فاجأ دبلوماسي أوروبي محدثيه حين همس واثقا بأنّ الازمة في سوريا تسير بثبات في خط التسوية المتعرج، وأنّ بلاده على يقين بأنّ الاشهر القليلة المقبلة لن تكون كسابقاتها في دمشق وسائر المحافظات، باعتبار أنّ الدبلوماسية العالمية عادت لتنشط بعد أن وصلت العواصم المعنية بالربيع العربي إلى الحائط المسدود، مشيرا إلى أنّ النظام في سوريا غير آيل للسقوط في المدى المنظور، خصوصا أنّ معارضة الخارج بدأت تعاني من شح في الاموال بعد أن قلصت بعض الدول الخليجية حجم مساعداتها لاسباب اقتصادية ومستقبلية.
موقع النشرة اللبناني نقل عن الدبلوماسي الأوربي قوله أن “المجموعات المسلحة تتراجع عن الكثير من المواقع الاستراتيجية، وبالتالي دخلت في مرحلة انهيار المعنويات بعدما فقدت الثقة بنتائج حراكها الميداني، وكل ذلك في مقابل جرعات من النجاح السياسي والأمني والاستخباراتي حققها النظام السوري إضافة للدعم من موسكو وطهران، التي بدأت بدورها هجوما سياسيا ودبلوماسيا معاكسا باتجاه الدول العربية والاسلامية المعنية بالازمة السورية.
ويعتبر الدبلوماسي أنّ “التطورات الأخيرة المواكبة لتفاصيل الأزمة السورية وتداعياتها تصب في خانة تحسين المواقع التفاوضية للمحورين المتنازعين، إذ إنّ النظام السوري يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى تحقيق مكاسب ميدانية ظهرت معالمها مع تطهير مراكز «قوى المعارضة الاساسية» في العاصمة وريفها، كما في مدينة حلب وريفها، وترافق ذلك مع حملة سياسية وإعلامية مركزة تجلت في ظهور نائب الرئيس السوري فاروق الشرع وهو يمارس مهامه الرسمية، داحضا بذلك كل الشائعات التي تحدثت عن سيناريوهات انشقاقه وتوجهه إلى الاردن عبر درعا، فضلا عن موقف صارم لوزير الخارجية وليد المعلم يعلن خلاله أنّ الحوار مع المعارضة لن يبدأ قبل تطهير البلاد من الارهابيين والمسلحين في مشهد يشبه إلى حد بعيد رفع السقوف التفاوضية عشية كل حديث عن مبادرات مفترضة، إضافة إلى انتهاج التلفزيون الرسمي السوري والفضائيات الدائرة في فلكه سياسات إعلامية جديدة ركزت على نقل الواقع الميداني بالصورة، وذلك للتأكيد على تقدم الجيش السوري وتحقيقه خطوات أساسية على طريق الحسم الميداني”.
ولا يقتصر المشهد بحسب الدبلوماسي على سعي النظام وحده لتعزيز مواقعه التفاوضية، بل يشمل الدول المعنية ايضا. “فتركيا التي يشهد شارعها بعض التململ تعمل على اقفال الملفات الضاغطة، وما تحريك ملف المخطوفين اللبنانيين على الحدود التركية واطلاق احدهم سوى رسالة واضحة تنم عن عزم انقره على اقفال الملف بتداعياته، لا سيما أنّ إيران تعتبر بدورها أنّ الهجوم على شيعة لبنان هو ترجمة لحملة سياسية ومعنوية عليها، وتاليا فان التعاطي بين البلدين يمر عبر هذا الملف. وكذلك الامر بالنسبة للملكة العربية السعودية التي أعلنت عن اعتقال خلايا ارهابية نائمة تابعة لتنظيم القاعدة في دلالة تفهمها الدبلوماسية على أنها تبدل في النظرة تجاه التنظيمات المشاركة في المعارك داخل سوريا، بحيث يصبح دعمها أكثر من مستحيل”.
وليس بعيدا عن ذلك، يؤكد الدبلوماسي أنّ “ما تشهده الساحة اللبنانية من محولات جادة لتهدئة الوضع واعادته إلى دائرة الضبط سوى استكمالا للخطوات التركية والسعودية، لاسيما ان محرك الاحداث في شمال لبنان هو من خارج الحدود، وبالتالي فان المطلوب في هذه المرحلة استكمال المشهد وتحسين المواقع تمهيدا لمبادرة جديدة قد تجد طريقها إلى التنفيذ في ظل صعوبة الخيارات وضيق الهوامش امام الدول المعنية”.
سيريان تلغراف | النشرة