صحيفة الديار اللبنانية : كيف سرقت عائلة الحريري أرض بيروت ؟
تنشر صحيفة الديار للقراء ولكل الخبراء الاقتصاديين معلومات دقيقة عن شركة سوليدير وكيف تمت «فضيحة العصر» أكبر فضيحة في تاريخ لبنان عندما تمت سرقة عاصمة لبنان وشراء الارض بأرخص الأسعار والسيطرة عليها خاصة من عائلة الحريري التي بلغت ارباحها في السوليدير رقماً لا يعرفه أحد، الا انه فاق الـ20 مليار دولار. وقالت الديار اذا كان رئيس مجلس ادارة المصرف اللبناني يجلس في مكتب على مساحة 1000متر مربع في الطابق الأخير من مصرفه ويطل على شركة سوليدير ويضع صورة الرئيس الحريري على مكتبه، وهو مشكور على ذلك، فانه يدرك تماماً ماذا فعل مصرفه وبقية المصارف في شراء اسهم سوليدير وتنفيذ أكبر فضيحة سرقة لأموال الناس في بيروت. نحن ننشر على أربع حلقات وقائع علمية عما جرى في شركة سوليدير وشراء الأراضي، والرأي العام اللبناني يحكم ان كان صحيحاً ام لا لأن كل شيء ما زال موجوداً وواضحاً.هل تصدقّون ان سعد الدين الحريري وناصر الشماع وفؤاد الخازن وسركيس دامرجيان وكميل ابو فرحات وروفائيل صباغة وعصام مكارم وماهر بيضون وفادي البستاني و عدة مصارف وبلدية بيروت وكريدي اغريكول سويس وغيرهم من الذين يملكون ملايين وآلاف الاسهم في الوسط التجاري استفادوا من عامل الارض والبحر والجو فحققوا ثروات طائلة بين ليلة وضحاها لا تقدّر بثمن.صحيح أن سعر سهم السوليدير قد تراجع الى ما دون 13 دولاراً اميركياً بعد ان وصل سعره في فترة من الفترات الى 36 دولاراً اميركياً، لكن المالكين لن يشعروا بأي ضيق لانهم ينامون على امجادهم الاسهمية وينتظرون ساعة الصفر لتحقيق الارباح الطائلة طالما ان السعر الواقعي للسهم هو بحدود 35 دولاراً أميركيا وهم يتلقفون بيع صغار المستثمرين هذه الاسهم التي تكون في حدود 30 الف سهم يومياً مبيعاً وشراء، لتحقيق الارباح المنتظرة كما فعلوا مع اصحاب الحقوق الاساسيين الذين كان عددهم في العام 1974نحو 40 الف صاحب حق في منطقة وسط بيروت فتم اغراء اعضاء اللجان التخمينية بتعويضات مالية واعطيت التعليمات لهم بتوحيد الاسعار ضمن منطقة جغرافية واحدة، فجرى تخمين 1630 عقاراً خلال 13 شهراً بقيمة 1170 مليون دولار اي بمعدل 1522 دولاراً للمتر المربع الواحد من الارض و100 دولار للمتر المربع الواحد المبني فيما كان متوسط الاسعار حينها يتراوح بين 2500 دولار و4 آلاف لسعر الارض وبين 300 و500 لسعر البناء، وهذا ما ادى الى بيع الكثير من اصحاب الحقوق لارضهم ومن تبقى تم تحويله الى اسهم لحامله، ولم يحصل اصحاب الحقوق الا على سبعة توزيعات لانصبة الارباح خلال 13 سنة بمعدل سنوي يبلغ 20 سنتاً للسهم الواحد.ولتبيان ما حصل في حق هؤلاء لم توجد سوى 150 عائلة من الوسط التجاري مقارنة بـ6300 عائلة كانت موجودة قبل انشاء سوليدير، وبالنتيجة اخرج هؤلاء ودخلت نسبة كبيرة من المتمولين والمستثمرين الخليجيين والعرب.
