الثبات : تفاصيل الوضع الأمني على الأرض والخطط المتوقعة ..
لا خطر على سورية من السقوط لأنّ جيشها قوي ومتين، وتركيا قد تتعرّض لمأزق سيطرة حزب العمال الكردستاني على بعض مناطق محافظة حلب و”القامشلي”، أمّا كلام المقدسي عن إمتلاك سورية أسلحة كيماوية فهي تعيد خلط الأوراق الإقليمية والحسابات الإسرائيلية.
العميد الركن المتقاعد الياس فرحات خصّ جريدة “الثبات” بهذا الحوار واليكم مقاربته العسكرية الميدانية :
لتفسير الوضع الميداني العسكري على حقيقته في سورية بعد الإنفجار الذي استهدف خلية الأزمة في دمشق، يحددّ العميد المتقاعد الياس فرحات مناطق إنتشار المعارضة المسلحّة والقوى النظامية، ليشير الى أنّ التواجد العسكري للمسلحين يتركّز في الأرياف، تحديداً في حلب وإدلب وحماه ودرعا، وبنسبة أكبر في حمص وأقلّ في دمشق، إضافة الى تواجد ضعيف للمسلحين في بعض مناطق ريف دير الزور واللاذقية (الحفة). برأي فرحات ان عدم سيطرة المعارضة المسلحة على ايّ مركز من مراكز المحافظات السورية، يؤكد قوة الدولة السورية وتماسكها، خصوصاً وانّ النظام لا يزال يسيطر على كلّ خطوط المدن الرئيسية، بدءاً من طرطوس – بانياس – جبلة – اللاذقية ساحلاً، إنتقالاً الى خط درعا – دمشق – حمص – وحماه – حلب، وصولاً الى خط إدلب(في الشمال الغربي) و السويداء ( الجنوب الشرقي)، إضافة الى سيطرة النظام بشكل تام على الحسكة والرقة ودير الزور وأبو كمال، ما يعني أنّ الدولة السورية برأيه قوية وفاعلة رغم مرور ستة عشر شهراً على بدء القلاقل فيها. ويضيف فرحات حول إنتشار المعارضة المسلحّة ليقول: في المدن يقتصر تواجدهم فقط بالسيطرة على بعض أجزاء مدينة حمص (الخالدية وجورة الشياح )”.
يؤكد العميد فرحات ضلوع أجهزة مخابراتية عالمية في إنفجار مركز الأمن القومي في دمشق؛ ويضع العملية ضمن سياق خطّة شاملة لسقوط العاصمة، كما سبق واعلنه الإعلام العربي والغربي قبل ذلك، يقول: “كانوا يتوقعون سقوط العاصمة إنطلاقاً من ضرب قطاع الإتصالات وشبكة القيادة والسيطرة للدولة السورية، غير أنّ التفجير الذي نجح في مقتل 4 من القادة اعضاء خلية الأزمة، فشل في إستكمال بنوده، فالجيش السوري صدّ هجوم المسلحين وكبد المهاجمين خسائر فادحة”. ويضيف فرحات: “ما يُلفت الإنتباه أنّ الإعلام الخليجي والغربي الذي هللّ كثيراً لدخول المسلحين الى العاصمة، اضرّ بالمهاجمين أنفسهم لأنّ وقعوا بفخ الكلام عن وصول المسلحين الى جانب مقرّ رئاسة الوزراء والقصر الجمهوري وفق ما اشارت اليه قناتي الجزيرة والعربية”. يتابع فرحات حديثه: “اظن المسلحون ان العاصمة على شفير السقوط فهرعوا اليها لكن قوات الجيش كانت لهم بالمرصاد فتكبدوا خسائر فادحة قدرت بنحو الف قتيل “.
حزب العمال الكردستاني
عن أحداث حلب يقول العميد الركن فرحات: هناك معركة على اطرافها، كحي “هنانو” و “صلاح الدين” ليبقى المؤشر الأكثر خطورة لتركيا هو سيطرة حزب العمال الكردستاني، على أرياف حلب الشمالية (منطقتي عفرين – عين العرب – تل رفعت – جرابلس) المتاخمة للحدود التركية، وان صحّت توقعات موقع الإستخباري “دبكا” الإسرائيلي من تحرك كردي متوقّع تجاه “القامشلي” بقيادة حزب العمال سييفجّر الوضع داخل تركيا خصوصاً وأنّ عدد الأكراد فيها يتجاوز 15 مليون ومعظمهم موالوان لحزب العمال الذي يقبع قائده في السجن في تركيا”.
