حين يكون المزاح من وزن حمد .. بقلم الاسكندر طوسي
يحكى أن امرأة دأبت كل صباح على التعليق على غسيل جارتها المنشور قبالة نافذتها المغلقة بأنه غسيل قذر و غير نظيف .. و ذات يوم استفاقت و قالت لزوجها “أخيراً، تعلمت جارتنا كيف تنظف الغسيل !!” .. فابتسم الزوج و قال “لا، لكنني استفقت باكراً و مسحت الغبار عن النافذة التي تنظرين منها” ..
سنحاول (كعادتنا) مسح الغبار الممزوج بالدم .. عن نوافذ العرب .. المغلقة في وجهنا .. فليس الأمر في واقعنا العربي ببعيد كثيراً عن هذه الحالة .. حيث القطيع المتبعثر في شوارع الوطن و على شرفاته من الخليج الى المحيط .. يلتهم بنهم وجبات العلف المقدّمة له عبر شاشة الجزيرة ومشتقاتها النفطية .. فيستفيق صباحاً وهو مصاب بحالة من الاستحمار الفكري و الاخلاقي تدفعه ليتابع يومه متقمّصاً شخصية الناقة التي يشعل مقتلها كل يوم حرب البسوس .. بين أبناء الوطن الواحد ..
في الحقيقة، و خلف غبار النوافذ العربية ، لم يكن ينقص السيرك المصري سوى (حمد) .. فأتى يقدم عرضه الوحيد في غزة .. لا يشبه شيئاً سوى دبابة ميركافا اسرائيلية .. ترتدي عباءة بيضاء .. و تجر معها قطيعاً من الإبل .. لتغزو القطاع المحاصر..
ما عجزت عنه اسرائيل عام 2009 .. فعلته اليوم .. وسط تصفيق الحضور الاسلامي المجتر للهذيان .. الغارق في بول خيبته حتى الجبين .. القبة الحديدة التي أرادت اسرائيل منها أن تحميها من صواريخ المقاومة دخلت اليوم الى قطاع غزة كعباءة حديدية .. ستدخل مفرزاتها بقايا العرب في غيبوبة لن يستفيقوا منها الى على زوال آخر أمل بتحرير فلسطين ..
حصان طروادة .. دخل غزة .. مرتدياً عباءة الدين .. التي تحجب عن عيون المسلمين صورة القواعد الامريكية التي تملأ بلده .. و التي أهدت الجيش الاسرائيلي القنابل التي بعثرت أشلاء أطفال غزة ..
يدخل حمد الى غزة بعد أن تكفّلت حكومة الاخوان في مصر بتهديم أنفاق دعم الفلسطينيين المحاصرين .. و يتجول مزهواً بكرشه المنفوخ أمام أطفال مشردين تكالب الزمان عليهم من يوم خلقوا .. جوّعهم الزمان ليجعلهم عبيداً فأبوا .. حتى جاءهم ولاة الأمر .. يحملون بدل الماء للعطاشى .. بول البعير .. و مستحلبات ارضاع الكبير .. لشعب لطالما كان عزيز النفس ..
اليوم .. تزف الجزيرة للشعوب العربية قاطبة و للشعب الفلسطيني المنكوب خاصة نبأ حلول (العيد) مبكراً في غزة .. هكذا وصف مراسل الجزيرة وصول أمير قطر الى القطاع المحاصر .. ليقول للشعب الفلسطيني المحاصر كل عام و أنت شمّاعتي التي أعلق عليها كل خيباتي .. “كل عام و أنت (جيرو) سالم” ..
ولكن ، ما لا يعرفه كثيرون هو أنه حينما يحتاج أمير قطر لشهادة (تبييض) فهذا يعني أنه محشور في الزاوية .. فلا دجاجته قد باضت الذهب .. و لا الأسد قد سقط .. ولن تُرفع في دمشق صلاة لغير الله. أما نباح حمد و أردوغان .. فقد خلعه السوريون على عتبات المسجد الأموي .. الذي لا يقبل بدخول الأحذية الى محرابه .. فلم يكن أمام الأمير سوى غزة .. للإيحاء بالانجاز .. انجازٌ .. يطفو عل بحر من الحيض لم يجف بعد ..
بقي أن نقول ، لكل متناولي العلف اليومي على شاشة الجزيرة .. امسحوا عن الزجاج الدم العالق في أذهانكم .. من الحقد التكفيري و من بول البعير الذي يتساقط عليها فيحرمكم الرؤية بوضوح .. عساكم ترون و لو لمرة واحدة .. الحقيقة .. و تتوقفون عن النباح على شعب سورية الذي لا يزال حتى اللحظة يضع القدس بوصلة لنضاله و ليس شعار الناتو .. و توقفوا عن النباح على جيشها الذي لا زال يرفع علم فلسطين مع علم سورية .. و التفتوا .. و لو لمرة واحدة لتسألوا حكامكم عن سر تخمتهم .. لا عن اسكات جوعكم .. و اطلبوا منهم أن يتوقفوا عن استحماركم بحجة الممازحة .. و تذكروا أن ارادة الشعوب تكره المزاح (مظفر النواب) .. فكيف ان كان المزاح من وزن حمد؟؟
الاسكندر طوسي
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)