الجيش السوري الحر …. هكذا أراد أن يدخل دمشق فاتحاً
قبل أسابيع وتحديداً نهار الثلاثاء في الثالث من كانون الثاني – يناير من العام الحالي أعلن الضابط المنشق رياض الأسعد عن بشارة للثوار السوريين ولداعميهم من وهابيي العرب وإخوانهم …
وجاء في تصريح الأسعد ما نصه :
إنه غير راض عن مدى التقدم الذي يحققه المراقبون العرب في وقف الحملة العسكرية ضد المحتجين، وهدد بأنه لن ينتظر سوى أيام قليلة فقط قبل ان يصعد العمليات بأسلوب جديد في الهجوم.
وابلغ العقيد رياض الاسعد “اذا شعرنا انهم (المراقبون) ما زالوا غير جديين في الايام القليلة المقبلة او على الاكثر خلال اسبوع سنتخذ القرار وسيكون مفاجأة للنظام ولكل العالم”.
وقال الاسعد “على الارجح سنصعد العمليات بشكل كبير جدا”.
واضاف: ان التصعيد لن يكون اعلان حرب صريح ولكن “ان شاء الله ستكون نقلة نوعية والشعب السوري كله سيكون خلفها”.
هذا التصريح (الغبي من الناحية الإستراتيجية والعسكرية) لم ينطلق من فراغ بل إستند (الكلام المتبجح ) على عمل إستخباري كبير قامت به على مدى أشهر ماضية كل من الولايات المتحدة ومخابرات تركية السعودية (ومعهما دزينة ونصف من مخابرات الدول المعادية للرئيس بشار الأسد عربيا وأوروبيا).
المعلومات المتوفرة من مصادر في العاصمة السورية دمشق ومن مصادر عربي برس في إسطنبول أشارت إلى أن الأتراك وجهوا تحذيرا شديد اللهجة إلى الضابط المنشق – الأسعد – بعد تصريحه ذاك ، وقد منعت الإستخبارات التركية (التي تشرف بشكل كامل على عمل رياض الأسعد وتسيطر عليه ) الأسعد من التواصل مع شخصيات – مفاتيح المسلحين في الداخل السوري ، حيث أن بعضهم يتوهم بجهل أن الأسعد حقا هو القائد العملي للحراك المسلح لمعارضي النظام في سورية.
مصادر المعلومات في العاصمتين السورية والتركية أشارت إلى أن المفاجأة التي تحدث عنها الأسعد تتمثل في عملية أمنية عسكرية صاعقة كان يطمح الأميركيون ،ومعهم الأتراك والسعوديين ،من خلالها لتطويق دمشق من الجهات الأربعة ودفع الجيش السوري إلى شن عمليات عسكرية واسعة تسبب أنهرا من الدماء، ما كان برأي المخططين الغربيين سيشعل المدن النائمة ، كما أن الخطة العسكرية – الأمنية تلك كانت تلحظ سيطرت المجموعات المسلحة على أرياف دمشق الشرقية والغربية والتمدد منها إلى داخل العاصمة وخاصة في أحياء وقرى القدم والميدان وجوبر وزملكا والديماس وداريا وعربين ودوما وحرستا، ومن ثم الإنطلاق منها إلى كفرسوسة وإلى وسط العاصمة عبر قطع الطريق السريع بين باب توما والمزة (المحلق) على أن تثور في الوقت عينه قرى محيط المطار القريبة من دمشق، وكذا قرى محافظتي درعا (تمتد إلى ريف دمشق) وحمص وحماة (تمتد إلى ريف دمشق)، فيصبح للعاصمة ممر واحد إلى خارجها هو السماء ، هنا تلحظ الخطة تكرارا متصاعدا لخطة فرض العطش والجفاف الخدماتي على العاصمة وإرهاق القوات المسلحة السورية في جوارها بالهجمات على طريقة الأغوار (كما حصل في الديماس مرتين) .
لهذا أدخل الأميركيون عبر عملاء للسعوديين والأتراك كميات هائلة من السلاح وأعدادا كبيرة من المسلحين الذين تلقوا تدريبات متطورة جدا في لبنان وفي تركيا وفي الأردن وإشترى أثرياء بتمويل قطري سعودي – منذ أشهر – شققا وعمارات لم تسجل عمليات بيعها علنا في مناطق إستراتيجية من دمشق، وقد سكنتها بشكل معلن عائلات مهجرة من حمص وحماة وريف دمشق، ولكن فعليا كانت تلك العائلات غطاء لمجموعات من المسلحين الذي جرى إدخالهم إلى دمشق للمشاركة في الإنتفاضة المسلحة حين تحين اللحظة .
