ثمانية أعوام على الأزمة.. المؤامرة.. الثورة.. في سورية
في مثل هذا اليوم قبل ثمانية أعوام شهد السوريون حدثا لم يكن متوقعا، ويبدو أنه طبع منذ البداية التحولات القادمة، فالمظاهرة الواحدة كانت تشهد نوعين من الهتافات، مؤيدة ومعارضة.
ووسط هتافات بالروح بالدم نفديك يا بشار، بدأت تظهر لأول مرة عبارات تناهض الرئيس السوري بشار الأسد.
الفيديو المتداول الذي يصور تلك المظاهرة التي شهدتها دمشق لأول مرة منذ عقود، يظهر أيضا حجم الخلاف بين السوريين منذ اللحظات الأولى، وبقيت عبارات التخوين التي شهدتها تلك المظاهرة، والشعارات المتضاربة، ترافق تفسيرات الأزمة المستمرة في البلاد.
ما الخلاصات التي يقرأها السوريون من تلك الأزمة؟
سؤال ليس من السهل الإجابة عليه، إذ أن الانقسامات الحادة لا تترك هامشا لاتفاق إلا على خطوط عريضة، بدءا من توصيف ما شهدته البلاد طوال السنوات الماضية، بين “ثورة” أو “مؤامرة” أو “أزمة”.
“الموضوع متشابك، وبالغ التعقيد”، يقول الباحث السياسي إبراهيم زعرور، ويرتبط بالدين والأيديولوجيات المتعددة وبالأحزاب والقوى السياسية النظامية والأهلية والمدنية ويحتاج إلى تدقيق ومعالجة كلية لكل ما جرى ويجري والتطلع إلى مستقبل السوريين.
العنوان الذي يضعه عضو هيئة التنسيق الوطنية “حركة التغيير الديمقراطي” منذر خدام يختصر كثيرا من الأزمة، ونشره على صفحته الشخصية على الفيسبوك: “ثماني سنوات من عمر الأزمة السورية، والمستقبل لا يزال مجهولا”
يقول خدام إنه من غير المجدي اليوم البحث في أسباب ومجريات الأزمة وما آلت إليه حتى اليوم..
توزيع التهم في كل الاتجاهات لتطال جميع أطراف الأزمة، بل الجدوى كل الجدوى تكمن في التطلع إلى المستقبل ومحاولة رسم معالم طريق للخروج منها. وحتى هذا المستقبل لم يعد بيد السوريين بكامله للأسف، لقد خرج القرار الحاسم بشأنه من أيديهم، وصار بيد القوى الأجنبية المتدخلة في الأزمة السورية. مع ذلك لا تزال ثمة فرصة، بقدر ما يتعلق الأمر بهم وهي فرصة كبيرة، في حال اشتغلوا عليها بروح وطنية عالية، لتحديد معالم هذا المستقبل
إسقاط الدور السوري
بينما يقول عضو المكتب السياسي في الحزب السوي القومي الاجتماعي وعضو مجلس الشعب السوري أحمد مرعي، إن ما واجهته سوريا خلال السنوات الثماني الماضية هو الشكل الأخير من الاستهداف، فهي لم تكن خارج الحرب أو الاستهداف، سواء بالحصار أم في ضرب حلفائها، وكان الهدف إسقاط الدور السوري.
وانتقلت الحرب إلى الداخل لتفكيك النسيج الاجتماعي بحيث تخرج سوريا غير قادرة على مشروع المواجهة ضد إسرائيل، وتمثل الهدف الأساسي بإسقاط الدولة السورية وتغيير طبيعة النظام من مناهض إلى مطبّع مع إسرائيل، لكن هذا لم يتحقق.
ويضيف مرعي..
سوريا تخوض اليوم شكلا آخر من أشكال الحرب وهو الحصار، وهي في مرحلة مهمة هي عملية البناء، بناء دولة قوية، لكن هناك تحديا يتمثل في أن الولايات المتحدة الأمريكية ولأنها لم تستطع إسقاط الدولة تعمل على إطالة أمد الحرب، عبر إبقاء ذرائع كمخيم الركبان أو الهول، والأمريكي يتذرع دوما بحجج لبقائه لاستنزاف الدول وتحويلها إلى دول ضعيفة.
سنوات الدمار
هو العنوان الذي اختاره السفير والوزير السابق رياض نعسان آغا ليصف سنوات الأزمة في سوريا، ويقول في مقال نشرته صحيفة الاتحاد الإماراتية:
لا يبدو في الأفق أن هناك حلا سياسيا قريبا، فقد تم إهمال القرار 2254 وتم تجاوز جوهر بيان جنيف القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية، وباتت القوى الدولية تدير الصراع بدل أن تسعى إلى إنهائه، ولم يعد للسوريين أي دور أو حضور نظاما ومعارضة، في تقرير مستقبلهم.
الثمن الأكبر
بعض من تواصلنا معهم لم يرغبوا في الحديث:
أحدهم اكتفى بالقول إن “السوريين لم يدفعوا الثمن الأكبر بعد، وطالما هناك إصرار على معالجة الأمر بنفس الأدوات، ونفس العقلية ونفس الأشخاص، أعتقد أن الكارثة لم تحدث بعد”.
سيريان تلغراف | RT