حمد القطري يعيش عربداتة و ملهاته .. ماذا عن مأساته ؟؟
امضيت الأيام القليلة الماضية كما الكثير من السوريين اقرأ وأسمع وأشاهد معظم ما له علاقة بالأزمة السورية ، وقراءة ما يلفت انتباهي على صفحات أهم الصحف العربية ، وإنطلاقاً من قناعتي بأنك إن أردت أن تعرف عن خصومك أكثر فما عليك إلا أن تقرأ صحفهم وتسمع مفرداتهم وتشاهد ما يعرضون من صور وفيديوهات ، الحقيقية منها والمركبة أو المفبركة ..حاولت أن أفعل رغم حالة القرف والإشمئزاز والغثيان التي تصيبني إن فعلت ، وأقول حقيقةً أن ثمة شعورٌ آخر يعوضني هو مزيجٌ من الشماتة والتشفي والترفيه ، أعتقد أن الكثيرين منكم يفهمون ما أقصد تماماً ، وأنا على أية حال سأورد لكم بعض الأمثلة عن هذه الإزدواجية في الشعور والإحساس … سأبدأ من الأقدم إلى الأحدث وهنا لابد من التعريج على أداء المحطتين اللتين تشبهان في ادائهما عاهرات الحي ، وشهود الزور الذين يقفون على أبواب القصر العدلي عارضين خدماتهم لن يدفع ، فأنا أقولها صراحةً انني لم أفاجأ من طريقة عرضهم لخطاب الأسد مثلاً ، الذي حرصت أن أتابعه متنقلاً عبر جهاز التحكم بين المحطتين المؤتمرتين بأوامر آل سعود وآل ثاني ، ولم يكن الأمر بسهلٍ أو يسير ، أن تجلس لساعاتٍ مسلوباً ومصلوباً لمشاهدتهم وسماع اصواتهم ، ولكنه كان يوماً اسثنائياً وحدثاً اسثنائياً ، وأنا إذ فعلت فقد قمت بذلك من باب الإطلاع على أوضاع إعلام العدو والخصم ، ولطالما رددت هذه العبارة على مسامع اصدقائي وزوجتي وأولادي حين أدير التلفاز نحو الجزيرة أو العربية قائلاً ” هات لنشوف وين صاروا هال….. .. ” ، لم أفاجأ أن فرق العمل في عشرات المحطات التلفزيونية وفي المحطتين سيئتي الذكر تحديداً قد استنفرت مطبخها الإعلامي واستدعت كل فريق العمل بمن فيهم فريق الإحتياط ، وأن ثلاجاتهم وأفرانهم الكهربائية والغازية وغسالات أطباقهم كانت على أهبة الإستعداد ، وأنهم شحذوا سكاكينهم وجهزوا ألواح التقطيع والفرم ولبسوا مراويلهم وقفازاتهم وأن أباريق سمومهم كانت ملأى وأن كؤوسهم هي الأخرى كانت ملأى عن آخرها بالسم الزعاف . وأقولها وأيضاً وبكل صراحة انني قررت حينها ” ولطالما فعلت ” أن أواجه ذالك العهر الأعرابي القميء بالإستمتاع بكل لحظة بشعورٍ هو مزيج تشفٍ وشماتة سورية أصيلة برؤيتهم تائهين ضائعين مشتتين كالمجانين والسكارى ، ومرتبكين كاللص الذي يسرق متجراً ويشهد عليه عمال المتجر وزبائن المتجر وكاميرات المراقبة ، ثم يحاول الإنكار رغم ذلك ، لم يفاجئني اداؤهم ولا تحفزهم وتوثبهم ، ولاحالة الإستكلاب و-“الفجعنة ” والإستماتة في الظهور على شاشاتهم التي اصابت الكثيرين من ضيوفهم من أصحاب الذمم و الضمائر والأقلام المعدة للبيع أو الإيجار ، وكنت أعلم علم اليقين أن مرد ذلك أن الحدث متميز والشخص متميز والبلد متميز…. .