يلفت فرحات الى أنّ العلاقات المميزة بين سورية وتركيا قبل إندلاع الأزمة جعلت قيادة حزب العمال الكردستاني تنكفئ عن مدّ الجسور مع النظام، ولكن وفق المعطيات الحالية مع صمت الدولة السورية بخصوص وضع القامشلي لا يمكن تأكيد او نفي تنسيق النظام مع قيادة العمال الكردستاني.
برأي العميد الركن المتقاعد في الجيش اللبناني الياس فرحات، إنّ الوضع الراهن عسكرياً يميل لمصلحة النظام والجيش السوري في مدينة دمشق ومعظم ريفها، وحلب رغم الضجيج عن تحرير الأخرى ايضاً في الإعلام الخليجي، يقول: “الردّ العسكري السوري السريع على خطة إقتحام دمشق مع إفشال البنود الأخرى لعملية إغتيال خلية الأزمة، أبرز قدرة القيادة السورية على مواجهة مختلف الظروف الضاغطة”.
إستهداف باراك
سألناه عن تواجد وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك في الجولان واستهدافه بقذائف “هاون” مجهولة المصدر، بالتزامن مع عرض التلفزيون السوري مشاهدً للجيش السوري يعرب فيه إستعداده لمواجهة الجيش الإسرائيلي وليس المسلحين؟ يجيب العميد فرحات: “قد يتكررّ الهجوم على دمشق بطريقة أخرى، مع استمرار القرصنة على قنوات التلفزيون السوري وقناة “الدنيا” ومع إستمرار الكشف عن إنشاء قناة تضليلية للبثّ على نفس ترددات المحطات السورية للتشويش والتأثير على الرأي العام”. يضيف فرحات “مشروع ضرب الإتصالات السورية سيتكررّ، وتجميع مقاتلي الأرياف للإنطلاق من جديد تجاه دمشق، يبقى ضمن حراك المعارضة المسلحّة. وزير الدفاع الإسرائيلي بعث برسالة واضحة بُعيد تفجير دمشق أنّ اسرائيل معنية تماماً بالذي يحصل في دمشق، غير أنّ إسقاط النظام للمخططّ لا يؤكد ولا ينفي مسألة استهداف باراك بقذائف “الهاون”، فالصراع المتبادل بين الجيشين قد لا يتمّ الكشف عنها إعلامياً، لأنه سورية على سبيل المثال وفق إتفاقية فصل القوات بينها وبين اسرائيل عام 1974، يُفترض وجود منطقة عازلة، وبالتالي لا يمكن للجيش السوري تبنّى خبر إطلاق قذائف الـ”هاون” التي إستهدفت باراك، وبالتالي سيبقى الخبر غامضاً أقلّه عن الإعلام . ويضيف فرحات: “حتى ولو كان الجيش السوري وراء إطلاق القذائف، لن يعطي الأخير العذر للجيش الإسرائيلي للردّ عليه في الوقت الذي يريد”.
يعتبر فرحات أنّ وجود سورية ضمن المنظومة الإقليمية، يعقّد الأمور إقليمياً ودولياً ويصعّب على الغرب عملية إسقاط النظام، يقول: ” عينا ايران وحزب الله مسمرتان على المشهد السوري والإقليمي وتحديداً اسرائيل، تماماً كموقف روسيا الجيو – الاستراتيجي للمنطقة، وفق ما يصرّح به يومياً وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف”. يتابع فرحات شرح مقاربته للأحداث السورية قائلاً: “سبق ورسمت ايران خطاً أحمر لتركيا وحذرت من تورطها الأمني المباشر، اليوم طهران تلوح بامكانية إغلاق مضيق “هرمز” تبعث ايضاً رسالة واضحة لأميركا والغرب وحلف الناتو أنّ سقوط النظام السوري بالقوة ممنوع، لأنّه سيستتبع سقوط “ستاتيكو” المنطقة برمته بدءًا من اسرائيل وصولاً الى منطقة الخليج العربي”.
