تبنت الجمعية العامة للامم المتحدة بأغلبية الاصوات يوم الجمعة 3 اغسطس/اب قرارا يطالب الحكومة السورية بسحب قواتها المسلحة من المدن والتخلي عن استخدام الآليات العسكرية الثقيلة.
وقد صوتت الى جانب مشروع القرار الذي قدمته السعودية وعدد من الدول العربية والذي ايدته الدول الغربية، 133 دولة من الاعضاء في الامم المتحدة، فيما عارضته 12 دولة، مع امتناع 31 دولة اخرى عن التصويت.
وتعبر الوثيقة التي تبنتها الجمعية العامة عن التأييد لخطة كوفي عنان المبعوث الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية للتسوية السورية، وتدعو كافة اطراف النزاع السوري الى وقف العنف وتهيئة الظروف لاطلاق عملية انتقالية يقودها السوريون.
وتوجه معظم المطالب الواردة في القرار الى دمشق. وعلى الرغم من حذف الاشارة المباشرة الى ضرورة تنحي الرئيس السوري بشار الاسد، يرحب القرار بقرارات الجامعة العربية حول سورية، وخاصة قرار الجامعة الصادر في 22 يوليو/تموز الماضي الذي يتضمن المطالبة بتنحي الاسد.
كما يتضمن قرار الجمعية العام توصيات موجهة الى المبعوث الدولي كوفي عنان بتركيز جهوده على “آلية سلمية لتحقيق الانتقال الى دولة مدنية ديمقراطية ذات تعددية، تضمن مساواة حقوق المواطنين وحرياتهم”.
هذا وكان فيتالي تشوركين المندوب الروسي الدائم لدى الامم المتحدة قد وصف هذه التوصيات بمحاولة لاعادة النظر في تفويض المبعوث الذي حظي بتأييد مجلس الامن الدولي، مشيرا الى ان روسيا لا يمكن ان تصوت الى جانب الوثيقة التي تتضمن مثل هذه البنود.
وفي ما يلي يمكنكم الاطلاع على التصريحات الرئيسية للمشاركين في جلسة الجمعية العامة للامم المتحدة:
بان كي مون يحذر من حرب أهلية في سورية تطال تداعياتها المنطقة
قال الأمين العام للأم المتحدة بان كي مون إن العالم أمام حرب أهلية تطال الشعب السوري. وحذر كي مون في افتتاح جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 3 اغسطس/آب للتصويت على قرار حول سورية من تداعيات الأزمة السورية على كل المنطقة، وشدد على ضرورة التوصل إلى رؤية موحدة للخروج من المأزق الحالي.
ودعا كي مون المعارضة والحكومة السورية إلى نبذ العنف واللجوء إلى الحلول السياسية، وقال إن “العنف الذي نسمعه في سورية قد يرقى الى جرائم ضد الانسانية أو جرائم حرب، وهذه أفعال يجب محاسبة مرتكبيها”، وأشار إلى أنّ “هناك سوريين اضطروا للنزوح أو اللجوء، وكل من المعارضة والحكومة تستمران في الاعتماد على السلاح، والخاسرون هم الشعب السوري، أن هذه الكارثة كان من الممكن تلافيها قبل 18 شهرا، لو أن الحكومة تجاوبت مع المظاهرات السلمية”.
ولفت كي مون الانتباه إلى أن “الحرب تتحول الى حرب بالوكالة والى أطراف تساعد وتنضم الى طرف آخر”، وحذر من أن “نقف (العالم) إزاء احتمال حرب أهلية تطال فئات الشعب السوري، وسيكون لذلك تداعياته على الشعب والمنطقة، فالواجب استخدام كل الوسائل السلمية وصولا الى عملية سلمية تستند الى الحلول الوسط”.
