مجلس الشعب السوري : لجان مُشكّلة “حبراً على ورق” أم مؤشر لتطور أداء البرلمان ؟
رأى كثير من البرلمانيين السوريين أن خطوة تشكيل أربع لجان جديدة دائمة في مجلس الشعب السوري مؤشر لبداية برلمانية مُبشّرة، قد تلامس بالفعل حاجات المواطن السوري وتطلعاته. واللجان المشكلة حديثا تتعلق بالحريات العامة، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة والطفل والشباب والصحافة. وقد اعتبرت هذه الخطوة بمثابة فأل خيرٍ يبشّر بتطور الأداء البرلماني للمجلس الحالي الذي كُتب له أن يولد في ظروف استثنائية، شحذت همم أعضاءه ليرتقوا بأدائهم إلى مستوى برلمان أزمة كما وصفه بعضهم.
زيادة ثقة المواطن بمجلسه
وقال الدكتور شوكت عثمان، عضو مجلس الشعب السوري والأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري في حديث لـ”الانتقاد” “إن وجود اللجان المشكلة يزيد من ثقة المواطن بممثليه في ظل ملله وسأمه السابق من لغة التسويف”، مشيداً في الوقت ذاته بـ “الجرأة العالية التي يتمتع بها أعضاء مجلس الشعب الحاليون، ومشاهدته لظاهرة التحدث الفوري والأخذ بالآراء الأخرى والمصادمات الكلامية”.
ونفى عثمان أن “تكون اللجان المشكلة عن طريق مجلس الشعب السوري عديمة النفع وقال “أعمال اللجان المشكلة لم تبدأ بعد ليتم الحكم عليها، وما يدل على جدوى هذه اللجان، هو مطالبة أعضاء المجلس بدراسة أوضاع السجون وإطلاق سراح من لم تتلطخ أيديهم بالدماء في الأحداث الحالية، وستنفذ هذه الخطوة كجزء من حقوق الإنسان أو الحريات العامة (لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة)، كما أن قانون الإعلام الحالي حضاري وسيلغي ما شهدناه مؤخراً لجهة تهديد مديري المؤسسات للصحفيين وسيدافع عن الإعلاميين والصحفيين والكتّاب والباحثين وسيعمل على إطلاق يدهم (لجنة الإعلام )”.
نقاشات حادة
واعتبر عثمان أن النقاش الحاد الذي يدخل فيه كثير من أعضاء مجلس الشعب خاصة ممن يحسبون على المعارضة، ورقابة أجهزة الإعلام والشعب إحدى أهم الضمانات التي يمكن أن يقدمها أعضاء مجلس الشعب لمنتخبيهم وقال: “لا أحد يريد أن يسكت عن الخطأ، ولعل مطالبة أحد أعضاء مجلس الشعب بتشكيل لجنة للدفاع عن الشهداء وأسرهم تدل على أن هناك من يدافع عن حقوق المواطنين في الوقت الحالي الذي سقط فيه كثير من الأبرياء، ولا ينبغي لعضو مجلس الشعب أن يغفل عن ضرورة خلق قنوات اتصال مع المواطنين من خلال فتح مكتب أو “مضافة” ليكون على تماس يومي مع المواطنين، فما فائدة وجوده إذا لم يكن يدافع عن المواطنين”.
ولفت عثمان إلى أن “الأيام المقبلة كفيلة بأن ترينا لجوء أعضاء المجلس إلى حجب الثقة عن بعض الوزراء”، مشيراً إلى أن “مجلس الشعب الحالي في ظل الأزمة التي تعصف بسورية يعد من أقوى المجالس التي عرفتها سورية”.
