مدريد تخضع لتحوّل غريب من نوعه
قام معماريو Churtichaga+Quadra-Salcedo الإسبانية بتحويل مسلخٍ قديم في مدينة مدريد إلى سينما مميزة، تطوّق فيها سلالٌ ضخمةٌ متوهجة كافة الأدراج! نعم، إنها ليست مزحة. فقد تم إنشاء هذا البناء بدايةً في القرن العشرين، وكان يُستخدم كمسلخٍ وسوقٍ للمواشي على مدى 85 سنة؛ ولكن الآن شاءت له الأقدار أن يرتقي بمكانته ويتحول إلى مكانٍ يحتضن واحداً من أهم وأغنى الفنون.
فهنا داخل المكان وبدلاً من البهائم والمواشي، يوجد شاشتي سينما، واستديو واحد للأفلام، بالإضافة إلى أرشيف وتراس مخصص للعروض الخارجية.
أما عن البنية البرتقالية المتوهجة، فهي الشيء الوحيد الذي ينير طوابق أرشيف الأفلام الثلاثة، التي تسيطر عليها الأجواء المعتمة والأخشاب المطلية باللون الرمادي الغامق.
كما تحيط الجدران المنسوجة من السلال المتوهجة مدرجين كاملين، تم طلاؤهما أيضاً باللون الأسود عمداً، كي لا يؤثر ذلك على شاشات العرض.
بينما في منطقة استديو الأفلام، فقد تم ترك الجدران القرميدية القديمة والتي تبلغ من العمر حوالي مئة عام، مكشوفةً تماماً للأنظار، فيما عدا بعض أجزائها التي تمت تغطيتها بالألواح الخشبية.
وفيما يلي بعض ما صرّح به استديو التصميم حول عمله:
يشكّل الضوء الخلفي السحري والتناقض مع الأفلام، وانبهار الطفولة بهندسات البشر الفنية اللامتناهية لصنع السلال المثلث الحسي… وعلى الباقي أن يحيط بالأجواء وبهذا الشعور بطريقةٍ لولبية، ويحددها بطريقةٍ بناءة.
يشكّل التاريخ البنائي القرميدي مع بلاغة المسلخ القديم القوية خلفية العمل، كما يشكّل القصة… القصة التي تقوم فيها خلفية مستمرةٌ، خلفية خشبية أحادية المادة مطلية بالرمادي الغامق، بتحديد برنامجٍ جديد مطبّق على الجدران والأرضيات والأسقف، يسمح بفصلٍ واضح بين القصة والتاريخ.
مقابل هذه الخلفية القاتمة، تطرح ذاكرتي الخاصة أشكالاً عائمة… بعض السلال الضخمة المفعمة بالحياة، التي تحدد المساحات الرئيسة.
حيث تمت تغطية منطقة الأرشيف بسلةٍ ضخمةٍ نفوذة يمكن السير عليها، ترشح الضوء وتعمل كمصباح… كشكلٍ هائل الحجم مصنوعٍ من خرطومٍ برتقاليٍ بسيط منسوجٍ إلى ما لانهاية.
تحظى السلال التي تحدد غرف الأفلام بدرجات من اللون الأسود، وتنير في الغرفة الأساسية خلفيةٌ برتقالية تجعل السلة تعوم حتى بداية عرض الفيلم؛ حيث تختفي حينها وتبقى فقط الأسطح السوداء المفعمة بالحياة.
*خلفيةٌ من السلال:
وفقاً لحل البنية، غطينا الجدران والأرضيات والأسقف بسجادةً مستمرة من خشب الصنوبر المطلي باللون الرمادي، من شأنه تحديد عمارة المساحة الجديدة. وبالتناقض مع هذه الخلفية الخشبية السوداء، تأتي السلال المنسوجة أحادية اللون، المصنوعة من أطر من أنابيب فولاذية مثنية، وتولّد هندسة المكان عبر خراطيم الري الصناعية التقليدية هذه.
*المرافق:
نظراً للحاجة الماسة للهواء المنعش في مثل هذا المشروع، في المنصة وصالات عرض الأفلام، تم دفن قنوات التهوية تحت الأرض؛ وفي المناطق التي لم تحتاج إلى هذا الكم الكبير من التهوية، كالردهات والمكاتب ومناطق التوزيع، تم استخدام أنظمة تدفئة وتبريد تحت الأرض.
أما عن الإنارة، فقد تم تطبيقها بشكلٍ عشوائي متعمّد، لتجنّب الرصانة والتجانس الذي تدفعنا إليه قوانيننا. حيث تم استخدام مجموعات من اللمبات، رسمت رقصات على الجدران… إلى جانب شرائط LED تم حبكها مع بعضها، لتنير السلال والمساحة الواقعة أسفلها.
يُذكر ختاماً أن المشروع يمتد على مساحة 2.688 متراً مربعاً، وقد تم تصميمه عام 2009 لينتهي إنجازه عام 2011 لصالح مجلس مدينة مدريد وبكلفةٍ قُدّرت بـ 4.104.843.