وحث كي مون على التوصل إلى “أرضية مشتركة جديدة تضع نصب عينها مصلحة الشعب، والمساعدات الإنسانية تستمر ونحن نقدم هذه المساعدات وبعثة المراقبين ما زالت تقوم بعملها الأساسي، وهذا قد يساعد في عملية المحاسبة لاحقاً، وينبغي التوصل الى رؤية موحدة بشأن الوضع في سورية للخروج من المأزق الحالي”.
وأوضح كي مون أن “الإنقسامات في مجلس الأمن صعّبت من عمل كوفي انان”، ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الى تعيين بديل لأنان.
المندوب السعودي يشدد على ضرورة تأمين انتقال سلمي للسلطة…
الى ذلك ، شدد السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي على ضرورة تأمين انتقال سلمي للسلطة في سورية، وقال في كلمة لتقديم مشروع القرار العربي إن ستين دولة تتبنى القرار، واعتبر أن “الحلّ السياسي في سورية لا يلوح في الأفق”، وقال إن “إخفاق مجلس الأمن الدولي في التعامل مع الأحداث في سورية سببه الفيتو الروسي – الصيني” ضد مشاريع القرارات التي تم طرحها تباعاً على مجلس الأمن.
وقال المعلمي إن مشروع القرار العربي “يهدف إلى إعادة التأكيد بأن المجتمع الدولي لا يرضى بما يحصل في سورية ولا يقبل استمرار القتل والمذابح”، وشدد على أنه “آن الأوان للبدء بمرحلة انتقال السلطة بما يلبي رغبات المجتمع السوري”. ودعا إلى “عدم تجاهل استغاثة الشعب السوري، على حد وصفه ، وحثّ المندوبين على تحمل مسؤوليتهم التاريخية.
النصر: مصداقية الأمم المتحدة على المحك
وكان رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة القطري ناصر عبد العزيز النصر قد افتتح الجلسة بالاشارة إلى أن “إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تحصل وهذه الأعمال يمكن ان ترقى الى اعمال ضد الإنسانية والى جرائم دولية”.
وحمل على “مواصلة خرق السلطات السورية لحقوق الإنسان على نطاق واسع” وأشار إلى أن ” ثمة حالات تفيد بعمليات تعذيب جماعي”.
وشدد النصر على “وجوب محاسبة المسؤولين عن مرتكبي هذه الانتهاكات، وإتخاذ المجتمع الدولي تدابير فورية في هذا الإطار”.
وقال النصر إن “الجمعية العامة تثبت اليوم قوتها وسلطتها. ولقد مهد قرار الجمعية العامة المتخذ سابقا لإعتماد خطة النقاط الست، ولم تكن هذه المهمة باليسيرة، لذا آسف جدا لإستقالة المبعوث الدولي والجامعة العربية كوفي عنان”. واعتبر أن “مصداقية الأمم المتحدة على المحك” وأوضح أن “لا خيار آخر لدينا(الجمعية العامة) سوى اتخاذ اجراءات جديدة في سورية لوقف العنف، فأرواح الأبرياء هي مسؤولية كل منا”.
الجعفري يتهم الغرب بتشجيع الإرهاب وينتقد رئيس الجمعية العامة للإخلال بالنظام الداخلي
وشنّ المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري هجوما لاذعا على البلدان التي تبنت مشروع القرار وقال إنه “من المفارقات الغريبة أن تقوم الدول متبنية مشروع القرار بتقديمها تحت البند 34 منع نشوب النزاعات المسلحة في الوقت الذي كان فيه لهذه الدول اليد الطولى في عسكرة الوضع السوري وإبعاده عن الحل المنشود من خلال تقديم السلاح للمجموعات الارهابية”.
ولفت الجعفري الانتباه إلى أن “هذا الأمر أقر به وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس منذ ثلاثة أيام أيام حين قال إن هناك أسلحة تسلم إليهم من قبل قطر والسعودية ودول أخرى، وقد أكدت بعض وسائل الإعلام الغربية ذلك مشيرة الى وصول صواريخ مضادة للطائرات أميركية الصنع عبر تركيا إلى سورية”. واتهم الجعفري بعض الدول متبنية مشروع القرار بأنها “تقود حربا استخباراتية هستيرية ضد سورية وتقدم كل أشكال الدعم للمجموعات المسلحة وليس للمعارضة الوطنية الداخلية الشريفة”.