علامة فارقة وقيمة مضافة
من جهته أوضح عمر أسي عضو مجلس الشعب أن “المجلس الحالي سيشكل علامة فارقة في الحياة البرلمانية خاصة أنه يعمل حاليا تحت رقابة الشعب ووسائل الإعلام ويتمتع بدماء جديدة ، مؤكداً أن “اللجان الأربع المشكّلة هي قيمة مضافة للعمل البرلماني لجهة خلق قنوات اتصال مهمة مع المواطنين طالما افتقدناها سابقاً وقال: “كما طالبت بتشكيل لجان أخرى كلجنة شؤون الشهداء ولجنة الحوار الوطني ولجنة شؤون الأقليات بغية نقل همومهم إلى قبة البرلمان السوري تعزيزاً للوحدة الوطنية، كما قدمنا اقتراحات بخصوص الشباب لما له من خصوصية في المجتمع من حيث إفساح المجال أمامهم في المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، وأما المرأة فـ 32 امرأة ممثلة في البرلمان ونطالب برفع العدد”.
قنوات اتصال
بدوره أكد معن عبود عضو مجلس الشعب أنه “سيتم تفعيل اللجان على أرض الواقع بعيدا عن كل النظريات والأقاويل باعتبارها ضرورة في المرحلة الراهنة من حيث كونها قنوات اتصال بين النواب والشعب، كما إن الأمر تعدى هذه اللجان كلجنة الشباب، ليصل إلى حد المطالبة بإقامة وزارة للشباب والرياضة تعنى بشؤونهم”.
وأعرب عبود عن اعتقاده بأن عدد اللجان سيصل إلى 17 لجنة وستضم كل لجنة ما يقارب 20 عضواً من أعضاء المجلس، مؤكداً “أنه ليس على أعضاء مجلس الشعب أي رقيب أو قيد إلا رقابة الشعب ومحاسبته فضلا عن الجرأة العالية التي يتمتع بها أعضاء المجلس الحالي التي تمكنه من الدفاع عن ممثليهم”.
العمل في الميدان
ونظر بعض المحللين لهذه الخطوة بايجابية من حيث الشكل وقال الكاتب والمحلل السياسي عفيف دلا إن “إنشاء اللجان الجديدة يعكس قراءة جديدة لدور مجلس الشعب، حيث إن المجلس لم يكتف بالإبقاء على أطره القديمة بل جدد في الشكل وهذه حالة إيجابية. وفي المضمون عندما يكون هناك لجان جديدة، فيعني مجالات عمل جديدة ومتخصصة ولا بد من أن تقدم شيئاً إلا أن العبرة تبقى في التطبيق”.
وأضاف دلا: “ما أراه، أن هناك توجهاً للمجلس للعمل في ميدان جديد كالشباب وحقوق الإنسان والمرأة، وأعتقد أنه يشكل حالة إيجابية تعكس قراءة مجلس شعب لواقع متطلباته وفق الدستور الجديد للبلاد والمحددات التي انطوى عليها لناحية الحفاظ على الحريات العامة وحقوق الإنسان ومنح الشباب دوراً أكبر في المرحلة القادمة وتفعيل مشاركة المرأة في الحياة السياسية”.
وعلق دلا على ما يمكن أن يضمنه المواطن السوري من البرلمان لجهة تطبيق كل ما يتمخض عنه قائلاً: “مجلس الشعب يعمل ضمن أطر معينة ووفق الدستور وكي يصل إلى نتائج مرجوة لا بد من التشبيك مع قوى المجتمع الأهلي، ولذلك يجب أن تكون اللجان المشكّلة في المجلس صلة وصل بينه وبين الشعب، وكلما كانت صلة الوصل أقوى كانت القدرة على الأداء أقوى بكثير، فالضمان الذي يمكن أن يقدمه مجلس الشعب للمواطن السوري هو الدستور والقانون، كما إني لا أعفي هنا المواطن السوري من مسؤولية المشاركة، وأن يكون صاحب المبادرة ويلتقي مع أعضاء مجلس الشعب لتحقيق دور التكامل بين المواطن والمؤسسات”.
سيريان تلغراف | علي العبدالله