اما اليوم فقد استفاد هؤلاء المستثمرون من عملية ردم البحر، فزادت ثرواتهم بعد ان وافق مجلس الوزراء على ردم البحر مقابل الحصول على خيراته، فبلغ سعر المتر الهوائي في الواجهة البحرية نحو 5 آلاف دولار، وفي وسط سوليدير 3 آلاف دولار، وبلغ سعر المتر مبنياً بين 24 و36 الف دولار وسعر الارض يتجاوز 4 الاف دولار.واذا كان هؤلاء قد استفادوا من تخلي اصحاب الحقوق عن ارضهم اغراء وارهاباً، فانهم قد استفادوا بحراً وجواً بعملية الردم، خصوصاً اذا كان سعر المتر كمعدل وسطي حوالى 4 الاف دولار على ارض مردومة بحوالى 300 الف م.3، عندها تكون ارباحهم قد تجاوزت المليارات.ليس هذا فحسب، فقد تراجع الاهتمام بالوسط التجاري على الرغم من انه كان ملتقى الناس والحضارات والثقافات، فتراجع الاقبال على شراء العقارات وهذا ما ادى الى تراجع ارباح الشركة حسب دفترها الى 79 مليون دولار في العام 2011 مقارنة بـ 152 مليون دولار عن عام 2010 و175.2 مليون دولار عن عام 2009، وهذا ما ترك استياء لدى مجموعة واسعة من المساهمين ترى ان الاستثمار في اسهم الشركة لم يعد مرغوباً فيه وهذا ما يريده كبار المستثمرين وحاملو ملايين الاسهم.وقد اقرت شركة سوليدير توزيع انصبة ارباح لكل سهم بمعدل 25 سنتاً من الدولار لكل سهم، بالاضافة الى سهم واحد لكل خمسين سهماً لجميع المساهمين في سجل الشركة ليتم توزيعها اعتباراً من 15 تشرين الاول 2012.
وقد ابرأت الجمعية العمومية للشركة ذمة رئيس واعضاء مجلس الادارة عن ادارة الشركة في السنة المنصرمة وانتخبت مجلساً جديداً حيث فاز كل من ناصر الشماع الموالي للحريري رئيساً، ماهر بيضون وفادي البستاني نائبين للرئيس، روفائيل صباغة اميناً للسر، منير دويدي مديراً عاماً وباسيل يارد، وجوزف عسيلي واسامة قباني ومكرم عبود ورجا سلامة وماهر داعوق اعضاء في مجلس الادارة الجديد.صحيح ان شركة سوليدير قد انجزت عملها في الوسط التجاري، لكنها تمكنت من التمدد خارج نطاقها من دون أن يرف لها جفن، ولم تتقيد باتفاقياتها كما حدث مع بعض الصاغة والجوهرجية في منطقة الاسواق حيث تحول نزاعهم الى المحاكم ومن المتوقع ان يصدر الحكم في الشهر المقبل، واكلت حقوق اصحاب الحقوق الاصليين، وتنازعت مع شركة سوديك المصرية في مصر بعد ان انشأت شركة «انترناشيونال هولدينغ» لتأسيس سوليدير مصر، وغيرت الاسماء فتحول خليج مار جرجس الى «زيتونة باي». واستولت على المساحات المردومة فتحركت حركة «المشاع» لمواجهة هذا التمدد والتعدي على الاملاك العامة وانقاذ ما يمكن انقاذه وتحويل هذه المنطقة الى منتزه وطني، وأمحت الآثارالتاريخية التي تعود الى آلاف السنوات.
استياء صغار المستثمرين في السوليدير من تراجع اسعار الاسهم وتراجع حركة بيع العقارات والنزاعات التي بدأت تعصف بالشركة في الخارج لن تبدّل اي شيء في تركيبة مجلس الادارة برئاسة ناصر الشماع حيث لم يتمكنوا من تبديل اي قرار في مجلس الادارة او حتى نقل موظف من مكانه بحسب رأي احد المستثمرين الصغار، لأن من يقبض على مجلس الادارة هو ذاته من يديرها ومن يملك الاكثرية ومن يمثل المصالح العليا. ويقول بعض المستثمرين ان رئىس مجلس الادارة ناصر الشماع الذي يحمل اكثر من 5 ملايين سهم بموجب تفويضات من مالكيها الاصليين ومن بين هؤلاء سعد الدين الحريري وشركات تابعة له.لكن الحصة الكبيرة من الاسهم هي للمصارف بينها بنك البحر المتوسط الذي يملك ملايين الاسهم، البعض قال انها تتجاوز 15 مليون سهم، بنك نيويورك الذي يملك اسهماً كثيرة، مصرفان لبنانيان ، اللذين يملكان ايضاً ملايين الاسهم، بالاضافة الى بلدية بيروت والمؤسسة الوطنية لضمان الودائع والاوقاف، مع التأكيد ان حاملي الاسهم قد يتغيرون بسبب عمليات بيع او شراء للاسهم، لكن من المؤكد انهم ليسوا من تم ذكرهم لانهم ما زالوا متمسكين بهذه الاسهم وعمليات البيع تتم من خلال صغار المستثمرين.