في جلسات ما بعد الخطاب وخلال محاولات تحليل ما ورد فيه من قبل رهطه من المشكوك بمسائل كثيرة تخصهم على الصعيد الشخصي والعملي والتاريخي والأخلاقي ، كمحيي الدين اللاذقاني وبسام جعارة وهيثم المالح وكمال اللبواني وميشيل كيلو وصالح القلاب ومحمد ياسين النجار وحسن عبد العظيم ، كانوا مثيرين للشفقة والشماتة في آنٍ معاً ، لكنني اخترت الشماتة ، وكانت متعتي إضافية حين فعلت ، إذ حصلت على متعة شماتتي بهم إلى جانب متعتي بما تضمنه خطاب الأسد من لغة تحدٍ فاقت المتوقع وثقة في النفس والشعب والجيش رسخها في عقول ونفوس الملايين من محبيه . أنتم أيها الأعزاء لو اردتم أن تدركوا وقع وأثر الخطاب فما عليكم إلا أن تقرؤوا صحفهم وعناوينها العريضة لليومين التاليين ، وهكذا فعلت أنا من منطلق أنك إن أردت كيف وماذا يخطط الأعداء فعليك بإعلامهم وأقلامهم ، حيث تستشف النوايا والخطط التآمرية للأيام القادمة ، ستجد أن مقالاتهم كتبت باللون الأحمر القاني ..لون الدم السوري ، واختلطت أحرفها بالسم الزعاف ، تستشعر وتقرأ بين كلماتهم وحروفهم حالة الحقد اللامتناهية والكراهية التي لا حدود لها ، والإرتهان والاستزلام التي يعيشها أعراب النفط لسادتهم وللقابضين على رقابهم من رجالات الناتو ورموز الصهيونية العالمية . إن الأمر شبيه بمشاهدة مسرحية مزدوجة عن الملهاة والمأساة اليونانية في أنٍ معاً ، وكان ابطال هذا العمل هم معدو البرامج ، وكاتبو التقارير الإخبارية ، ومذيعو النشرات الإخبارية في هاتين المحطتين ، إلى جانب ضيوفهم الهزليين والكاريكاتوريين والمهرجين والوقحين دون أدنى شك . كان من دواعي سروري أن اشمت بعبد الباري عطوان وهو يعترف بأنه وجد في الأسد رجلاً يتحدى العالم ، وكذلك بهيثم مناع الذي إعترف أيضاً أن الأسد كان يتحدث من موقف القوي الواثق من نفسه ، وألقى باللائمة على رجالات المجلس الاستنبولي لجهة مطالبتهم بالتدخل الأجنبي في سورية … .
لست الآن في معرض الخوض في تفاصيل الخطاب ، إذ يكفي من فعل ذلك وهم مئات ، لكن لي ملاحظة تخص هجوم الأسد غير المسبوق على الجامعة العربية ، وأعتقد أن الأسد لم يكن ليفعل ذلك لولا أن لديه من المعلومات والبيانات والوثائق والمؤشرات ما يستشف منه بشكلٍ أو بآخر أن وراء الأكمة ما وراءها ، وأن أمراً ما يجري اعداده في أروقة الجامعة وفي الغرف المغلقة لسفارات بعض دول الناتو ، ورغم ما بدا من تعاطف لبعض أعضاء فريق المراقببن وما قرأ على جباههم وفي عيونهم من بعض ضمير يمكن للمواطن السوري أن يعول عليه ، فالخشية تكمن أن الكلمة الفصل ستكون لفريق الخونة والعملاء وللأدوات والخدم والأذناب .. . الأسد قام كذلك بكشف وتعرية عاهات الثورة وآفاتها وسلبياتها وعهر قادتها ونجاسة داعميها وزندقة مفكريها ومنظريها وفلاسفتها ، وكانت ردة الفعل الشعبية المؤيدة لما جاء في الخطاب أكبر دليل على إلتزام الغالبية الساحقة من أبناء الشعب السوري الوقوف مع الأسد ومساندته لقناعتها أنه بنهجه الإصلاحي الصادق وبتوجهاته لإستيعاب الآخر يشكل طوق النجاة والبديل الأمثل لخيار الرعب الآتي عبر انهار الدم التي تبشر بها ثورتهم السلمية جداً جداً جداً .. ، التي حاولوا من خلالها وقرروا اللعب على حافة الهاوية ، ولكن فاتهم أنهم يلعبون مع من تربى في كنف ورعاية أشهر من يجيد ويتقن اللعب على حافة الهاوية ، والذي لطالما فاجأ العالم وقادته بمهاراته وحنكته وذكائه ،
