السفير : خفايا محاولة ” تكبيل ” الابراهيمي .. هكذا سيجعل دمشق مقرا للإطاحة بـ ” عباءة ” قطر
يصل الأخضر الإبراهيمي الخميس المقبل إلى دمشق. في زيارة هي الأولى في إطار مهمة المبعوث الدولي إلى سوريا .
مصادر إعلامية كشفت أن الزيارة قد لا تقتصر على أيام معدودة، فالإبراهيمي قد يحول الزيارة السريعة إلى شبه إقامة طويلة في العاصمة السورية، لكن ذلك يتطلب استطلاع مدى الاستعداد فيها لبقائه وتحويل دمشق إلى مركز عمل رئيسي له، عوضاً عن نيويورك التي ستبقى مركزاً مهماً لنشاطه لقربها من مراكز القرار في مجلس الأمن.
صحيفة السفير اللبنانية كشفت أن معاون الإبراهيمي مختار لماني يرافقه ، وهو ديبلوماسي كندي من أصل مغربي كلفه برئاسة بعثة الاتصال الأممية في دمشق، وسبق له أن مثل الأمم المتحدة لدى منظمة المؤتمر الإسلامي وعمل إلى جانب الإبراهيمي في العراق. ويستجيب تعيينه مكان مارتن غريفيث لرغبة الإبراهيمي في تعريب فريقه الدبلوماسي.
مصدر إعلامي كشف للصحيفة أن اختيار دمشق، هو محاولة الحصول على مركز دائم فيها يتعدى بعثة الاتصال الأممية فيها، يعود بشكل خاص إلى رغبة من المبعوث الدولي والعربي للتفلت من وصاية الجامعة العربية عليه، والهيمنة القطرية والخليجية على مواقفها وسياستها، التي لا تتوافق مع نزعته الاستقلالية، ونظرته إلى المهمة التي كلف بها.
وقالت مصادر عربية إن الإبراهيمي تعرض إلى ضغوط لكي يقبل بالذهاب إلى العاصمة المصرية، وانه كان يفضل عدم الذهاب إلى القاهرة، خصوصا بعد البيان الذي صدر أمس الأول عن اللجنة الوزارية العربية وتكليفها رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، بالتفاهم مع الإبراهيمي لبلورة خطة عمله.
وليس سرا أن الإبراهيمي، الذي وافق على خلافة كوفي عنان في مهمة مستحيلة ومعقدة، حاول، منذ لحظة تكليفه بمهمته، النأي بنفسه عن الجامعة العربية، وربط مهمته مباشرة بالأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، والتحرر، ليس من اللجنة الوزارية العربية فحسب، بل ومن مؤتمر «أصدقاء سوريا».
ويقول المصدر: يرى الابراهيمي ان «الجامعة» و«الأصدقاء» طرفان في الازمة التي تعصف بسوريا. لكن ضغوطاً عربية وغربية أبقت على مهمته تحت تسمية دولية عربية. ولم ينجح الإبراهيمي في إبعاد ناصر القدوة من منصبه كمساعد له في مهمته.
ونقل مقربون عن الإبراهيمي استياءه من «رداءة» بيان اللجنة الوزارية العربية، ليس لوضعه إياه تحت وصاية قطرية مباشرة تملي عليه خطة عمله فحسب، والدوحة طرف في الازمة، بل ان البيان يقيد عمله ايضا، برزمة من المرجعيات والقرارات، اتخذت في سياق صعود الدور القطري والخليجي داخل مجلس الجامعة العربية. ويرى الإبراهيمي انها لم تكن سوى سلسلة متوالية من الإخفاقات، يشكل الإعلان عنها في بيان اللجنة الوزارية، أمس الأول محاولة لتكبيل يديه مسبقاً، وقبل انطلاق عمله بشروط قطرية وخليجية قبل كل شيء.
ويؤشر إعلان الجامعة العربية بوضوح إلى هامش المناورة الضيق للابراهيمي، ومحاولة لملء فراغ خطة عنان من جهتها، قبل ان يتوصل الابراهيمي بنفسه الى وضع خطة جديدة. والمؤكد ان المبعوث الجديد رفض وراثة خطة سلفه، او عناصر كثيرة فيها، تبين بالتجربة انها شكلت عبئاً كبيراً عليه ومنعته من التقدم، فضلا عن ان احداً لم يكن يرغب فعلاً بأن ينجح الامين العام السابق في مهمته، وبأنه لم يجر تكليفه فيها الا لكسب الوقت، ريثما تنضج الشروط لحسم عسكري مستحيل.
ويقول من التقوا الإبراهيمي إنه لن يضمّن خطته أي شروط مسبقة تملي على حوار سوري ضرورة تنحي الرئيس الأسد، بل إن العبارة نفسها قد لا تجد طريقها إلى أدبيات المهمة الإبراهيمية، قبل استكشاف الطريق الى الحوار نفسه وإنضاج شروطه.
ويرث الإبراهيمي من خطة عنان، التي لم يتعهد أبداً بالسير على هديها، وبانتقائية عملية، الضروري والمفيد: النقطة السادسة من الخطة التي ترى ضرورة تأسيس الحوار السياسي بين النـظام والمعارضة، وإطـلاق العملية السياسية، والتمسك باتفاق جنيف، وهي لحظة التقاطع النادرة التي جمعت الأميركيين والروس حول تصور مشترك لإطلاق عملية سياسية في سوريا، ومحاولة توحيد القراءات المتعددة للاتفاق في قراءة واحدة.
وسيواجه الإبراهيمي صعوبة كبيرة في إطلاق خطته، والتشاور مع القطريين، اذا ما اعتبر ضم إيران إلى العملية السياسية، والتمسك بوجهة نظر سلفه، التي كانت جزءاً من اسباب الإطاحة به، اي اعتبار ايران جزءا من المشكلة في سـوريا، وبالتالي ضرورة ضمها تلقائياً الى اي مفاوضات تساهم في حل الازمة. ويقول من التقوه إنه يعتقد بإمكان المراهنة على ضم طهران إلى العملية التقاوضية، لكنه يخشى ردة فعل تكتـل الدول الخليجية.
ويكتفي الابراهيمي من تقديم الافكار بالقول لمن التقوه بأنه «يواصل الاتصالات لتجميع عناصر خطة قادرة على مواجهة وضع معقد، وعلى ارض تشتبك حولها اطراف كثيرة خارج السيطرة، وهو اصعب ما في المهمة لديبلوماسي محنك كالأخضر الابراهيمي .
من جهة ثانية، ولمدة ساعتين، التقى الإبراهيمي في منزله في باريس أمس، وفدا من هيئة التنسيق المعارضة. وضم الوفد الأمين العام في المهجر لهيئة التنسيق هيثم مناع وعضو المكتب التنفيذي للهيئة عبد العزيز الخير.
وقال مناع، بعد اللقاء، إن «التقاطعات بين موقف الهيئة ومواقف الإبراهيمي جوهرية، واتفقنا معاً على مواصلة التنسيق واللقاء مع فريقه، سواء في أوروبا أو في دمشق بشكل منتظم، وهو الأقرب لنا في الأمم المتحدة والجامعة العربية، ونحن الأقرب إليه».
سيريان تلغراف