محور المقاومة : تراكم الانجازات .. كيف يرد الغرب ؟ .. بقلم أمين حطيط
في اقل من اسبوع سجل محور المقاومة من ايران الى لبنان مرورا بواسطة العقد سورية ، سجل انجازات لم تكن في خلد الغرب امكانية تحقيقها ، خاصة و انه كان يؤمل بان حربه الكونية على هذا المحور ستقود مسيرته في اتجاه معاكس و تدفع المحور الى التهاوي والتراجع و في التفاصيل سجل محور المقاومة ما يمكن ذكره بـ :
1) انتصار في حرب دبلوماسية شاقة تجلى في انعقاد قمة عدم الانحياز في طهران ، حيث تمكنت ايران من اجهاض محاولات التطويق و العزل التي جهد الغرب على ممارستها طيلة عقود ثلاثة .
2) انجاز ميداني في الحرب على الارهاب الغربي تجلى في ما حققته سورية من ملاحقة الارهاببين الذين نشأهم الغرب و صدرهم اليها ، ثم تمكنها من تطهير مناطق واسعة منهم ، و محاصرتهم في اخرى و دفع اخرين منهم الى الاستسلام او الهرب ، انجاز آ ل بالامور الى حد بات الغرب يائسا من التغيير في سورية عبر المسلك الارهابي بعد ان احبط مسعاه ايضاً لاسقاط النظام عبر التدخل لعسكري الاجنبي عن طريق مجلس الامن او خارجه
3) نجاح في الحرب النفسية و المبارزة الاستراتيجية في مسار تراكم القوة الردعية حققه حزب الله في لبنان ، متقاطعا مع مواقف ايرانية و سورية مماثلة لما اطلقه السيد حسن نصر الله مؤخرا ، و تصريحه بان المقاومة الاسلامية في لبنان باتت تملك من القدرات النارية ما يمكنها ، حتى و مع احتمال تدمير بعضها في الضربة الاولى (باعتبار ان المقاومة التي تعتمد الاستراتيجية الدفاعية لن تكون هي المبادرة في الهجوم على “اسرائيل” ) حتى و مع هذا الاحتمال ، فان المقاومة قادرة على تدمير اهداف في فلسطين المحتلة تؤدي الى قتل عشرات الالاف من الصهاينة و الى تحويل حياة الباقي منهم جحيما ، ثم انها باتت تملك من القوى العملانية المتحركة في الميدان ما يمكنها من نقل المعركة الى الجليل الفلسطيني المحتل مع ما في ذلك من تداعيات على مسار الحرب كلها .
ب. اما على الجهة الغربية المعاكسة فقد سجل الغرب الاخفاق في اكثر من موضع :
1) فعلى الاتجاه الايراني لم يستطع ان يتقدم قدما واحدا في الضغط في الملف النووي الايراني السلمي و لم يتمكن من تخويف ايران و التهويل عليها بالحرب ، لا بل العكس ما حصل حيث دب خلاف بين اسرائيل و اميركا (اقله ظاهرا، و نحن نعتقد بان في الامر توزيع ادوار ) و اكد ما كنا نعتقد به دائما بان اسرائيل او اميركا او كلاهما معا و معهم الغرب هم عاجزون عن اللجوء الى الخيار العسكري ضد ايران لانهم لا يستطعون تحقيق الانجاز المطلو ب ميدانيا ( اي تدمير المنشآت النووية الايرانية كلها ) كما انهم لا يستطيعون اجتمال ردة فعل ايران و محورها المقاوم التي ستكون نارا حارقة تصب على اسرائيل و على المصالح الغربية الاميركية في المنطقة .
2) و على اتجاه حركة عدم الانحياز ، فشل الغرب رغم كل ما مارسه من ضغوط ، فشل في منع انعقاد القمة في طهران و فشل في خفض مستوى التمثيل و فشل في تفجير المؤتمر عبر الكلمة المفخخة التي افتتح بها الرئيس المصري المؤتمر ، و فشل في منع المؤتمر من اتخاذ قرارات استراتيجية من قبيل الالتزام برفض ” نظرية التدخل الدولي ” كما تريد اميركا كما و رفض الهيمنة و دعا الى الحوكمة العامة في ادارة مشتركة لشؤون العالم و بشكل يقضي على حلم الاحادية الفطبية .
3) و على الاتجاه السوري فشل الغرب في انتزاع اي قرار من مجلس الامن يبيح له التدخل عسكريا في سورية و عبر اي طريقة كما انه فشل خارج مجلس الامن من انشاء المناطق العازلة او الممرات الامنة للارهابيين ، او توحيد ما يسمى المعارضات السورية ، او تشكيل الحكومة الانتقالية القابلة للحياة في سورية ، حتى و انه فشل في دعم الارهابيين و تمكينهم من الاحتفاظ ببعض المناطق التي تسللوا اليها في سورية ، و اخيرا فشل في الترويج لفكرة المرحلة الانتقالية و الانتقال السلمي للسلطة و اجبار الرئيس على التنحي ، و بات راسخا في الذهن السوري و الاقليمي و الدولي العاقل ، بان الحل المقبول في سورية و الذي يحفظ وحدتها و امنها و استقرارها هو ما يقوده الرئيس الاسد شخصيا عبر حوار وطني يشارك فيه الوطنيون السوريون من معارضة و موالاة يرفضون التدخل الاجنبي باي وجه من الوجوه .