ما كان ملفتاً ولا بد من الوقوف عنده ردود الفعل التي هطلت كالمطر على الساحة السياسية الشرق أوسطية ليس كردة فعلٍ مباشرة على ما جاء به خطاب الأسد ، ولكن كنتائج لما جاء به وكهجومٍ مضاد ، بل كان ملفتاً أيضاً أن البعض اعترته نوبة جنونٍ وذهب إلى أبعد مما تخيل ألد أعداء سورية ، كان من الواضح أن هناك تنسيقاً على أعلى المستويات وتوزيعاً للأدوار بين زمرة المتآمرين وبين أذنابهم ، فكان أن بدأها جوبيه واتحفنا بإعطاء الجامعة أمر عمليات جهاراً نهاراً وعلى عينك يا تاجر ، بأن على الجامعة “العربية ” أن تفعل أكثر من مجرد متابعة مهام لجنة المراقبة ، وكان فهم العربان كفاية ، ثم كان تصريح ” الغضنفر كيمون ” وطلبه من الرئيس الأسد وقف ” القتل ” والعنف في سورية ، دون أن يذكر كلمة واحدة عن العصابات المسلحة الإجرامية التي تروع والعباد وتأخذ البلاد إلى المجهول ، ثم كانت قنبلة الموسم ” الصوتية طبعاً ” أو الفقاعة الهوائية أو علكة منطاد كما يحلو لبعض السوريين أن يسموها ، كانت فقاعة حمد ، وبالون حمد الذي نفخ كما صاحبه ناسياً أو متناسياً أن السوريين أمهر من يفجر البوالين مع اصحابها ، أجل أيها الأعزاء لقد تفتقت عبقرية ذاك الحمد ..لا حمد له الله شأناً .. عن اقتراحٍ كوميدي ذكرنا بالملهاة الإغريقية ، بضرورة التفكير بإرسال قوات عربية إلى سورية لوقف القتل هناك ، هكذا أعطي الأمر لحمد وما على حمد إلا الإمتثال لأوامر أسياده ومنتعليه ، كان الأمر البارحة ولا زال اليوم وسيبقى إلى ما شاء الله مثار تندر السوريين على إختلاف توجهاتهم ، لكنه أيضاً أثار حفيظتهم وغضبهم ، وزاد رصيد هذا الحمد المنطاد الذي تكفيه رصاصة خردق من صيادٍ سوري حتى يعود إلى حجمه الحقيقي ويتموضع ثانية في جحره الذي سحب منه ونفخ حتى كاد ينفجر ، أثبت هذا المخلوق العجيب أنه قد يصلح لأشياء كثيرة لكن ليس للسياسة اللهم إلا كسائس بعير ، و هو قد أعطى الدليل تلو الدليل على قصر نظره ، وإنسداد أفقه ، وإنعدام بديهته ، وإنحدار أخلاقه ، وعمى بصيرته ، وصار حرياً بالعربان أن يتفكروا ملياً إن كان قادتهم على شاكلته ” وهم كذلك بحق ” فإلى أي مصيرٍ يسوسون بعيرهم ونوقهم ؟ لم يفكر حمد . ولا من أوكل له مهمة الإتيان بهكذا إقتراحٍ خنفشاري ، بالإمكانيات و بالنتائج والعواقب لمجرد التفكير الجدي بهكذا هلوسات ، حسناً سنترك حمد جانباً فالزمن والشعب والجيش السوريين سيكون لهم الكلمة الفصل في الرد على ما يتفوه به السفهاء ، وما قد يفكرون بإرتكابه من حماقات . شاهدنا بعض فصول ملهاة حمد ، عسى أن نرى قريباً مأساته .
وكان لا بد لوزير خارجية تركيا اوغلو أن يدلو بدلوه أيضاً قائلاً أن الإقتراح هو حتى اللحظة قطري ولابد أن ننتظر تبلور موقفٍ موحد من الجامعة العربية ليفهم العالم ، والعربي منه على وجه الخصوص أن الأمر مثار نقاش وأنه ربما يأخذ طريقه لمحاولة التنفيذ على الأرض ، وأن الدور التركي يبقى في المدى المنظور غير واضح المعالم إلى حين تبلور هذا الموقف العربي المنتظر والمرتقب .. . وكان ملفتاً تصريح أحد مندوبي الجامعة ” العربية ” والذي سرب قصداً حسب إعتقاد الكثيرين ، أن لا توافق “”” في الوقت الراهن “”” على إرسال قوات ردع عربية إلى سورية ، أي أن اللاتوافق قد يغدو بعد أيامٍ أو اسابيع توافق أو شبه إجماع ، وهذا التصريح هو بحد ذاته لغمٌ سياسي لجهة أن الأمر وارد وقد يأخذ طريقة للتطبيق والتنفيذ ، وكان لمسخرة الجامعة ومهرجها الطامح لتبوء منصب الرئاسة المصرية عمرو موسى كلمته حين أفتى على الطريقة القرضاوية بأن إقتراح الطبل القطري جديرٌ بالمناقشة والتداول ، وأنه يجب أن يؤخذ على محمل الجد ، متناسياً رغم السنوات الطوال التي التصقت مقعدته خلالها بكرسي رئاسة الجامعة ، أصول وحيثيات هكذا إجراء ، ومتجاهلاً في الوقت ذاته شبه إستحالة تطبيق عدوان كهذا من الناحية اللوجستية وتبعات وعواقب هكذا جنون ، لكننا لن نقول لموسى سوى أن القادم من الأيام سينبئه بأن عليه أن يعمل عقله جيداً قبل التورط بموقفٍ مخزٍ ومشين أضيف إلى العشرات من مواقف الخنوع والعمالة والوصولية التي تصل في بعضها حد إستعداده للعق المؤخرات الأطلسية ، ومؤخرات آل سعود وآل ثاني فهنيئاً له ” وصحتين على قلبه ” .
