السعودية وقطر وأتباعهما في الخليج يصعّدون بعد فشل المراهنة على سقوط سريع لسورية ..
عوامل القوة التي تملكها دمشق داخلياً ودولياً تمكّنها من إفشال مخطّطات التآمر الجديدة
على الرغم من الصورة الضبابية التي يحاول حكام الخليج إعطاءها للوضع في سورية من خلال السير بالخطة الغربية للإجهاز على دمشق كحاضنة قومية لقوى المقاومة، فإنّ من يراقب الواقع الدولي والداخلي يتأكد أن الصورة بالنسبة لتطور الأوضاع هناك معاكسة تماماً لما يحاول «خدم أميركا» إشاعته من تهويل وعظائم الأمور.
هذه الصورة المعكوسة التي يروّج لها هؤلاء المتآمرون تؤكد أن سورية قادرة على الخروج من أزمتها من جهة، وأن هذه الهجمة التي استبقت اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير واستمرت بعده إنما هي تعبير واضح عن المأزق الذي بلغه «أمراء النفط» بعد أن سقطت أوهامهم في ضرب سورية وإخراجها من ثوبها القومي والوطني.
وللتدليل على أن الأمور في سورية تسير بعكس مراهنات هؤلاء، تتوقف مصادر دبلوماسية عليمة عند جملة معطيات أهمها:
ـ المعطى الأول: فوجىء «أمراء النفط» بصمود سورية أمام اتساع دائرة المؤامرة «الدولية» عليها طيلة عشرة أشهر، وبالتالي فإن هؤلاء شعروا مؤخراً بأن «ما زرعوه» من حلقات للتآمر خلال هذه الفترة جاءت نتائجه معاكسة لما كانوا يراهنون عليه.
ـ المعطى الثاني: إن ما أريد من وراء استقدام المراقبيين أن تكون هذه الخطوة «حصان طروادة» تبريراً لنقل الملف السوري إلى مجلس الأمن، لإسقاط الموقف الروسي الحاسم في منع أي تدخل خارجي في سورية. وقد أفشل أيضاً هذا الرهان، بعد أن فشلت محاولات «شراء ذمم» المراقبين ورئيسهم لإعداد تقارير تنسجم مع أهداف هذا المخطط الغربي ـ الخليجي.
ـ المعطى الثالث: تأكد المراهنون على ما سمي «المعارضة» وتحديداً ما يسمى «مجلس اسطنبول»، عبر الأشهر العشرة الماضية أنها لا تمثل إلا نسبة بسيطة جداً من الشعب السوري. ولذلك عمدوا إلى توسيع دائرة اعتداءات مجموعات المرتزقة وتمويلها وتسليحها، حتى يمكن من خلال الاعتداءات أن تستمر التلفيقات واختلاق الأحداث، وهو الأمر الذي فندته بعثة المراقبين بالوثائق.
ـ المعطى الرابع: لم يكن الحلف الغربي ـ الخليجي يتوقع أن تتخذ روسيا هذا الموقف الحاسم من الوضع في سورية، وبالأخص منعها لهذا الحلف من استخدام مجلس الأمن غطاء للتدخل في شؤون سورية، على غرار ما حصل في ليبيا. فكان أن أسقط هذا الموقف كل محاولات ما يسمى مجلس «اسطنبول» ومعه حكام الخليج لدفع الغرب الى التدخل العسكري في سورية.
ـ المعطى الخامس: فوجىء التحالف «الدولي» بقدرة سورية على الصمود في وجه كل الضغوط التي مورست فيها كل أنواع «البلطجة» واللاأخلاقية، ليس فقط من خلال تمويل وتسليح المجموعات الإرهابية، إنما أيضاً من خلال وضع اليد على الجامعة العربية لكي تكون مجرد ورقة يتم استخدامها لتغطية العدوان على سورية. يضاف إلى ذلك مدى التماسك الذي ظهر في الساحة الداخلية على مستوى الشعب والجيش والقيادة السياسية.
انطلاقاً من كل ذلك، تؤكد المصادر الدبلوماسية انه رغم لجوء عرب أميركا إلى استخدام كل ما تبقى من أوراق مختلفة لاستهداف سورية، فإن الوقائع تؤكد عكس ذلك، من خلال أربعة امور على الأقل، هي:
ـ الأمر الأول: يزداد الوضع الداخلي مناعة وتماسكاً كلما اشتد التآمر الخارجي، وهو ما يمكن ملاحظته في مستويات مختلفة.
ـ الأمر الثاني: قررت القيادة السياسية مواجهة عرب أميركا، وهو ما بدا واضحاً في الخطاب الأخير للرئيس بشار الأسد، وأكد عليه وزير الخارجية وليد المعلم في مؤتمره الصحافي قبل يومين. وهذا القرار نابع من قوة سورية والحصانة التي تميزها عن غيرها من الدول.
ـ الأمر الثالث: لم يعد مقبولاً استمرار الأعمال الإرهابية التي تقوم بها المجموعات المسلحة. وقد كان الوزير المعلم حاسماً في التصدي للمجموعات المسلحة بتأكيده أن هذا الأمر أصبح مطلب الشعب السوري. وهذا الموقف نابع من أوراق القوة التي تمتلكها دمشق.
ـ الأمر الرابع: فرضت كل هذه العوامل على الغرب التراجع عن كثير من «السيناريوهات» التي كانت معدّة لضرب سورية. والدليل على ذلك سقوط نظرية التدخل العسكري، وكذلك اضطرار دول مثل تركيا إلى الاعلان أنها ضد مثل هذا التدخل.