وبالتالي من خلال هذه الاسماء يمكن الافتراض أو التأكيد ان من يمسك بقرار الوسط التجاري هو الرئيس سعد الدين الحريري نظراً لما يحمل من اسهم وما له من دالة على هؤلاء الذين يملكون هذه الاسهم ومن بينهم بنك البحر المتوسط او رئيس مجلس الادارة ناصر الشماع او باسيل يارد..الجدير ذكره ان بعض المصادر المطلعة افاد بأن عدد اسهم سوليدير يتجاوز 150 مليون سهم موزعة بين الفئة «أ» والفئة «ب».وقد ذكرت الشركة في الجمعية العمومية ان سيولتها النقدية تبلغ 165 مليون دولار في مقابل تسهيلات مصرفية وقروض قصيرة الاجل بقيمة 555 مليون دولار، اما السندات فمحررة لمصلحتها والناتجة عن عقود بيع اراض فتصل قيمتها الى 551 مليون دولار تستحق خلال السنوات المقبلة.ومن المتوقع ان تطلق الشركة مشاريع في اسواق بيروت يتوقع افتتاحها مطلع العام المقبل مثل المجمّع الترفيهي ومشروع المجمّع التجاري الكبير، كما ستنجز اعمال مشروع سكني في الصيفي من نهاية العام الحالي.وقد يكون مالك فندق ومسبح السان جورج فادي خوري المساهم الوحيد الذي ما زال يعارض مخططات مجلس الادارة وهو لا يترك مناسبة قضائية او مالية او اعلامية الا يطل من خلالها لفضح «مؤامرة» هذه الشركة، بحسب تعبيره وتعدياتها على املاك الغير خصوصاً على املاكه بحيث يترك فندق السان جورج على حاله ولم يقم باصلاحه احتجاجاً على تدخل السوليدير في هذه القضية وعلى قضم الاملاك العامة المواجهة لمسبحه.
وقد عمد مؤخراً الى الاعتراض على قيام حائط يسد المنظر الطبيعي لمسبحه وحولت الشركة هذه البقعة الى مرفأ سياحي يؤمه كبار المستثمرين لليخوت الكبيرة والفخمة، عبثاً حاول الاحتجاج لكن محاولاته ذهبت ادراج الرياح، مما اضطره الى رفع الدعاوى ضد الشركة.وقد رفع مالك فندق ومسبح السان جورج فادي خوري دعوى على الشركة بسبب ارتكابها عدة تجاوزات ويتهمها بإساءة استعمال السلطة لانها اتخذت قرارات لغير منفعة الشركة ولخدمة منافع ومصالح خاصة على حساب منافع الشركة ومصالحها. اضافة الى انها تخالف مبدأ المساواة بين المساهمين ما يجعلها مشوبة بتعسف الاغلبية.ويشير الى تهريب الارباح لسوليدير من طريق استثمارها في الخارج حيث لن تكون بمنأى من المخاطر الاقتصادية والمالية والسياسية والاقليمية الرائجة حاليا.ويلفت الى ان التقرير الخاص الذي اعدته يغفل ذكر الشركات التي تتعاطى اعمالا مشابهة لاعمالها ويشترك فيها بعض اعضاء مجلس ادارتها وهم ايضا رؤساء مجالس اداراتها ولم يصر الى اعلام الجمعية العمومية بهذا الامر الثابت في قيود امانة السجل العقاري.وحسب تقرير مفصل من شركة سوليدير اصدره مصرف «FFA Private Bank» وهو يملك اسهما فيها، فإن ايرادات الشركة مركزة على البيوعات العقارية الكبيرة لعدد قليل من الزبائن. ويقدر البنك ان 80% من تلك الايرادات تتوزع على 5 زبائن فقط، لذا ان اي تدهور ملحوظ في قدرة التسديد لدى اي من زبائن سوليدير الكبار قد يدفع الشركة الى زيادة مؤوناتها.
