مقالات وآراء

المعادلة واضحة : إسقاط النظام لإسقاط المواجهة .. بقلم الياس عشّي

وسط الصخب الإعلامي الفارغ من أيّ محتوى ، والذي لم يعد السوريون يأبهون له ، مرّ نبأ يستحق الوقوف عنده . يقول النبأ إن بريطانيا العظمى ( كانت عظمى ) تدرّب بعضاً من أركان المعارضة السورية على إدارة الدولة بشكل «ديمقراطي»بعد سقوط النظام الحالي!

مع سَماعي النبأ عدت إلى أوراقي لأقرأ ما يلي :

في مقابلة أجرتها إحدى وكالات الأنباء مع عرّاب الصهيونية لويس برنارد بتاريخ 2005/5/20 قال فيها: «إنّ الحلّ السليم للتعامل مع العرب والمسلمين هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية ( … ) ، ولا مانع ، عند إعادة احتلالهم ، أن تكون مَهمّتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية !”.

أن تنبري بريطانيا لترجمة ما اقترحه لويس برنارد تأكيدٌ على حقيقتين:

الأولى : أنّ الغرب يقرأ ، ويؤرشف ، ويخطّط ، وينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على العالمين العربي والإسلامي لا لتدمير ثقافتهم الدينية فحسب ، وإنما لمصادرة ثرواتهم وتدجينهم ومنعهم من التقدّم والازدهار .

الثانية : أنّ العرب ، وفي مقدّمهم الحكّام ، لا يقرأون ، وإن قرأوا لا يفهمون ، وإن فهموا أداروا ظهورهم « يشحدون النصر من عنده تعالى» كما يقول نزار قباني.

مرّة أخرى أعود إلى أوراقي القديمة ، إلى ما قاله جابوتنسكي (ممثّل فكرة التجمّع والاقتحام ) قبل مئة عام ، في شهادته أمام اللجنة الملكية البريطانية : « كيف نرضى بأن تعطونا كانتوناً من فلسطين وهي كلّها لنا ؟ وإذا قلنا لكم إنّنا نرضى ، فما نحن إلاّ كذّابون».

بين ورقة من هنا وورقة من هناك ، وبين حجم الدمار الذي أحدثه ما يسمّى بـ«الربيع العربي»، نلمح الأصابع اليهودية تعبث بنا ، وتلوّثنا بالدم والافتراء ، وتكتب مذكٌراتنا ، وتقودنا إلى إنهاء الدور القومي بكل ما يعنيه هذا الدور من ممناعة ومقاومة ، واستبداله بديمقراطية تسعى إلى سلام مع «إسرائيل»، وتعترف بها كدولة دينية عنصريّة .

المسألة السورية بأكملها تدور ضمن هذه المعادلة :

إسقاط النظام لإسقاط المواجهة . وهي معادلة أسوأ ما فيها أنّ بعض القادة العرب مشاركون أو شركاء فيها . وهي معادلة مشروطة يمكن إلغاؤها لو تنازلت الدولة السورية عن حقّها القومي في استرجاع فلسطين ، وعن حقّها الوطني في استرجاع الجولان ، وعن حقّها الدولي في أن تكون دولة ذات سيادة كما تنص شرعة الأمم المتّحدة . ولن يحدث هذا على الإطلاق، فليس في سورية شخص وطنيّ واحد يقايض وقفات العزّ بالانحناء .

كلمة أخيرة للرئيس المصري الجديد الذي أخفق في مخاطبة العقل السوري في أول إطلالة له على منبر دولي .

يقول كونفوشيوس : « لا يمكن للمرء أن يحصل على المعرفة ، إلاّ بعد أن يتعلّم كيف يفكّر».

الياس عشّي

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock