الماكينات الألمانية تواجه أغريق اليونان في ثاني دور الثمانية
لأن لقبهم «الماكينات»، فقد أجمع لاعبو ألمانيا وجهازهم الفني على ضرورة العمل والاجتهاد دون الانقياد لعواطف أو عوامل خارجية، فالتركيز منصب على تقديم عرض جيد في الملعب والخروج بمكسب يؤهلهم للمربع الذهبي، مع الفصل التام بين السياسة والرياضة.
لكن يبدو الوضع مختلف في المعسكر اليوناني، حيث كانت الجماهير أقل شغفا بأجواء اليورو هذه المرة بسبب أزمتها المالية الطاحنة، فلم تلتفت كثيرا لمباريات منتخبها قبل البطولة، لكن الاهتمام زاد شيئا فشيئا مع نجاحات الفريق المفاجأة وبلوغه لدور الثمانية برفقة التشيك على حساب الدب الروسي والبلد المضيف بولندا.
وبلغت الإثارة ذروتها حين شاءت الأقدار أن تصطدم اليونان بألمانيا، وفي قلب كل يوناني غصة تجاه تلك الدولة التي تمارس ضغوطا عليهم للدخول في دوامة الإجراءات التقشفية بما تشمله من خفض للرواتب وتسريح آلاف الموظفين مقابل أن تنال بلادهم حزمة من القروض والمساعدات المالية.
لذا فإن لاعبي اليونان ومن خلفهم شعبهم متسلحون برغبة لرد الاعتبار وإثبات الذات حتى لو كانت داخل حدود مستطيل أخضر، فالفوز لن يحل أزمتهم الاقتصادية، ولكن سيكسبهم شحنة معنوية هائلة، ولسان حالهم يقول «نحن لا نقبل الضغط أو التهديد..ولن نركع».
وستكون المباراة تحت أنظار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي قررت مشاهدة اللقاء من مقصورة الشرف بملعب غدانسك أرينا ببولندا، لكن وجودها لن يكون مرغوبا فيه من جماهير الأزرق.
ولم تكتف ميركل بمقاطعة مباريات منتخب بلادها في أوكرانيا احتجاجا على اعتقال المعارضة يوليا تيموشينكو، بل تعمدت إثارة مزيد من الجدل بزيارتها للجارة بولندا لحضور تلك المباراة العصيبة.
ونفى مدرب المانشافت يواكيم لوف تدخل ميركل للخلط بين السياسة والكرة، رغم أنهما يحظيان بعلاقة «صداقة وطيدة» على حد قوله، لكن محادثاتهما لا تخرج عن نطاق التشجيع والمؤازرة والتحفيز المعنوي، ولا شيء أكثر.
أما صحف ألمانيا وكذلك اليونان، فأرادت سكب البنزين على النار بوصف المباراة بأنها «صدام منطقة اليورو».
لكن نجم بايرن ميونخ توماس مولر هون من الأمر كحال مدربه، مصرحا لصحيفة (بيلد) بأنه وزملاءه «لا يفكرون في السياسة»، بل أكد على أن الحديث في السياسة داخل معسكر الألمان «ممنوع»، لكنه أشار إلى أنه يكن الود والاحترام لليونان «عن تجارب شخصية».
ووافقه الرأي زميله هولغر بادشتوبر، الذي يرى أن المباراة تهمه «من الناحية الكروية وحسب».
وستكون السياسة حاضرة بقوة في اللقاء أيضا حتى مع تنحية اليونان جانبا، فألمانيا ستخوض مباراتها الأولى في اليورو على أرض بولندا بمدينة غدانسك القريبة من شبه جزيرة فيستربليت، وهي التي شهدت بداية الغزو الألماني لبولندا خلال الحرب العالمية الثانية.
ورفض لوف اقتراحا بخوض المباراة بمدينة بولندية أخرى، ليصمم على موقفه بإبعاد السياسة عن الرياضة، ومقولته الثابتة «كرة القدم هي كرة القدم».
سيريان تلغراف | وكالات