لوفيغارو : الصراع السعودي – القطري حول مسلحي سوريا واجتماعات سرية في تركيا
كشفت صحيفة لوفيغارو الفرنسية في تحقيق لها عن صراع قائم بين قطر والسعودية للسيطرة على المسلحين في سوريا.
وقالت الصحيفة إن آل سعود يوجهون المال والسلاح تجاه المجموعات السلفية في حين يعمل آل ثاني في دعم الجماعات المسلحة التابعة للإخوان المسلمين.
وتنقل الصحيفة عن عصام، وهو أحد قادة المجموعات المسلحة في ريف دمشق أن “صراعاً نشب مطلع أيلول الماضي في مقر قيادة العمليات بمدينة أضنة بتركيا بين ممثلي آل سعود وآل ثاني الذين يعملون تحت إشراف الأتراك تجاه توزيع المال والسلاح ومنذ ذلك الحين كل طرف يعمل باستقلالية دون التنسيق مع الطرف الآخر”.
وتضيف الصحيفة أن مقر قيادة العمليات الذي تم تأسيسه في الربيع الماضي بإشراف تركيا لمساعدتها على مراقبة تدفق السلاح، يعد المقر الرئيسي لتجميع السلاح الخفيف والمتوسط (صواريخ حرارية مضادة للدروع وصواريخ مضادة للطيران) وكذلك لتجميع المال إلى حين توزيعه على الجهاديين الوافدين من كل أرجاء العالم وإلى مناطق المواجهة بين المسلحين والجيش العربي السوري.
وتقول الصحيفة إن أغلبية السلاح مصدره السوق السوداء ويتم شراؤه بالمال السعودي والقطري من خلال موفدين سعوديين وقطريين ولبنانيين يصلون إلى أضنة لتسليم المال وتنسيق عمليات توزيع السلاح على «المعارضة» المسلحة.
وتستند الصحيفة في تحقيقها على عدد من شهادات قادة مجموعات إرهابية يؤكدون خلالها أن الصراع القائم حالياً بين آل سعود وآل ثاني سببه الرئيسي تصميم آل ثاني والأتراك على السيطرة على مقر العمليات وتوزيع السلاح حصرياً لجماعاتهم (الإخوان المسلمين) الأمر الذي أغضب آل سعود لأنهم يريدون دعم السلفيين دون سواهم.
وتنقل الصحيفة عن «أبو حمزة» قوله بأنه: «ذهب عدة مرات إلى اسطنبول للبحث في إمكانية الحصول على دعم مادي وعسكري من جماعة الإخوان المسلمين إلا أن المفاوضات فشلت لأنهم يشترطون سيطرتهم على العمليات على الأرض الأمر الذي نرفضه».
وتضيف الصحيفة أن من يملك المال يحصل على السلاح الأفضل ويكون أكثر قدرة على قتال الجيش العربي السوري وتوزيع «أفلام العمليات التي ينفذونها» على القنوات الإخبارية الخليجية (الجزيرة القطرية والعربية السعودية) ما يطمئن مموليه فيرسلون له مزيداً من المال والسلاح، كما يساهم نشر هذه الأفلام على بث الحماس لدى فئة من الشباب في دول الخليج للذهاب والقتال إلى جانب المجموعات المسلحة.
وتحدث التحقيق عن مئات الفصائل أو المجموعات الإرهابية التي تعمل فوق الأراضي السورية وعن حالة من الفوضى سببها الرئيسي المال الخليجي الذي يتصارع عليه جميع المسلحين، وجاء في التقرير نقلاً عن خبير أجنبي على علاقة بالمجموعات المسلحة: «حين يرفض أحد قادة المجموعات العمل مع القطريين يصل مباشرة مبعوث من قبل آل ثاني للتفاوض مع نائبه حاملاً حفنة من المال لإقناعه بالتخلي عن قائده وللقتال بالتنسيق مع القطريين».
ويضيف الخبير: «وعادة ما يقبل النائب ما يؤدي إلى مزيد من التمزق في هياكل المجموعات الإرهابية الأمر الذي بدأ يقلق دول الغرب التي تطالب بتوحيد المجموعات وليس تمزيقها»..
ويضيف الصحفي الفرنسي أن الغرب يطالب منذ أشهر بقيادة موحدة للمجموعات المسلحة العاملة على الأرض لكن حتى المحاولات جميعها فشلت، فالمحاولة الأولى كانت في 28 آب الماضي حين استدعت تركيا “قادة” في عصابات “الجيش الحر” في تركيا والأردن بحضور ممثلين عن آل سعود وآل ثاني وقيادات الإخوان المسلمين، وبعد أن طالب القادة الأتراك وبإصرار أن يتولى قيادة المجموعات ذوو الخبرة رفض الإسلاميون رفضاً قاطعاً ذلك الطرح على اعتبار أن هؤلاء ذوو خلفية علمانية وقد يفاوضون يوماً الدولة السورية «وهو أمر مرفوض».
وتضيف الصحيفة أن اجتماعاً آخر أقيم مطلع أيلول وفشل أيضاً الأمر الذي استدعى أن يقوم آل ثاني بإرسال موفدين إلى قائد عصابات “الجيش الحر” شمال إدلب الذي طالب كل المجموعات الإرهابية العاملة في إدلب بأن تتوحد مقابل مبالغ مالية كبيرة ستصل إلى عناصرها.
وتضيف الصحيفة أن تفرد آل ثاني بقرار توحيد المجموعات في شمال إدلب أزعج آل سعود الذين بدورهم طلبوا من جماعاتهم في الداخل تأسيس قيادات مشتركة أيضاً بقيادة أحد ممثليهم على الأرض وبإشراف النائب اللبناني عقاب صقر الموجود في تركيا والذي يساعد على توزيع المال وإيصاله إلى الإرهابيين ونتج عن كل ذلك تأسيس قيادتين أو أكثر للإرهابيين في الداخل السوري ما يجعل الأمر أكثر تعقيداً.
وتختم الصحيفة تحقيقها بكلام منسوب لأحد الناشطين في ريف دمشق يقول: “نحن بحاجة ماسة لقيادة موحدة فهناك مجموعات تختلف في فكرها ومنهجها منها من يريد قلب النظام ومنها من يريد تدمير الدولة و خاصة الإسلاميين، مؤكداً استحالة تحقيق أي وفاق فيما بينهم”.
سيريان تلغراف