” أن تعرف أكثر ” كذبٌ بالعربية واعتذارٌ بالإنكليزية .. بقلم علي البقاعي
قرأت بتمعن البيان بالإنكليزية الذي نشرته قناة «أن تعرف أكثر» المسمّاة زوراً بالعربية، تحت إسم فيصل عباس، رئيس تحرير موقع «العربية نت» باللغة الإنكليزية، وفيه تعترف قناة «العربية» باللغة الإنكليزية، لغتها الأصلية، بأنها كذبت في شأن الخبر الفتنوي الذي شُغلت الدنيا به قبل أسبوعين حول حصولها على وثائق تثبت ضلوع سورية وحزب الله في إغتيال السياسي والإعلامي اللبناني جبران تويني.
أقرّت قناة «العربية»، باللغة الإنكليزية فقط، بأن هذه الوثائق التي نشرتها وطبّلت وزمّرت بها بعدها قناتا «المستقبل» و«إم. تي. في» والجوقة الآذارية وتوابعها على مدى أسبوعين كانت مزوّرة (Hoax) وأن القناة كانت ضحيّة عملية خداع من مصادر موثوقة في المعارضة السورية.
قناة «أن تعرف أكثر»، المسمّاة زوراً وكذباً بالعربية، لم تتحدث بالعربية هذه المرة، ولم تتوجّه إلى مشاهديها العرب وإلى محبي آراء عبد الرحمن الراشد الذي يدير هذه القناة الحاقدة الشريكة في سفك الدم السوري، بل نسبت الاعتراف بالكذب إلى فيصل عباس واعتذرت باللغة الإنكليزية، لأن أخبارها تكتب أولاً بالإنكليزية ثم تترجم إلى العربية، ولذلك لم نسمع خبر التكذيب بالعربية بعد.
يبدو أن ممولي ومديري ومترجمي وكتبة ومذيعي قناة «أن تعرف أكثر» المسمّاة زوراً بالعربية لم يقرأوا أو يسمعوا ما ورد واضحاً وصريحاً في كتاب الله، الذي يحكمُ آل سعود كذباً باسمه رعاياهم وموالينهم وعبيدهم وأجراءهم والمجنسين لديهم وخدمهم وما ملكت أيمانهم، عن المنافقين والفاسقين والكاذبين: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين».
لم تكلّف قناة «أن تعرف أكثر» نفسها ولم تكلّف أحداً من مئات الأنفار والأزلام العاملين لديها أو لدى ولي نعمتها بالبحث عن الحقيقة وإيجاد البيّنة التي أمرهم بها الدين الحنيف، بل إنها، وأنا على يقين من ذلك، هي التي فبركت الخبر، وهي مع من يموّلها «الفاسق» الذي أراد عن سابق تصوّر وتصميم بعث الفتنة المذهبية في لبنان بين أبناء الوطن الواحد تكملة لما تقوم به في دمشق، مع معرفتهم بأن الفتنة أشدّ من القتل، فكان أن تلقّف الخبر صغار العقول وضعاف النفوس ممّن يرتزقون من أصحاب العربية وبنوا عليه وطالبوا مباشرة بإقامة المحاكم ونصب المشانق «للقتلة المتآمرين».
ليست المرّة الأولى التي تكذب فيها «العربية»، قناة «المعرفة أكثر»، فقد كذبت يوم ادعت الحصول على رسائل البريد الإلكتروني الشخصية للرئيس بشار الأسد ونشرتها على صفحاتها الأولى. كذبت قناة «أن تعرف أكثر» في شأن قوة المعارضة السورية بأن ضخمتها، وكذبت في عدم تغطية الأسلوب الحضاري الذي تعاملت بها قوات الأمن السورية مع المتظاهرين في بداية الحوادث في سورية وفي تضخيم أعداد الضحايا من المدنيين، وكذبت في قضية مقتل الطيارين التركيين بعدما أسقطت الدفاعات الجوية السورية طائرتهما فوق الشواطئ السورية، وكذبت في موضوع جريمة اغتيال الضباط القادة في الجيش السوري، وكذبت في شأن مواقف الرئيس الأسد وحوّرت أقواله، وكذبت في شأن موقف نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، وكذبت في شأن «الإنشقاقات الهائلة» في الجيش السوري ولجوء المئات من كبار الضباط السوريين إلى تركيا، وكذبت في عدم وصفها ما تقوم به عصابات المعارضة ومن حالفهم من مرتزقة القاعدة وارهابييها ضدّ كل ما هو حضاري في سورية لناحية تدمير آثارها وسرقة ما تبقى منها، واغتيال العلماء والمفكرين وإحراق المدارس والجامعات واغتصاب النساء وإتلاف المزروعات، وكذبت حول سبب حريق مجمع الفيلاجيو في قطر عندما اتهمت مواطنين سوريين يعيشون في قطر بهذا العمل الجبان كذّبته الصحف القطرية في اليوم التالي مباشرة وبيّنت تلفيق «العربية». وهذا غيض من فيض.
إنني لا أشعر بالأسف للحال والمستوى اللذين انحدرت إليهما قناة «أن تعرف أكثر»، لكننى أشعر بالأسف حيال هؤلاء المذيعين والمذيعات الذين هم على يقين أنها كاذبة لا يراد منها الحقيقة والبيّنة بل بث الفتنة والتحريض، ولكنهم غير قادرين على تغيير الواقع لأن ما يقرأونه هو مصدر رزقهم، كما أشعر بالأسف تجاه المواطنين والمشاهدين الذين ما زالوا يصدقون هذه القناة الفاسقة كأصحابها.
خاتمة: أرجو أن يكون سعادة الشيخ المحامي، الأستاذ بطرس حرب، عضو مجلس النواب اللبناني، قد قرأ البيان الصادر باللغة الانكليزية عن قناة «أن تعرف أكثر»، وأتمنى عليه كونه مؤمناً بحرية الكلمة أن يكتب اعتذاراً يقرأه أمام سائر مراسلي القنوات التي غطّت مؤتمره الصحافي وإلى جانبه سعادة النائبة نايلة تويني (التي كادت تصدّق العربية ولكنها كانت متحفظة قليلاً) وأن يكون بيانه باللغة العربية وغير مترجم إلى الإنكليزية لغة «أهل العربية» فيشرح لجمهوره ولبعض أبناء وطنه الذين افترى عليهم موقفه كمحام ومشرع، ويعترف بأن التراجع عن الخطأ فضيلة.
أما لـ«العربية» فأقول: «هنيئاً لكم انتماءكم الجديد القديم لثقافة الناطقين بالإنكليزية فالأفضل لكم أن تستمرّوا بهذه اللغة لأنها تناسب شعاركم «أن تعرف أكثر» بحيث يصبح أن «تكذب أكثر» ولكن بلغة من يعرفونكم أكثر.
علي البقاعي | البناء
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)