اقتصاد

البطالة في السعودية : فشل حكومي ولا حل إلا بغضب شعبي

مع انطلاقة الثورات العربية والإطاحة برؤوس زعماء عرب ديكتاتوريين، تحسس الملك السعودي رأسه وأصدر قراراً ملكيا بإطلاق برنامج حافز لإعانة السعوديين الباحثين عن عمل، وهو الوصف الرسمي لظاهرة البطالة المتفشية بين الشباب السعودي، المشكلة التي تؤرق المجتمع السعودي وأحد أبرز أسباب اشتعال الثورة في عموم المملكة، في ذلك الحين ظن النظام السعودي أنه تخلص من فتيل ثورة العاطلين عن العمل، لكن بعد قرابة العام يبدو أن مصير برنامج حافز إلى زوال بعد فشله ومن وراءه النظام السعودي في احتواء البطالة التي ارتفعت نسبها إلى ما يقارب الضعف.

في التاسع من أيلول سبتمبرقررت المملكة العربية السعودية وقف العمل بالبرنامج الوطني لإعانة السعوديين الباحثين عن عمل “حافز”.

وقال عادل فقيه وزير العمل السعودي إن وزارته “ملتزمة بالأمر الملكي الذي حدد فترة الإعانة بسنة ولن تكون هناك فترة للتمديد” وذلك في إشارة إلى قرب قطع إعانة البرنامج المذكور عند قدوم الموعد المحدد بعد أربعة أشهر من الآن.

وقبل أكثر من عام، أطلقت الرياض بأوامر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز برنامج “حافز” الذي يقضي من بين مقرراته، بصرف مُخصص مالي قدره ألفي ريال (حوالي 600 دولار) شهرياً طيلة 12 شهرا، للباحثين عن العمل في القطاعين العام والخاص في المملكة التي تعاني أزمة بطالة تقدر نسبتها بأكثر من 10 بالمئة. وتم لحد الآن صرف 8 دفعات إعانة من هذا البرنامج.

وتؤكد أنظمة البرنامج السعودي “حافز” إلى أن 554 ألف مستفيد على الأقل، ستنقطع الإعانة عنهم بعد خمسة أشهر مقبلة في حين أنه لم يتم توظيفهم بعد.

وناهز عدد المتقدمين للبرنامج من الجنسين المليونين منذ فتح باب التسجيل في البرنامج أواخر 2011.

وقال مراقبون إن توجه المسؤولين السعوديين لوقف البرنامج يأتي بسبب فشله في تحقيق اهدافه التي وضع من أجلها وهي تهيئة الآلاف من الشبان العاطلين وإعدادهم ومن ثمة إدماجهم في سوق العمل.

وحذر صندوق النقد الدولي في تقرير رسمي من ارتفاع أعداد العاطلين في السعودية وفي عموم الدول الخليجية إلى ما يراوح بين مليونين و3 ملايين عاطل خلال السنوات الخمس المقبلة في حال لم يتم اتخاذ إجراءات تصحيحية في أسواق العمل في الدول الخليجية الست.

ويبلغ معدل البطالة الرسمي في السعودية 10.5%، لكن هذه النسبة لا تشمل أعدادا كبيرة من السعوديين في سن العمل لم يجر احتسابهم ضمن القوة العاملة على اعتبار أنهم لم يتقدموا بطلب عمل.

لكن فداحة مشكلة البطالة التي تواجهها المملكة اكبر بكثير مما تدعيه الارقام الرسمية إذتشير أحدث البيانات المتوفرة إلى أن عدد الذين تم التأكد من أهليتهم لبرنامج “حافز” بلغ 1.7 مليون متقدم يمثلون وفقاً لأحدث بيانات منشورة ما نسبته 19,7% من إجمالي القوى العاملة لعام 2009م. وإذا افترضنا أن معدل نمو القوى العاملة في المملكة سيستمر بنفس الوتيرة؛ فإن حجم القوى العاملة في المملكة سيصل إلى 8,93 ملايين في عام 2011م، أي أن معدل البطالة بين السعوديين سيكون عند 19.0% في نهاية عام 2011م.

في المقابل تشير بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات إلى أن عدد العاطلين عن العمل بلغ 463,0 ألف عاطل في عام 2009م، أي أن معدل البطالة في المملكة بلغ 5,4% ( يشمل السعوديين والأجانب)، في حين تشير بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي (التقرير السنوي) إلى أن معدل البطالة بين السعوديين بلغ 10,5% في عام 2009م، أي أن معظم العاطلين هم من السعوديين أما الأجانب فمعدل البطالة بينهم لم يتجاوز 0.3% في عام 2009م.

إذاً يوجد فرق كبير بين بيانات “حافز” وبين الأرقام الرسمية التي تنشرها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، ففي الأحوال الطبيعية يتعذر أن يرتفع عدد العاطلين عن العمل بنسبة 360% خلال ثلاث سنوات، أي أن يقفز رقم المصلحة من 463 ألف عاطل في عام 2009م إلى 1,7 مليون عاطل في عام 2011م.

وبالرغم من أن برنامج “حافز” لا يشمل العاطلين فوق سن 35 سنة الذي لا يعتبر سنا تقاعديا، إلا أن الاختلالات الكبيرة بين برنامج “حافز” وتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات لحجم البطالة في المملكة.

اذا استطاعت حافز وخلال عام كبح غضب الشباب السعودي العاطل عن العمل، كيف سيسطر آل سعود على الغضب بدون حافز أو مشروع مسكّن بديل، وكيف لنظام هزه كاريكاتور يرمز للسعودية ببلد المليون عاطل، ألا يهتز لبلد المليون وسبعمئة ألف شاب عاطل ناقم على من أوصله لهذا الحال؟

منعت إدارة تحرير صحيفة “الجزيرة” التي تصدر من المنطقة الوسطى كاريكاتير للرسام عبدالله جابر من النشر، ويصور الكاريكاتير العلم السعودي الى جانب علمي الجزائر بلد المليون شهيد والبحرين ذات المليون نخلة، وكتب فوق العلم السعودي بلد المليون

عاطل، وهو الرقم الذي أعلنه وزير العمل عادل فقيه قبل أيام وأضاف عليه نصف مليون أخرى، مجموع المتقدمين على برنامج حافز لإعانة العاطلين عن العمل .

برنامج حافز لم يوجد ليحل مشكلة البطالة وإنما للحد من الحديث عن هذه المشكلة يوميا على صفحات التواصل الاجتماعي ولاعطاء الشباب أملا واهما يلهيهم عن السؤال عن سبب تأخر الحلول وبقاء مشاريع خلق الوظائف على ورق مثلها مثل المشاريع السكنية وكثير غيرها مؤجل، فأين هي احتياجات المواطن السعودي من مخصصات أموال النفط؟ هل تكون بتسليح جماعات متطرفة في العالم ودعم الاقتصاد الأميركي ومحاربة ايران اقتصاديا؟ للنظام السعودي حساباته وللشباب حسابات أخرى لابد أن تجد طريقه للتحقق بعيداً عن مشيئة آل سعود.

سيريان تلغراف | عربي برس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock