من أنشاص إلى تعليق عضوية سورية.. أبرز محطات القمم العربية
ربما لم يبق عالقا في ذهن المواطن العربي عن قمم الزعماء العرب أكثر من “المفارقات” التي كان بطلها غالبا الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وتشنجات تطوّق فورا بقطع البث المباشر.
عدا ذلك كان المواطن العربي يختصر القمم بعبارات: “شجب، وندد، واستنكر”.
قبل أن يصل إلى عام 2002، حينها صار حتى الشجب غائبا، واستبدله قادة العرب بالموافقة بالإجماع على المبادرة التي رعتها وأطلقتها السعودية لتصير فيما بعد “المبادرة العربية للسلام” وكانت تتضمن وبكل وضوح: “التطبيع الكامل مع إسرائيل مقابل السلام”، لكن جيلا آخر استطاع أن يعايش زمنا آخر، وأن يعرف أن ثمة قمة أطلق فيها العرب لاءاتهم الثلاث، في وجه إسرائيل (لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف) وهي قمة الخرطوم عام 1967، “لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الإسرائيلي قبل أن يعود الحق لأصحابه”.
بعض المحطات في تاريخ القمم العربية:
القمة الأولى: عام 1946 عقدت بدعوة من الملك فاروق في قصر أنشاص في مصر، وعرفت القمة باسم القصر الذي عقدت فيه، وطالبت القمة “بوقف الهجرة إلى فلسطين، ومنع تسرب أراضيها إلى الأيادي الصهيونية”
القمة الثانية: 1956 عقدت إثر العدوان الثلاثي على مصر.
وفي 1964 كانت القمة الرسمية الأولى التي عقدتها الجامعة العربية كمؤسسة سياسية، وفي تلك القمة اتفق الزعماء العرب على أن تصير القمم دورية كل عام.
1967 عقدت قمة “اللاءات الثلاث” إذ جاءت بعد نحو شهرين من الحرب التي شنتها إسرائيل على ثلاث جبهات عربية، في يونيو من ذلك العام.
وبعد نحو شهر على حرب أكتوبر عام 1973 عقدت قمة الجزائر وكان من مقرراتها: “ضرورة التحرير الكامل لكل الأراضي المحتلة عام 1967”.
قمة بغداد: جاءت بعد أشهر على توقيع اتفاقية كامب ديفيد، 1978، وقرر العرب رفض الاتفاقية، ونقل مقر الجامعة العربية إلى تونس، وتعليق عضوية مصر ومقاطعتها “مؤقتا لحين زوال الأسباب”. (عام 1989 عادت مصر وعادت الجامعة العربية إلى القاهرة).
أولى مبادرات التطبيع
قمة فاس:
عام 1981، توصف بالقمة الفاشلة إذ استمرت نحو 4 ساعات بعد أن رفضت سوريا والجزائر وليبيا والعراق، إضافة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، مبادرة عرضها ولي العهد السعودي فهد بن عبد العزيز، وكانت تنص على “حق كل دول المنطقة في العيش بسلام”.
ولاحقاً عرفت هذه المبادرة باسم “مبادرة الملك فهد للسلام”، وتبناها العرب بالإجماع عام 2002.
قمة بيروت:
بعد عامين على “تحرير الجنوب اللبناني”، وفي 2002، عقدت في العاصمة اللبنانية بيروت قمة تبنت مبادرة الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، (وكان وقتها ولياً للعهد) بـ “مبادرة السلام العربية” وتتلخص في التطبيع الكامل، مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967.
وبقيت تلك المبادرة عنوانا لكل القمم العربية اللاحقة، حتى “قمة غزة” عام 2009، عقدت القمة “بمن حضر” وكان من أبرز قراراتها:
“تعليق المبادرة العربية للسلام، ووقف كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل”.
تعليق عضوية سورية
عام 2011 كان بداية التحولات الكبرى في العالم العربي، انعكست على القمم العربية التي بدأ يغيب عنها زعماء “تاريخيون”، وفي ذلك العام تم تأجيل انعقاد القمة “إلى أجل غير مسمى”.
وفي نوفمبر من العام ذاته عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً طارئاً في القاهرة، وقرروا تعليق عضوية سوريا في الجامعة، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها، على خلفية الموقف من الأزمة التي ما زالت تشهدها البلاد، وبدأت منتصف آذار عام 2011.
قرار الوزراء العرب طالب الدول العربية أيضاً “بسحب سفرائها من دمشق”، وأيدت القرار 18 دولة عربية، بينما رفضه لبنان واليمن، وامتنع العراق عن التصويت.
ومنذ ذلك العام بقي مقعد سوريا شاغرا، باستثناء وحيد عندما أقدمت الدول العربية في تصرف غير مسبوق في العلاقات الدبلوماسية العربية، إلى منح مقعد سوريا الشاغر إلى “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” الذي رعته قطر، واعترفت به معظم الدول آنذاك “ممثلا شرعيا للشعب السوري”، وهو القرار الذي رفضه لبنان والعراق والجزائر.
سيريان تلغراف | RT