واتهم الجعفري “رئيس الجمعية العامة بالإخلال بالنظام الداخلي والمادة 106 منه، لاتخاذه موقفا مسبقا من مشروع القرار، المادة التي تطلب من رئيس الجمعية أن يكون حياديا ويلتزم بإدارة الجلسة بنزاهة ويبتعد عن الالتزام بأي موقف تجاه أي مشروع قرار”.
وانتقد الجعفري “بعض الدول تقوم بالتغطية الإعلامية والسياسية للمسلحين، وتشكل حصارا ظالما على الشعب السوري، حصار يخالف قرارات الامم المتحدة مما فاقم الأوضاع الانسانية على الأرض”، وشكك في حسن نوايا هذه الدول وقال “لو كانت تلك الدول التي تبدي قلقها بشأن الأوضاع في سورية صادقة لخصصت مليارات الدولارات التي تنفقها على تسليح المجموعات الارهابية، لصرفها على المساعدات الانسانية ، علما أن كل الوعود التي قدمت لم تكن سوى ذر للرماد في العيون لإظهار الحكومة السورية في مظهر المعرقل للمساعدات الانسانية”.
ولفت إلى أن “العيب الأكبر يكمن في أن بعض الدول متبنية مشروع القرار السعودي لا يمكن بأي حال اعتبارها واحة للديمقراطية وحرية الانسان بل تحكمها أنظمة استبدادية لا تتوانى عن قتل شعبها ووضع حقوق الانسان فيها يعتبر من أسوأ الأوضاع في العالم وفق تقارير موثقة، في حين أن البعض الآخر لا يحظى بالمسؤولية في ضوء التجارب السابقة التي أثبتت أن هذه الدول قامت بالتلاعب بالعديد من القرارت وتفصيلها حسب قياسها بحيث تسوغ لنفسها التدخل في الدول الأخرى مستخدمة ذرائع حماية حقوق الانسان والمبادىء الانسانية الهامة التي لم تكن يوما من الايام هدفا لها”.
وحذر الجعفري من ” خطورة أن تشكل هذه المنظمة الدولية تحت الضغط غطاء لنشر ثقافة الارهاب الحلال في العالم وتقويض الاستقرار فيه”، وأشار إلى ازدواجية بعض الدول، ففي حين تعلن ادانتها للارهاب يرى الجعفري أنها “تغض الطرف أو تدعم بشكل مباشر المجموعات الارهابية المتزايدة في سورية تطبيقا للفوضى الخلاقة حيث لم يعد خافيا على أحد أن بعض الدول حرضت ومولت على ارسال الارهابيين إلى سورية”.
ووصف الجعفري مشروع القرار بأنه “مشروع هستيري وتضليلي بامتياز وينتقص مبادىء الشرعية والسيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”، واعتبر أن “اعتماد مشروع القرار سيوجه رسالة خاطئة للارهابيين أن ما يقومون به يحظى بدعم وتشجيع من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مما سيساهم في إذكاء العنف، وسيصل الإرهاب إلى الأماكن التي فرخت الارهاب بما في ذلك بعض الدول التي تبنت هذا المشروع”.
وحث الجعفري المندوبين على “التصويت ضد هذا المشروع نصرة للمبادىء التي ننادي بها جميعا”.
واستهجن الجعفري أن تتقدم السعودية بمشروع القرار وقال “كنا نتوقع من وفد السعودية أن يقدم مشروع قرار لتحرير جزر سعودية محتلة من قبل اسرائيل في البحر الأحمر بدل التركيز على التلاعب بمصير اللاجئين الفلسطينيين في سورية والتباكي على دماء الشعب السوري”.
سيريان تلغراف | روسيا اليوم + “ايتار – تاس”