وفي الواقع تمثل الاراضي الجزء الاكبر من اصول الشركة، غير ان الاراضي صعبة التسييل بسعر عادل خلال تراجع عقاري قد يمتد عدة سنوات، «ومن شأن هذا الوضع ان يعوق الاداء التشغيلي المستقبلي للشركة وبهوامش مستقرة خلال فترة عملها.فقد تأسست الشركة عام 1994 بموجب مرسوم حكومي لتطوير وسط بيروت واعادة بنائه، على ان تعمل لفترة 25 عاما وقد مدّد لها لفترة 20 عاما اخرى.ويقدّر التقرير معدل سعر المتر المربع الواحد من بنك الاراضي بـ 8000 دولار بناء على تقدير بقيمة 6 آلاف دولار للمنطقة الاساسية و9 الاف دولار في الواجهة البحرية. ويرى ان عناصر قوة الشركة تتمثل اساسا في نوعية الاراضي التي تملكها والاسعار المؤاتية السائدة. في المقابل الشركة ضعيفة لناحية نموذجها القائم على مساحة محددة من الاراضي والاعتماد على بيع تلك الاراضي (88% من الايرادات) في جغرافية محدودة وتركز الزبائن.وقدرت بعض المصادر اجمالي الموجودات في الشركة بأكثر من 10 مليارات دولار بين عقارات وسيولة ومساهمات، في حين ان ديون الشركة لا تشكل سوى 6 في المئة من اجمالي موجوداتها.وهذا يعني ان قيمة السهم الحالية ما زالت دون السعر الحقيقي او السعر التجاري الذي قدرته بعض المؤسسات المالية بما يقارب 20 دولارا، ومع ذلك فإن مجرد الاعلان عن النتائج المالية واستمرار العمليات العقارية وتطوير الاسواق ونمو العائدات ينتظر ان ينعكس وضعا جديدا للسهم.ويبقى السؤال امام هذه المخالفات المتكررة، ماذا فعلت الحكومة لاسترداد الحق الى اصحابه: فأصحاب الحقوق الاصليون هجروا مدينتهم بعد ان تحولت منازلهم المهدمة الى اسهم والبحر الذي كان المواطن المسكين يمتع نظره به ردمت اجزاء كبيرة منه استثمرتها سوليدير فحققت الارباح من دون ان تحقق الدولة اي شيء، والاثار التي كانت بيروت معقلا لها ردمت او اختفت، والاتفاقيات التي وضعتها الشركة ابعدتها كأنها لم تكن، والارباح الكبيرة لم يستفد منها المستثمر سوى بـ 20 سنتا او في اكثر الاحيان بدولار واحد فقط لكل سهم، رغم ان الحكومة الحريرية اعفتها من الضرائب والرسوم وقدمت لها تسهيلات لم تحصل عليها ا ي شركة وذلك بموجب القانون رقم 117/95 الذي نظم عمل مجلس الانماء والاعمار وعمل الشركة. ومن تلك الاعفاءات الضريبية، اعفاء المقدمات العينية لتكوين رأس مال سوليدير من معاملة التحقق المنصوص عنها في المادة 86 من قانون التجارة، استثناء الشركة من احكام المادة الاولى من قانون تملك غير اللبنانيين واعفاؤها من الترخيص وجرى اعتبار المشترين العرب والاجانب كلبنانيين واعفوا من علاوة الاجانب على رسم التسجيل، اعفاء الشركة من رسوم الكاتب العدل العائدة للدولة ورسوم التسجيل في السجل التجاري ورسم الطابع على رأس المال واعفاء مقدماتها المالية من جميع رسوم الانتقال من اصحابها الاصليين الى الشركة، اعفاء الشركة من ضريبة الدخل لمدة 10 سنوات من تاريخ تأسيسها. وكذلك اعفيت اسهمها واعفي مساهموها بصفتهم مساهمين في الشركة من ضريبة الباب الثالث من قانون ضريبة الدخل خلال المدة ذاتها. وقد سمح للشركة ان تتملك من دون مقابل الاجزاء من الاملاك العامة غير المبنية التي لا تدخل في الاملاك الجديدة والتي تكون خاضعة للترتيب المنصوص عليه في القانون رقم 117/95 وحصلت الشركة ايضا على اعفاء من رسم الاقتطاع على توزيع الارباح وغيرها.وهذا يعني إن الشركة قد نالت اعفاءات بملايين الدولارات كانت ستدخل خزينة الدولة.ويبقى السؤال : هل اعادت سوليدير الصورة الجميلة لبيروت؟ وهل اعادت سكانها الاصليين الى منازلهم؟ وهل ابقت الوسط التجاري ملتقى للثقافات والحضارات والتنوع؟اسئلة كثيرة تبقى الاجوبة عنها غامضة…
سيريان تلغراف