يشير العميد فرحات الى أنّ الغرب عموماً ومنذ بدء الأحداث العربية، يتعاطى مع المنطقة وقوى الممانعة بالتقسيط، فيما محور الممانعة يتعاطى مع الموضوع من منطلق أكبر، فالغرب يريد تقسيط الحرب لاسقاط سورية أولاً وحزب الله ثانياً وايران ثالثاً، فيما الشرق يريدها حرباً شاملة”.
الجيش السوري
عن قدرات الجيش السوري، يعتبر العميد فرحات أنّ المنظومة العسكرية الصاروخية للجيش السوري مخبأة جداً وموجّهة تجاه اسرائيل، يقول عن تنظيمه: “يطبّق الجيش العربي السوري نظام “الفيالق” المقسمّة الى فرق، الفيلق الأول يتمركز في منطقة “السيدة زينب” ومهمته حماية الحدود مع اسرائيل والأردن، وكلّ فرقة يتراوح عديدها ما بين 16 ألفاً و20 ألف جندي؛ الفيلق الثاني مركزه في “جديدة يابوس” وقطاعه يمتدّ حتى حمص؛ الفيلق الثالث قيادته في حلب وصلاحياته الحدود التركية والمنطقة الساحلية”. ويشير فرحات الى ارتباط بعض الفرق العسكرية مباشرة بالقيادة العامة، مثل الفرقة الرابعة المولجة الدفاع عن دمشق.
وفي موضوع تدخل الجيش بمسألة حفظ الأمن، يشرح فرحات آلية العمل، يقول: “يُفرز لإعادة الأمن في محافظة معينة كتيبة او إثنتين (عديد الكتيبة الواحدة حوالي 1500 جندي) وفق الضرورات الميدانية، ويبقى الباقي في ثكناته ضمن مهام التدريب والترقّب. في المنطقة الساحلية على سبيل المثال إنتشار الجيش السوري لا يتعدى أيضاً الكتيبة او الإثنتين على أكثر تعديل، أمّا في حمص فهناك تواجد لأكثر من كتيبتين، لأنّ الجيش يتولى حفظ الأمن على الحدود اللبنانية – السورية وحفظ النظام في مناطق القصير والرستن ومدينة حمص”. ويضيف فرحات: “بخصوص منطومة الصواريخ الإستراتجية للجيش السوري، لا احد يعرف مكان تواجد منصاتها ولا مكان إنتشارها، هي بمعظمها مصوبّة تجاه اسرائيل، المعروف في هذا المجال هو أنّ سورية تملك 10 ألوية صواريخ في أماكن سريّة، أمّا لناحية نوعها فالمعروف حتى الآن صواريخ SS20 والسكود”. يتابع العميد فرحات حديثه: “تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي حول إمتلاك سورية للأسلحة الكيماوية رسالة واضحة لإسرائيل وحلف “الناتو” وتركيا، من أنّ ايّ تدخل خارجي سيكون له تبعات كبيرة، وهذا التطور رغم أنّه سيواجه إعلامياً بردّة فعل عنيفة ومستهجنة من قبل الغرب والأمم المتحدة، فانه يمثل ورقة ردعية له دلالات استراتيجية”.
وهل من إحتمال أن تسقط سورية من الداخل طالما هناك عجزٌ لإسقاطها من الخارج؟ يجيبنا العميد فرحات: “سقوط سورية يعني إختلال المنطقة بأسرها، في سورية اثبتت الوقائع أنّ مؤسسة الجيش منيع وقوي ومتماسك، وفي ظلّ هذه المعطيات لا يمكن على الإطلاق إسقاط لا العاصمة ولا أيّة مدينة مركز محافظة، والدليل الواضح لذلك هو أنّه رغم استمرار الحرب عليها منذ 16 شهراً ورغم حملات التشويه والترغيب لضباطه والإغراءات المالية الكبيرة المغدقة عليهم والترهيب بقتل ذويهم لم تفلح محاولة واحدة جديّة لشقّ كتيبة عسكرية في الجيش السوري.. من هنا أعتقد أنّ سورية ستنتصر في حربها على الإرهاب..”.