4) اما على الاتجاه اللبناني ، و رغم كل المناورات و الالاعيب السياسية و الاستخبارتية و الاموال المدفوعة فقد كان فشل الخصوم في اسقاط الحكومة التي جاءت على انفاض حكومة الحريري المرتهنة اميركيا ، و رغم بضعة مواقف لبعض مكونات هذه الحكومة فقد كان فشل في دفع لبنان للتخندق في مواجهة سورية و مناصبتها العداء ، كما كان فشل في منع استلام لبنان الرئاسة الدورية لمدة ستة اشهر لمجلس الجامعة العربية ، و الاهم من كل ما ذكر كان فشل في دفع لبنان نحو فتنة و نار داخلية تحاصر المقاومة و تشغلها لتمكن اسرائيل لاحقا من الانقضاض السهل عليها كما يتقعون .
ج. اذن نجد نجاح هنا و اخفاق هناك ، نتيجة صدمت الغرب و فاقمت مآزقه
صحيح ان محور المقاومة تمكن وحده و عبر عقدين من الزمن ان يصمد في مواجهة اميركا التي استباحت العالم عرضا و طولا و دانت لها الامصار و الافاق بعد تفكك الاتحاد السوفياتي ، و صحيح ان هذا المحور سجل انتصارات و انجازات هامة تمثلت في صموده اولا و ثباته على مواقفه ، ثم بانتصاراته الميدانية التي ترجمت تحريراً للجنوب اللبناني و قطاع غزة ، و ان هذا النجاح لمحور المقاومة لم يكن الاول الان ، الا ان المتغير الرئيسي في هذه المرحلة ، هو ان الانجازات التي ذكرت تصنع و تضاف الى ما سقها بشكل تراكمي ، ثم انها تصنع في ظل متغيرات دولية و الانقسام الدولي الذي لم يكن قائما قبل عام من الان ، و بالتالي سيكون الاستثمار لهذه الانجازات افضل بالنسبة لاصحابه و حلفائهم و اقسى بالنسبة للغرب و اتباعه . و هنا يكمن جوهر الصدمة و مفاعيلها الى حد انعدام الوزن و التخبط في قرارات معظمها لا شرعي و لا اخلاقي و لا قانوني ، و اكثرها بات ممجوما عديم الاثر على المسار العام للحركة سواء على المسرح الخاص بمحور المقاومة أو على المسرح العام دولياً قرارات ادرجت في عنوانين : دعم الارهاب على سورية ، و التشدد في العقوبات ضد محور المقاومة .
ونحن نرى في قرارات الغرب و اتباعه خاصة التي تمثلت بعقوبات احادية تنتهك الاعراف و قواعد القانون الدولي العام و تتخذ خارج مجلس الامن – الجهة الوحيدة التي لها الحق بفرض عقوبات دولية على اي دولة – نرى ان هذه القرارات تترجم مأزق الغرب حيال محور المقاومة ، و اذا اعتقد الغرب بان هذه القرارات ستعوض له اخفاقاته و تحجب انتصارات الخصم فهو واهم لانه يعرف ان لدى الخصم من البدائل و القدرات على التكافؤ و الرد بالمثل ما يفرغ العقوبات من مضامنيها و نذكر بالتالي :
1) ان انزال القنوات الفضائية السورية عن الاقمار الصناعية العربية امر يمكن الالتفاف عليه تقنيا و يمكن التلفت من اثره عبر التعاون مع الحلفاء و الاصدقاء .
2) ان ادارج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الارهاب او التهديد و التلويح بذلك كما يلوج الاتحاد الاروبي و بضغط بريطاني صهيوني لن يغير في المشهد شيئا فالحزب ملاحق من قبل الغرب منذ ان بدأ بتسجيل الانتصارات على اسرائيل ، و الكل يذكر بان قناة المنار اعتبرت بنظر الغرب و اميركا مؤسسة ارهابية و هو طبعا امر مضحك .
3) ان المزيد من التضييق و العقوبات الاقتصادية على سورية و ايران لن يؤثر في مساريهما العام و هما اللذان تعايشا مع نظام العقوبات الغربي منذ ثلاثة عقود و نجحتا في مسيرة التعويض و الاكتفاء الذاتي .
4) ان اقفال السفارات و طرد الدبلوماسيين او استدعائهم من دمشق امر يريح محور المقاومة من اوكار االتجسس العاملة تحت يافطات دبلوماسية و ها هي ايران استمرت و تطورت و تعاظم قدرها في ظل قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الاميركية منذ نجاح الثورة الاسلامية منذ نيف و ثلاثة عقود .
لكن يبقى للصراخ الغربي و الدعوة الى مزيد من العقوبات للتضييق على محور االلمقومة دلالة اكيدة هامة تختصر بالقول : ان الغرب بات يشعر انه خسر و انه في حال تراجع و و هذا ما سبب صدمته في مقابل محور المقاومة الصامدة الثابت و الواثق الخطى في خط تصاعدي يحصد الانتصارات رغم الكلفة التي يدفعها .
أمين حطيط
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)