أردت فقط أن أنعش ذاكرة الأعراب أذنابهم بدءًا من موسى وصولاً إلى غليون ومجلسه الاستنبولي ، وكذا معظم أعضاء هيئة التنسيق ، أن قوات درع الخليج تدخلت في البحرين لحماية الملك وقمع الشعب المطالب بحريته رغم أن الثوار البحرينيون لم يستخدموا السلاح ولم يقوموا بالأعمال الإجرامية والإرهابية والتخريبية كما هو عليه الحال على أرض الوطن السوري ، فهل ستأتينا قواتهم ودروعهم لمؤازرة جيشنا وقواتنا المسلحة وعناصر أمننا ضد القتلة والمجرمين وممن استباحوا الأرض والعرض والمال ، الجواب معروف وواضح لكل السوريين ، هم إن استطاعوا الوصول وتدنيس الأرض السورية فهم قادمون لنصرة الإجرام والإرهاب وتنفيذاً لأوامر سادتهم ومعلميهم ، وتنفيساً للحقد الأعمى ، والكراهية المتغولة ، ولن يكونوا إلا كما عرفناهم خلال الأشهر العشر الماضية ، خنجراً مسموماً يطعن الجسد السوري في الظهر ، وفي الصدر إن استطاعوا لذلك سبيلاً ، أيامٌ مضت وأنا أحاول كما الملايين غيري إستقراء المرحلة الآنية وملامح المرحلة المقبلة ، والبحث عن الحل وسط هذا الركام من المؤامرات والتحالفات وعمليات القتل المنظم التي تنتهجها عصابات وشراذم جيشهم ” الحر ” إلى جانب باقي العصابات الوهابية والسلفية والإخونجية ، وفي أتون هذا الإعصار الدامي الذي حشروا البلاد والعباد به ، هذا المأزق الذي خطط له أحفاد الإستعمار القديم الغربي منه والعثماني ، الذين لبسوا لبوس المدافعين عن حقوق الإنسان والحريات والديمقراطيات ، وعبر أزلامهم من المتآمرين المتصهينين الأعراب ممن أعماهم حقدهم وكيديتهم وطائفيتهم فناصبوا العداء لأشرف الأنظمة على الساحة العربية ، وحولوا أنفسهم مع انظمتهم إلى مجرد أحذيةٍ تنتعل غربياً وناتوياً إلى حين اهترائها أو ظهور موديلات أفضل فيرمى بها في مكبات القمامة ، وأخيراً من باعوا شرفهم وضمائرهم وأخلاقهم ممن يحملون الجنسية السورية ولم يكونوا يوماً سوريين بحق ، أعضاء مجلس استنبول الإخونجي ومعظم جهابذة هيئة التنسيق “الوطنية “… سأعيد كتابة ما أنا مؤمنٌ به حتى الصميم ..على أرض سوريا .. سوريا المجد والعزة والفخار والكلمة والشعر والبطولة ، على هذه الأرض المباركة الطاهرة إله الكون مشغول بإنجاز معجزةٍ جديدة.. بطلاها الجيش والشعب السوريين ومكونها الرئيس.. هو الرئيس الأسد ولن أقول أخيراً سوى ما بات السوريون يرددون بكل فخر وثقة وتصميم على بلوغ النصر ..هيهات منا الهزيمة ..هيهات منا الذلة .
بقلم : نمير سعد