عالميعسكريمحلي

اقتناع تركي باستحالة الضربة العسكرية ضد سورية.. والدليل “عنتريات أردوغان”

ما تزال القيادتان (العسكرية والسياسية) في تركيا تحاولان “هضم” حادثة إسقاط الطائرة المقاتلة “ف – 4″ التركية في المياه الإقليمية السورية، ويبدو أن تعمّد أنقرة تسليط الضوء على إرسالها 15 دبابة إلى الحدود وقطع مدفعية لن يفيدها كثيراً في استرجاع ما فقدته من هيبة في الداخل التركي قبل الخارج، وبالتأكيد لن تفعل الطلعات الاستعراضية التي يقوم بها الطيران التركي قرب الحدود السورية كلما “لمح” مروحيات سورية تقترب من الحدود.

فالرد السوري الذي تمثل بإرسال 170 دبابة إلى منطقة الحدود، مقابل الـ15 التركية، كان مؤشراً سلبياً في الداخل التركي، وكذلك استمرار الطلعات الجوية السورية كالمعتاد في المنطقة الحدودية، دون أي خوف من الطيران التركي.

أما من الناحية السياسية، فعلى حزب العدالة والتنمية مواجهة الداخل التركي قبل التفكير في الخارج السوري، فالشارع التركي – المعروف بتعصبه القومي – لم يتأثر كثيراً بحادثة إسقاط الطائرة، ولم يقرع طبول الحرب ضد سورية التي ما يزال قسم كبير جداً من الأتراك يعتبرها دولة صديقة وشعباً صديقاً، واللافت أنه ليس هناك أحد من قادة الرأي في تركيا كان مقتنعاً بأن أردوغان سيقوم بعمل عسكري في سورية، بل تدافع الكتاب والمعارضون إلى تعداد “عنتريات” أردوغان وتهديداته في أكثر من مناسبة، سواء في الملف العراقي، أو في العلاقة مع قبرص، أو في حادثة أسطول مرمرة التي قُتل خلالها 17 تركياً على يد القوات الصهيونية.

وكان للتخبط التركي بُعيد سقوط الطائرة دوره الكبير في هذا، فقد تضاربت موقف القادة الأتراك إلى حد كبير، قبل أن تستقر في اليوم التالي على رواية واحدة مفادها أن الطائرة أُسقطت في الأجواء الدولية، ليتبين فيما بعد أنها سقطت في المياه الإقليمية السورية، بتأييد من تقارير استخبارية غربية نشرتها صحيفة “وورلد ستريت جورنال”، الأمر الذي أصاب القادة الأتراك بالخيبة.

ولم يستطع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إقناع نواب المعارضة التركية برأيه خلال الجلسة العامة التي عُقدت للاستماع إلى ما لديه في حادثة إسقاط الطائرة، بل بالعكس؛ فقد خرج زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو من الاجتماع مع أردوغان ليقول إنه لن يجتمع مرة أخرى مع رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، وأضاف: “إن السياسة الخارجية ليست مجالاً للخداع”، متوجهاً إلى أردوغان بالقول: “لم تقوموا بأي شيء عندما أدخلت رؤوس جنودنا في الأكياس في العراق، لقد قتل بسبب غزة تسعة من مواطنينا في المياه الدولية، ونقّب القبارصة الروم (اليونانيين) عن النفط والغاز الطبيعي في شرق المتوسط، وقلتم عن كل ذلك إنه سبب للحرب، لكنكم لم تفعلوا أي شيء، عندما تقولون كلاماً كبيراً عليكم أن تطبقوه، أنا لا أقول بالحرب مع جيراننا ولن أقول”، ورأى أن “تأسيس السياسة الخارجية على قاعدة الخداع هو سياسة خارجية خاطئة، هذه السياسة الخاطئة تلحق الضرر بمكانة تركيا في الشرق الأوسط، في لقائنا مع رئيس الحكومة لم يُؤخذ رأينا في الموضوع السوري، عرض علينا فقط خرائط، لو كنا مكان رئيس الحكومة لما كانت سياستنا السورية هكذا، ولم نكن لنمر بهذا المشهد، ولكانت العلاقات مع سورية كما كانت قبل العام 2009، وكان يمكن منع قضية مرمرة من الوقوع بالطرق القانونية، وعندنا مركز للهلال الأحمر التركي في غزة، ويمكن تقديم المساعدة عبره، فلماذا ترتضون أن تكونوا أداة لمثل هذا التحريض؟ ولماذا لم تحتجوا لدى الأميركيين على حادثة الكيس؟ لم يكن عندكم حتى الجرأة على فعل ذلك”، واتهم كيليتشدار أوغلو أردوغان بأنه قناع للقوى الغربية في الشرق الأوسط، وخاطبه قائلاً: “أنت أداة بيد القوى الغربية، والأداة تعني أنك تعمل لمصلحة الآخرين وحسابهم”.

سيريان تلغراف | الثبات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock