بيير كاردان؛ من عالم الأزياء إلى عالم العمارة
قد تتفاخر لبعض الوقت أمام أصدقائك ومعارفك إن امتلكت قطعة من تصميم العالمي بيير كاردان؛ ولكن هل سيظل الحال كذلك بالنسبة لأهالي مدينة البندقية الإيطالية الشهيرة؟! لا تفهموني خطأ؛ فأن لا أعني بأن جميع سكان البندقية سيحظون بفرصة امتلاك قطعة من تصميم كاردان، بل أكثر من ذلك؛ سيحظون بفرصة مشاهدة والمرور بجوار واستخدام ناطحة سحاب مبهرة بتوقيع هذا المبدع!
قد يبدو الأمر غريباً للغاية للوهلة الأولى، ولكن لا عليكم، ستتخطون الصدمة. فقد كشف المصمم العالمي مؤخراً عن تعاونه مع ابن أخيه المصمم رودريغو باسيليكاتي لإنجاز مشروعٍ ضخم في البندقية.
إنها ناطحة سحاب بارتفاع 245 مترأً، ستشغل مكانها الخاص في المدينة وتتباهى بطوابقها الستين متألقةً باسم “بالايس لوميير”!
يقوم التصميم على ثلاثة أبراج زعنفية الشكل تصل ما بينها ستة أقراص أفقية فولاذية ضخمة. وبوقوعها في منطقةٍ صناعيةٍ سابقة، ستؤمن ناطحة السحاب هذه مركزاً للتسوق بالإضافة إلى فندق ومركز مؤتمرات ومكاتب ومطاعم وما يزيد عن 284 شقة سكنية.
ليس هذا وحسب؛ إذ ستحتضن أيضاً بركاً للسباحة وحدائق وبرك مائية ستشغل المنصات العلوية منها، هذا عدا عن منصة المروحية التي ستقبع على السطح. وأما ما يلي من المعلومات فهي بعض ما ورد عن موقع المشروع:
يكمن الهدف من المشروع في جلب كل ما يحتاجه المرء داخل مساحة مصممة ككلٍّ موحّد… حيث يمكن الوصول إلى كل موقعٍ من مواقع المكان برحلة سيرٍ على الأقدام لا تتعدى الدقائق المعدودة.
لتحقيق ذلك يقدم المبنى طوابق سكنية وأخرى مكتبية تتناوب مع طوابق مزودة بمساحات عامة أو مساحات مفتوحة يمكن لأعدادٍ كبيرة من الناس التجمع فيها.
والنتيجة هي عبارة عن مبنى بمؤشرٍ قيم إيجابي؛ أي أنه مبنى تتوازن فيه العلاقة ما بين الوظائف التي عليه أن يقدمها مع الكلفة النهائية له.
وبالإضافة إلى العمل بجد لتحقيق فعالية وكفاءة قصوى في المرحلة الإنشائية، يؤكد المشروع على الوظيفية عبر اعتماده حلول خدمات بنائية وإنشائية تخاطب مشاكل الاستدامة البيئية فيما يتعلق باستهلاك الطاقة الملازمة للمباني الشاهقة، كما أنه يهتم بشكلٍ كبير بمسائل السلامة والأمان.
جاء شكل المبنى الفريد من نوعه من الرغبة في خلق بنية من المقدّر لها أن تتحول إلى رمزٍ للتحول المستمر في المنطقة، وهذا ما تم التوصل إليه باستخدام المقدرات الحسابية الإنشائية التشكيلية، وهذا ما زاد من نطاق البرج وأدى إلى قولبته في هيئة مجمع بمثل هذا التميز، والذي أدى بدوره إلى زيادة غير مسبوقة في قيمة السوق.
يتألف المبنى من ثلاثة أبراج متطابقة في الشكل ولكن مختلفة في الارتفاع. وقد تم ترتيب هذه العناصر الشاقولية بطريقةٍ شعاعية وبفارق 120 درجة بين كل برج؛ وهذا ما يعني أن كلاً من الأبراج قد حصل على عرضٍ يبلغ في أقصاه 20 متر، وهذا ما يعني بالتالي إنتاج مساحة داخلية مثالية لاستخدامات القطاعين السكني والمكتبي.
تقع الأبراج الثلاثة حول منطقة مركزية مفتوحة تحتضن 21 مصعدٍ بانورامي من شأنها تأمين الوصول المباشر غلى الطوابق الدائرية الكبيرة المخصصة بشكلٍ أساسيٍ للاستخدامات التجارية والاستجمامية.
تتباعد هذه الطوابق الدائرية عن بعضها البعض، والبالغ عددها بالمجمل ستة طوابق، 40 متراً ، وتمتلك مقطعاً بشكل عدسة من شأنه تأمين أفضل الظروف الإيروديناميكية والحد من ضغط الرياح على الكتلة.
يقع مركز التسوق في الطابقين الأولين من الأبراج الثلاثة، بالإضافة إلى الطابق الدائري تحت الأرض حيث تكون منطقة مركز المؤتمرات والمسرح /المدرج. كما يتمتع المشروع بمنطقة ركن للسيارات تتسع لـ 4 آلاف مركبة توجد في طابقين تحت المبنى.
يحظى كل برج من الأبراج الثلاثة بـ 17 مصعد، يتسع 14 مصعد منها لسبعة أشخاص، بينما يتسع اثنان منها لخمسة عشر شخص، وواحد يتسع لخمسين شخص! بفضل مصاعد المشروع الـ 72 يمكن لـ 650 شخص أن يصلوا للمطاعم البانورامية في الطابق الدائري السادس أو القرص السادس، على ارتفاع 225 متراً، خلال دقيقة أو ما يزيد؛ كما يمكن لحوالي 1600 شخص أن يصلوا السينما في القرص الثاني في أقل من خمسة دقائق!
والجدير بالذكر هنا حول الطوابق القرصية أنها تحتضن ما يزيد عن 4 هكتارات من الحدائق المعلقة، بالإضافة إلى البرك الخاصة والعامة وبرك السباحة.
والملفت للنظر أيضاً حول “المساحة الخضراء” الموجودة في هذا المشروع، أنها تتضاعف المساحة التي تشغلها أساسات المبنى.
ويبقى جديراً بالذكر ختاماً أن الأعمال الإنشائية على وشك البدء في أيلول… وهكذا يبدو في النهاية أن اسم بيير كاردان لن يبقى حكراً على النخبة، بل سيكون بمتناول كافة سكّان وسياح مدينة البندقية!
سيريان تلغراف