مصدر صحافي مطلع عامل في دمشق ومن جنسية عربية قال لعربي برس :
تلك الخطة كانت معروفة على نطاق واسع بين الثوار وبين قيادات التنسيقيات وكانوا ينتظرونها على أحر من الجمر، وبسببها جرى نقل الملف السوري إلى مجلس الأمن بعد فشل خطة إغراق سورية في أحضان المراقبين العرب.
لماذا فشلت الخطة إن كانت محكمة إلى هذا الحد وممولة بمئات الملايين من الدولارات وجرى تحضير كل مستلزمات نجاحها، ومن ضمنها كان مفترضا أن تحصل عمليات إنشقاق واسعة جدا في صفوف العسكريين داخل العاصمة وفي محيطها بناء على إتصالات مخابراتية سعودية – أميركية – تركية – قطرية – لبنانية (فرع صهاينة لبنان) مع بعض المصادر العسكرية في سورية ؟
المعلومات المتقاطعة بين مصادر في دمشق وأخرى في تركيا كشفت لعربي برس التالي :
معاوية مات، ولكن في سورية اليوم من هم أشد دهاء من رمز الدهاء في العالمين العربي والإسلامي، فما حصل لا يمكن كشفه اليوم بالتفاصيل لأن ذلك سيبدو عملا مخابراتيا منحازا لطرف المعارضة السورية، ولن يكون عملا صحافيا مجردا من الغايات لذا سنكتفي في عربي برس في عرض ما نراه مناسبا للحظة الحالية حيث لا تزال المعارك مستمرة مع المسلحين في عدد من المناطق السورية، ولكن هناك بعض الإشارات التي يمكن الحديث عنها أولها الأسئلة التالية :
لماذا لم يدخل الجيش السوري إلى ريف دمشق الشرقي بقوة إلا بعد سيطرة المسلحين عليها بشكل علني وإعلانها مناطق محررة ؟
ولماذا لم يتمكن الجيش السوري من حسم المعركة قبل اسابيع في مدينة الزبداني وجوارها بعد إعلان المسلحين سيطرتهم عليها وإعلانهم أن الزبداني وجوارها منطقة محررة وعازلة وتخضع للجيش الحر ، وكيف حسم الجيش السوري المعركة في الزبداني خلال ساعات ليل أول من أمس ولم يحسمها في ايام خلال المعركة الماضية ؟
وإذا كانت الولايات المتحدة والمستعمرات العربية التابعة لها وحلفائها الأوروبيين يمكرون للنظام ويخترقون صفوفه فهل إخترق النظام صفوف مخترقيه وضيع جهودهم وجعل من أحلامهم هباء ؟
الأهم هو المعلومات التي تحدثت عن أن الخطة الأخيرة من أولها لآخرها كانت مكشوفة للسلطات السورية بكل تفاصيلها منذ فترة وقد توفرت للأجهزة السورية معلومات أصابت بعض ضباط الأمن بالحكاك الأمني ومع ذلك لم يعطوا الإذن من القيادة العليا لضرب أوكار المعارضين المسلحين في العاصمة وجوارها إلى حين بدء معركة كسر العظم في مجلس الأمن فكسر الأمن السوري عظام عملاء المعارضة المسلحة السريين في حين تولت روسيا مهمة القضاء على الشق الدولي من المعركة في مجلس الأمن.
هل إنتهت المعركة وحسم الرئيس بشار الأسد المعركة لمصلحته بالجيش والأمن السوريين ؟
الرئيس الأسد قال يوما في لقاء تلفزيوني ما مفاده : ” حين نكون في خضم المعركة مع الغربيين نشعر بالراحة لأننا نعرف ما الذي يخططون له فنواجههم ، ولكن حين لا يعلنون العداء ضدنا نشعر بالحاجة إلى الحذر لأننا لا نعرف حينها ما هي خططهم القادمة للعدوان علينا “
المعركة مستمرة مع سورية وحولها والسؤال لا يجب أن يكون عن موعد نهاية المعركة لأنها ستكون طويلة جدا وقاسية جدا ، السؤال يجب أن يكون كيف يمكن خوض المعركة العسكرية والأمنية والديبلوماسية الشرسة مع الخارج وفي الوقت عينه تحقيق إصلاحات جذرية وقاسية حتى على النظام تنزع من يد الخارج حججا ظاهرها حق، ولكن باطنها هو وقود تفتيت سورية بالتحريض الإعلامي والسياسي والمذهبي .
المصدر: عربي برس