middle East Economy Digest – MEED)، ومقرها لندن، للإنفاق العسكري في دول الخليج العربية، نقلا عن (Stockholm International Peace Research Institute)، ذكر كل ما يتعلق بالسعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وسلطنة عمان، لكنه وضع عبارة “غير متوفر” في الخانة التي تتعلق بقطر.
لوكلير في مواجهة ليوبارد
وذكّرت صحيفة لا تريبيون بدخول ألمانيا في ميدان التسليح في الخليج والتي ستُنازع فرنسا على “الكعكة”. وقد أبدت قطر اهتماما بشراء 200 دبابة من نوع ليوبارد2، وتبلغ قيمة الصّفقة حوالي 2 مليار يورو”. وأثار إحتمال بيع ألمانيا هذه الدبابات المُتطورة إلى قطر إنتقادات واسعة من جانب المُعارضة الألمانية التي ترفض الصّفقة بحُجّة إمكانية استخدامها ضد الشعب، بينما أكّدت صُحف ألمانية أن الدوحة تحتاج هذه الدبّابات لردع الجيران، وبشكل خاص إيران.
وتساءلت صحيفة “الكريستيان ساينس مونيتور” الأميركية آنذاك “كيف يُمكن لهذا القزم الثري للغاية، المُحاصر بين السعودية وإيران، أن يُحقّق الأمن والرّخاء لمُواطنيه البالغ عددهم ربع مليون نسمة؟”. وأجابت “أن يكون لديه بلد آخر أكثر قوة وصرامة من أجل حمايته. ولكن، لا شيء دون مقابل. والثمن أن تسمح قطر ـ وهي ثالث أكبر موطن للغاز الطبيعي في العالم ـ للولايات المتحدة بأن يكون لديها قاعدتان عسكريتان في هذا الموقع الإستراتيجي”.
“الربيع العربي” يُؤجّج حُمّى التسليح القطري
يعتقد المراقبون أن استيراد قطر للسلاح والمعدات العسكرية ـ الذي شهد انخفاضا ملحوظا في السنوات الماضية وانخفض لأقل من 50 مليون دولار في السنة ـ قد بدأ يتزايد بشكل كبير منذ أن تزعمت الدوحة حركة الاحتجاجات في دول “الربيع العربي”.
وقد أثنى الرئيس باراك أوباما، خلال المناظرة التي جمعته مُؤخّرا مع ميت رومني في إطار حملة الانتخابات الرئاسية، على التعاون مع الحلفاء الإقليميين (قطر والسعودية وتركيا)، عند الحديث عن تسليح المتمردين في سوريا. لكنه حذّر من أنه “يجب أن نعرف على وجه اليقين من نساعد ويجب ألا نضع الأسلحة في أيدي أشخاص يمكن في النهاية أن ينقلبوا علينا وعلى حلفائنا في المنطقة”.
وقال رومني بدوره “نحتاج لجهد قيادي فعال في سوريا للتأكد من تسليح المتمردين ومن أن المتمردين الذين يحصلون على السلاح سيكونون أطرافا مسؤولة”.
سيريان تلغراف | ميدل ايست أون لاين