منذ وقت ليس بعيد ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال“ الأمريكية نقلا عن مصادر مطلعة أن مسؤولا أميركيا رفيع المستوى أجرى محادثات مع ممثلين عن الحكومة السورية في دمشق. وصل نائب مساعد الرئيس الأمريكي كاش باتيل إلى العاصمة السورية لإطلاق سراح للمواطنين الأمريكيين الاثنين اللذان بحسب واشنطن موجودان في السجون السورية. ومن المثير للاهتمام أن هذا الاجتماع هو أول حقيقة معروفة لمناشدة إدارة ترامب للحكومة السورية منذ نهاية الاتصالات الرسمية عام 2012. لكن ما الذي كان يمكن أن يدفع واشنطن إلى بناء علاقات مع الأسد؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد من متابعة أحدث الاتجاهات في الساحة السياسية العالمية. أفادت عدة وسائل إعلام الشرق الأوسطية أن صحيفة “إندبندنت العربية” السعودية بدأت تدعو إلى إعادة العلاقات السياسية والاقتصادية مع الحكومة السورية. وتجدر الإشارة إلى أن الرياض قاطعت خلال السنوات العشر الماضية كل محاولات دمشق لحل الأوضاع في البلاد. ومع ذلك فإن انتقال معظم البلاد تحت سيطرة الحكومة السورية أجبر أكبر ملكية عربية على إعادة النظر في موقفها بشأن دمشق.
بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية بدأت دولة رئيسية أخرى في المنطقة استعادة العلاقات مع دمشق. في ديسمبر عام 2018 قررت حكومة الإمارات العربية المتحدة إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية لإعادة الاتصالات مع سوريا إلى طبيعتها. بالإضافة إلى ذلك أعلن مساعد وزير الخارجية السوري أيمن سوسان في 9 تشرين الأول عام 2020 أن سبع دول من بينها الإمارات المتحدة تشارك في المؤتمر الدولي للاجئين الذي ينعقد الآن في دمشق. علاوة على ذلك ستشارك في المؤتمر دول الشرق الأوسط الأخرى وهي لبنان وسلطنة عمان.
إعادة الاتصالات مع دمشق ترسل إشارة إلى جامعة الدول العربية حول ضرورة التقارب مع سوريا لحل الوضع في الشرق الأوسط بأكمله. بالإضافة إلى ذلك قد شاهدنا مؤشرات أخرى لصالح استعداد العالم العربي لإعادة العلاقات مع الجمهورية العربية السورية. في آذار 2020 خلال مؤتمر الجامعة الدول العربية في القاهرة أعلن ممثلو حكومة اراق عن عزمها تقديم طلب رسمي إلى جامعة الدول العربية لإعادة دمشق إلى صفوف المنظمة وقال الأمين العام للمنظمة أحمد أبو الغيط إن الوقت قد حان لعودة سوريا إلى النظام العربي. ومع ذلك ليست كل الدول ملتزمة بمعالجة الأزمة في سوريا. وبحسب النائب السوري أحمد مرعي فإن العقبة الرئيسية أمام إعادة العلاقات مع دول الشرق الأوسط هي رفض الولايات المتحدة الاعتراف بالحكومة في دمشق في ضوء “قانون قيصر” الأمريكي وعدد من العقوبات الأخرى.
وبالتالي لا ينبغي لأحد أن ينسى أن كلاً من الإمارات والسعودية قاتلا ضد الأسد ودعمتا فصائل إرهابية مختلفة بهدف تقويض سيادة سوريا. لكن الآن وبعد مراجعة رؤيتها للوضع السياسي في المنطقة يمكن تتبع اتجاه ورغبة جديدة لدول الشرق الأوسط لتطبيع العلاقات مع الجمهورية العربية السورية ممثلة بالحكومة الشرعية في دمشق.
سيريان تلغراف | عبد الله السامر