كيف وصف مراسل الـ”إندبندنت” معركة حلب
مراسل الـ”إندبندنت” من حلب : 5 دبابات فقط ألحقت الهزيمة بالمسلحين الذين فروا من الأحياء عندما رأوها تتقدم نحوهم وأيقنوا أنهم على وشك أن يصبحوا محاصرين .
نقل موفد الـ”إندبندنت” إلى حلب ، كيم سينغوبتا، صورة مأسوية لوضع المسلحين الإسلاميين من عملاء المخابرات التركية والوهابيين الآخرين.
وقال المراسل ، في تقرير حمل عنوان “مئات المقاتلين المتمردين يغادرون حلب بعد قصف لا هوادة فيه من قبل النظام”، إنهم “قضوا ساعات من أسوأ ما رأواه حتى الآن ، الأمر الذي دفعهم إلى الفرار مذعورين ، ليس من حي صلاح الدين إلى الاحياء الأخرى فقط، ولكن إلى خارج مدينة حلب أيضا”.
وقال المراسل في تقرير نشرته الصحيفة اليوم إن “فرارهم بالمئات من حي صلاح الدين إلى خارج حلب ، بدأ بمجموعات صغيرة بعد ليلتين من الارتباك والتشوش وعدم النوم تسبب بهما قصف قاس من الأرض والجو ، حيث أصيبوا بالذعر من أن تكون قوات النظام قد تمكنت من محاصرتهم”.
وقال المراسل “إن المتمردين تخلوا أن الخطوط الدفاعية الأمامية الأكثر أهمية بالنسبة لهم من الناحية الاستراتيجية ، والتي كانوا يسيطرون عليها خلال الـ12 يوما الماضية ، كما أنهم تخلوا عن معظم حي سيف الدولة المجاور. فقد كان القصف الذي تعرضوا له هو أسوأ ما واجهوه حتى الآن”.
وبحسب المراسل ، فإن نصف دزينة فقط من الدبابات ( 5 دبابات) شاركت في اقتحام حي صلاح الدين ، حيث اتخذت لنفسها رأس جسر سرعان ما عبرت تحت غطاء نيرانها ناقلات الجنود إلى داخل الحي.
وعند الثالثة من صباح (أمس الخميس) فوجئ المسلحون وهم يرون الدبابات على مقربهم منهم ، ما دفعهم إلى الفرار”. ونقل المراسل عن أحد زعماء الميليشات الإسلامية المقاتلة قوله”أسوأ اللحظات التي عشناها كانت حين رأينا الدبابات تتقدم إلينا. لقد قاتلناهم من شارع إلى آخر، ودمرنا الكثير منها خلال الأسبوعين الماضيين ، لكن بعد ذلك كان علينا أن نترك مواقعنا وإلا لكنا قتلنا جميعا، فقد كان هناك الكثير منها ( الدبابات)”.
طبعا لم يكن هناك الكثير منها ، بل مجرد خمس دبابات فقط، كما يؤكد المراسل. ولكن ما لم يفهمه هذا القائد الميليشياوي المعتوه، هو أن هذه الدبابات من طراز تي 72 و 80 ، لا تؤثر فيها القواذف المضادة للدروع. وهو ما كان يتداوله “ضباط المجلس العسكري” يوم أمس في غرف الاتصال التي تتنصت عليها “الحقيقة” على مدار الساعة. فقد روى بعضهم أنهم أطلقوا 12 قذيفة على دبابة واحدة ، ولكن لم تؤثر فيها ، فقد كانت القذائف تتذرر وتنصهر دون أن تحدث ولو خدشا بسيطا في دروع الدبابات. وهذا أمر طبيعي، فتدريعها يتراوح ما بين 22 و 28 سم من خلطة فولاذية خاصة ، فضلا عن نظام من “الحجرات الهوائية” في درعها لا تزال تعتبر في الغرب أحد الألغاز.
مراسل الصحيفة البريطانية وصف استيلاء الجيش على صلاح الدين بأنه”اختراق يعني أن الجيش حطم خط الدفاع الأكثر أهمية ( بالنسبة للمقاتلين) ، وهو ما سيسمح له باستقدام تعزيزات إضافية من منطقة الحمدانية التي يسيطر عليها من أجل وصل الحي مع المناطق الأخرى التي تخضع لسيطرته ، لاسيما قلعة حلب والمطار”.
وبحسب المراسل، فإن “خسارة المسلحين لحي صلاح الدين وخط الدفاع الثاني في المدينة (منطقة باب الحديد)، وفرار المقاتلين الذين هم من خارج حلب وأفضل من في صفوفهم ، يشكل نذير شؤم للمعارضة ، لأن ذلك سيمكن النظام من التقدم سريعا للسيطرة على المدينة بالكامل، ولأن القرى التي جاؤوا منها(ريف حلب)غير محمية” ، فضلا عن تمكن النظام من استحضار تعزيزات أخرى.
وهنا يلفت المراسل الانتباه إلى أكاذيب المعارضة ، حيث أكد أن النظام استحضر عشرة آلاف عسكري لمعركة حلب، وليس عشرين ألفا كما روجوا على مدى الأيام الماضية.
