نعيق الغراب على شاشة الخراب .. بقلم د. فايز الصايغ
تستحق دعوة أمير قطر استقدام قوات عربية إلى سورية التوقف عندها.. أو تحليل دواعيها.. أو حتى الرد عليها، مع أن رد وزارة الخارجية السورية كان دبلوماسياً مخملياً في وقت لا يستحق فيه أمير قطر رداً ناعماً كالذي صدر، وإنما واحد من أمرين، إما تجاهل الدعوة وكأنها لم تكن أو الرد بقوة وحزم وربّما تهديد، فالشعب القطري يحتاج فعلياً إلى قوات عربية وربما سورية للفصل بين جشع السلطة واستئثارها بالمال والنفط، وبين الشعب.. وقبل هذا وذاك بعمالتها لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية الأمر الذي يرفضه القطريون رفضاً قاطعاً لكنهم لا يجرؤون على المجاهرة بكل ما يختزنه الشعب القطري من إدانات ومآخذ ورفض لسياسات أمير قطر وزوجته ورئيس وزرائه اللَّذيْن بدأا بالتنافس على من يرث السلطة، ويحاولان تحييد ولي العهد الابن الذي يرنو إلى تطبيق حكمة الله في الأرض “العين بالعين والسن بالسن” أو “بالكيل الذي تكيلون به يكال لكم” في إشارة واضحة لإحياء مخزون الغدر الذي مارسه أمير قطر بحق والده الأمير الحقيقي لقطر قبل أن يستولي الابن على السلطة والمال، ويطرد أباه إلى خارج البلدان وبحوزته ما بقي من المال آنذاك لقاء صمت الوالد وقبوله بالأمر الواقع..
لا تستحق دعوة أمير قطر الاهتمام الإعلامي، لأنها تنطوي على أمور عدة ..
أولها أنها دعوة عبارة عن فقاعة لمفقوع، ديماغوجية بامتياز يرمي صاحبها من ورائها لفت الأنظار إليه وتصويب الأضواء نحوه بعد أن خطفها رئيس وزرائه وبخاصة على منبر الجامعة العربية، بتسهيل ومباركة من الأمين العام للجامعة، ومن مندوب فلسطين الذي أخلى المكان له وانسحب يتلوّى بين آراء اللجنة الرباعية التي أجهضت فلسطين وسلام العرب ومبادرة الملك السعودي في أرضها.. إذ ليس للمندوب الفلسطيني المتسع من الوقت فهو يتابع باهتمام ما آل إليه حال الكازينو في رام الله أو كازينوهات مصر التي تنتظر رأي الإخوان المسلمين، الحكام الجدد في توافق عمل الكازينوهات مع الشريعة التي يجتهدون في تفسيرها والإفتاء بها – إلى كازينوهات أوروبا يا شباب الترف السياسي والإثراء النفطي والرشوات السياسية.
وثانيها أنني أرى في الدعوة القطرية محاولة لصرف انتباه السوريين، قياداتهم والقواعد عن متابعة خلايا الإرهاب والمجموعات المسلحة، وتضييق الخناق عليها، والتصدي لها بحسم، فالوقت اليوم تنطبق عليه مقولة كالسيف إن لم تقطعه قطعك، فاقطعوا دابر الموت بالسيف والتوقيت الملائم أولاً قبل أن يتمكن أمير قطر من استغلال فقاعته في الهواء السوري النظيف إلّا من رائحة مال النفط وبارود النفط وأمير النفط.
أما ثالثها فهو التوقيت الذي أطلق فيه الأمير الغاصب والمُغتصِب والمغتَصَب تصريحاته بعد أن أدرك “سمّوه” أن المؤامرة انحسرت وانكسرت وإن لم تلملم ذيولها بعد.. وإن المليارات التي يُفترض أن تُصرف في قطر لبناء دولة ديمقراطية حديثة لشعب يستحق، قد تبدّدت وإن أولى النتائج التي بدأ بحصادها كانت في تونس عندما هبّ التوانسة تنديداً بمشاركته احتفالهم مرور عام على ثورتهم ومطالبتهم الأمير مغادرة تونس لأنه لا يشرِّف ثورتهم حضوره ولا أمواله، ولا عنجهيته عندما صرح بأنه يعلّم الرئيس التونسي الجديد كيفية المصافحة وأصولها.. مع أن عراقة تونس وشعبها لا تقاس لا بمال الأمير ولا بسلوكه ولا بسياساته.. فالمسألة باختصار شديد عبارة عن نعيق غراب على شاشة الخراب في جزيرة الضباب على بعد أمتار من قاعدة عيديد لصاحبها أوباما الصنديد .. الطامع في التمديد.