القتل الرحيم يعود إلى دائرة النقاش من بوابة مهرجان فينيسيا
أعاد الفيلم الإيطالي “Bella Addormentata” (الجميلة النائمة) المشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي لهذا العام، الى النقاش مجددا موضوعا يعتبر من أكثر المواضيع حساسية، وهو القتل الرحيم. ويناقش الفيلم الذي ينافس على جائزة المهرجان الكبرى قضايا إنسانية عدة كالإيمان والانتحار، من خلال طرح قصة حقيقية وقعت أحداثها في عام 2009.
يتناول الفيلم الأيام الأخيرة من حياة ألوانا أنجلارو وهي سيدة في الـ38 من عمرها، تعرضت الى حادث سير أدخلها غيبوبة لمدة 17 عاماً. وتحولت هذه القضية إلى حدث الساعة في إيطاليا بعدما قرر والدها ان يوقف التغذية الصناعية التي مكنتها من البقاء على قيد الحياة، وتظهر في الفيلم الذي أخرجه ماركو بيلوتشيو لقطات وثائقية.
ويعرض الفيلم الأفكار المتعلقة بهذا الأمر من خلال 4 شخصيات، تطرح كل منها رؤيتها للقتل الرحيم من خلال تناول قضايا مثل حرية الإرادة ومعايير أخلاقية. من هذه الشخصيات عضو في مجلس الشيوخ ينتمي الى حزب برلسكوني، يعاني من عدم قدرته على التوفيق بين رغبته كإنسان وموقفه كسياسي، علاوة على انه يحاول ان يجد قاعدة مشتركة تجمعه بابنته الناشطة الكاثوليكية والمعارضة للقتل الرحيم.
ومن شخصيات الفيلم أيضاً ممثلة اعتزلت الفن واتجهت الى الدين توسلاً لشفاء ابنتها من غيبوبة، يراودها الشك في لحظة تقدم فيها على الانتحار، يحول دون نجاحها طبيب شاب، بحسب “رويترز”.
ويشير مخرج الفيلم الى أن اتخاذ قرار بإيقاف الأجهزة لم يكن سهلاً بالنسبة لوالد ألوانا أنجلارو. فعلاوة على المعاناة النفسية التي كان يكابدها فإنه يبذل كل ما في وسعه طوال 10 سنوات في قاعات المحاكم من أجل ان يُسمح له بالإقدام على خطوته، مما حوله في نظر الإيطاليين الى أحد رموز الدفاع عن القتل الرحيم في البلاد.
وفيما اعتبر مراقبون ان الفيلم بدا منحازا بعض الشيء للأفكار العلمانية، إلا ان المخرج يؤكد انه حاول ان يبقي على التوازن في الطرح، وانه أعطى مساحة واسعة للآراء.
وحول هذا الأمر أشار ماركو بيلوتشيو الى ان معتقداته الشخصية تتعارض مع معتقدات يتبناها عدد من شخصيات الفيلم، مضيفاً انه يرى رابطاً يجمع بين الآراء كافة. ويقول المخرج الإيطالي انه لا يؤمن بأي دين لكنه يحترم من يؤمنون بالأديان وينظر إليهم بفضول واهتمام.
يُذكر ان أنظار الإيطاليين كانت معلقة بما يدور حول هذه القضية وأبطالها. وأبدى المجتمع الإيطالي اهتماماً بالغاً بمصير أنجلارو، حتى ان الاختلاف في وجهات النظر أدى الى انقسام حاد في المجتمع بين مؤيد ومعارض للموت الرحيم، الى ان وصل الأمر للاشتباك بين مجموعتين احتشدتا أمام المستشفى حيث مسرح الأحداث الأهم. ولم يقتصر الاشتباك على الجمهور أمام المستشفى فحسب إذ امتد الى البرلمان الإيطالي الذي تبادل فيه النواب الشتائم.
وكان رئيس الوزراء في حينه سلفيو برلسكوني يتعرض لضغوط لاعتماد مشروع قانون يهدف الى مواصلة عمل الأجهزة التي كانت تمد من عمر ألوانا أنجلار، ليستمر الأمر على ما هو عليه حتى ساعة متأخرة من الليل، الى ان أعلنت وسائل الإعلام وفاتها.
سيريان تلغراف