وبخصوص ما زعمته قناة”الجزيرة” عصر يوم أمس ، ومعها عدد من وكالات الأنباء نقلا عن النصاب الأخواني الدولي رامي عبد الرحمن ، المرجع الحقوقي الأعلى لـمعاتيه “هيئة التنسيق الوطني” في الداخل (هل يوجد واحد فيهم إلا كذلك ، باستثناء هيثم مناع!؟)، عن أن “الجيش الحر شن هجوما معاكسا عصر يوم أمس على حي صلاح الدين واستعاده من قبضة الجيش”، قال المراسل إنه جال في المنطقة فلم يجد أي أثر للمسلحين سوى بعضهم من الفارين الذين يبحثون عبثا عن وسيلة نقل يهربون بها ، فلم يجدوا!
فضائح “جبهة النصرة” :
يقول المراسل إن المجموعة الإسلامية (“جبهة النصرة”) ، التي عرفت ببرودة علاقاتها مع المنظمات الإسلامية المسلحة الأخرى، والتي سبق لها أن صرحت بأن “جيش الأسد سيهزم بسرعة فيما لو توفر مزيد من الجهاديين، كان مسلحوها أول الفارين من حي صلاح الدين ، وقد أصيبت إحدى سياراتها البيك ـ آب إصابة مباشرة من طائرة هيلوكبتر مجرد أن خرجت من الحي ، وكانت تحمل في صندوقها ثلاث جثث لمسلحين من عناصرها قتلوا قبل ذلك”.
وقال أحد المسلحين الهاربين للمراسل ساخرا منهم” كانوا طوال الوقت يتبجحون بتجربتهم في العراق وأفغانستان ، لاسيما في صنع العبوات الناسفة ، ولكن في النهاية ..لاشيء” من ذلك!
وفي نهاية المساء كان عناصر أجهزة المخابرات و “الميليشيا” الأهلية الموالية لهم تمشط المنازل بيتا بيتا بحثا عما إذا كان قد بقي أحد المتمردين مختبئا في مكان ما. لكنها ، وكما يقول المقاتل “أبو كريم” للمراسل “سيصابون بخيبة أمل، إذ لن يجدوا أحدا ، فجميع (المسلحين) إما قتلوا أو فروا”!
تطورات لاحقة : تفخيخ جثث المسلحين
إضافة لما ذكرته الصحيفة البريطانية أعلاه ، وفي تطورات لاحقة نهار اليوم، علم أن الجيش السوري أكمل سيطرته على منطقة “باب الحديد” ، فيما تدور الاشتباكات في أحياء” الأعظمية” و “الأنصاري” و” السكري” وفي منطقة ” المشهد” جنوبي حي صلاح الدين، حيث تتركز الاشتباكات في محيط جامع “المؤمنين” الذي اتخذ منه المسلحون “غرفة عمليات” ، وحيث يستعد الجيش لدخول الحي فضلا عن إكمال سيطرته على “حي سيف الدولة”.
وحصل اليوم أمران لافتان لجهة الأخلاقيات المنحطة لعصابات “لواء التوحيد” الأخوانية. فقد عمد العشرات منهم إلى تحطيم مستودعات و محلات بيع الأدوات المنزلية الكهربائية في شارع رئيسي بحي “السكري” ، وعمدوا إلى نهب البرادات والتلفزيونات وكل ما أمكنهم سرقته في سيارات “البيك آب” التابعة لهم.
ويبدو أنهم يتوقعون أن يواجهوا مصيرا مشابها لما حصل لهم أمس في “صلاح الدين”، فقرروا أن لا يخرجوا من المولد بدون حمص! أما الحدث الآخر فهو محاولتهم التسلل إلى حي صلاح الدين لتفخيخ جثث زملائهم القتلى التي ملأت الطرقات والزواريب بأمل أن تنفجر بعناصر الجيش ، لكن أمرهم اكتشف ، وعمد الجيش إلى أخذ الحيطة!
غير أن الأمر الأكثر لفتا للانتباه هو قيام السلطة بإعادة المئات من عناصر “الحرس الجمهوري” الذين شاركوا في تحرير حي “صلاح الدين” إلى دمشق .
وهو يوحي بأن الوضع الميداني في حلب أصبح “مطمئنا وتحت السيطرة” بالنسبة للسلطة ويمكن للقوات الباقية إكمال تنظيف المدينة من المسلحين.
وقد شوهد العميد عصام زهر الدين نهار اليوم في منطقة “تل منين” بريف دمشق على رأس مجموعة من الحرس الجمهوري قامت بعملية نوعية لتحرير عشرة رهائن من عناصر الأمن وحفظ النظام كانوا اختطفوا قبل نحو شهر من اليوم.
وتحدث زهر الدين إلى قناة “الإخبارية” ساخرا من الأخبار التي روجتها “العربية” و “الجزيرة” ، نقلا عن “الجيش الحر” و النصاب الدولي رامي عبد الرحمن، عن استشهاده يوم أمس في حلب ، حيث قال ما حرفيته “بعد أن استشهدت يوم أمس في حلب، انتقلت روحي اليوم إلى تل منين للمشاركة في تحرير المخطوفين”!
سيريان تلغراف | الحقيقة