الحسم الميداني يسقط الأوهام .. بقلم غالب قنديل
منذ صدور قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن مبادرة كوفي انان تواصلت الحملة التي تقودها الولايات المتحدة لمنع وقف العنف في سوريا و لتعطيل بنود المبادرة المتبقية و التي تتمحور حول إلقاء السلاح من جانب العصابات الإرهابية و انطلاق حوار سياسي سوري بين الدولة الوطنية و المعارضة .
أولا: الدور الروسي المحوري في تنفيذ مبادرة انان كان واضحا من البداية و قد اصطدم بالرعاية الأميركية لخطة التخريب بدءا من حشد مؤتمر ما سمي بأصدقاء سوريا المكرس لتصعيد حملات دعم العصابات المسلحة بالسلاح و المال و بقيادة شبكات التهريب من لبنان و تركيا و الأردن بالشراكة مع حكومات تركيا و قطر و السعودية و بعض المخابرات الغربية و الخليجية الأخرى .
المبادرة وقعت في الخلل و النقص اللذين منيت بهما مهمة المراقبين العرب حيث رفضت السعودية و قطر يومها خلال التفاوض مع السلطات السورية تضمين أي التزامات واضحة بوقف حملات التحريض و بحظر تسليح و تمويل العصابات الإرهابية التي كانتا تنكران وجودها آنذاك قبل ان تجاهرا مع قدوم المراقبين الدوليين برعاية شبكات التهريب من لبنان و تركيا و الأردن و هكذا رفض الغرب تضمين مبادرة انان أي التزامات مشابهة .
ثانيا: بعد اكتمال نشر المراقبين الدوليين على الأرض و مع استمرار العمليات الإرهابية و الحملات السياسية و الإعلامية المركزة لنعي مهمة انان انطلق التحرك الروسي عبر الاتصالات المباشرة مع الولايات المتحدة و عبر مجلس الأمن الدولي لانتزاع التزامات واضحة من الدول المتورطة لإتاحة وقف القتال و الانتقال إلى بند إلقاء السلاح و الدعوة للحوار ، و بدا واضحا ان المخططين الأميركيين و قيادة المخابرات الغربية و حكومات الوهم العثماني القطري السعودي ، كانت لديهم خطة تصعيدية يراهنون بها على اختبار فصل جديد من خطة تدمير القوة السورية عبر المجازر و التفجيرات الانتحارية و من خلال حرب نفسية واسعة النطاق و هذه الحسابات كانت في خلفية رفض أي تجاوب مع الطلبات الروسية لتحصين مبادرة انان .
ثالثا: تطورت محاولات النيل من معنويات الشعب العربي السوري و الدولة الوطنية السورية من خلال التلويح مجددا بالعدوان الأجنبي و عبر ترويج شائعات تمحورت حول تضخيم قدرات العصابات الإرهابية و التشكيك بصلابة الموقف الروسي و من خلال علك مشاريع افتراضية عن صفقات سياسية على حساب سوريا تمحور معظمها حول شخص الرئيس بشار الأسد و موقعه القيادي الذي هو ثمرة حالة من الثقة الشعبية و الوطنية المتزايدة وفقا للتقارير الغربية نفسها ، و قد فشل الغرب واقعيا في لي الذراع الروسي في هذا المجال و اضطرت موسكو لتحويل الشأن السوري إلى موضوع يومي تتداوله بياناتها و تصريحات القادة الروس على مدار الساعة .
رابعا: التطور الأبرز كان في انطلاق الدولة الوطنية لاسترجاع سيادتها على المعاقل الباقية تحت سيطرة العصابات انطلاقا من ثباتها الدفاعي منذ انطلاق مهمة انان و المراقبين الدوليين بصورة منعت العصابات من التمدد مجددا و سهلت استنزافها معنويا و ماديا باستسلام الآلاف من العناصر المسلحة خلال الفترة القليلة الماضية بينما تقدمت عملية إحكام السيطرة على الحدود .
إن عمليات الحسم التي تنفذها قوات الدولة الوطنية السورية لإنهاء حالة التمرد المسلح بينما تركز المؤسسة الأمنية الوطنية جهودها في مطاردة شبكات الإرهاب و التكفير ، تحظى بدعم شعبي واسع بفعل تزايد الكتلة الجماهيرية التي ادركت حقيقة ما يجري بوصفه عدوانا أجنبيا و مخططا تخريبيا لا صلة بأي مطلب شعبي إصلاحي .
خامسا: الحسم الميداني الذي تقدم بسرعة غير متوقعة، من شأنه ان يسقط اوهام الحلف الاستعماري الغربي و عملائه الإقليمين وان يؤسس لمعادلة جديدة ترجح كفة الدولة الوطنية و بالتالي فهو يرجح أيضا فرص التعبير السياسي عن انتصار الدولة الوطنية السورية من خلال صيغة دولية إقليمية متوازنة تضم إلى جانب روسيا و الصين إيران و سوريا في مجابهة الحلف الاستعماري الغربي و الحكومات العميلة في المنطقة .
استعادة الاستقرار ستحتاج لبعض الوقت ولكن تحرير احياء حمص و بعض البلدات المحيطة بها سيكون الضربة القاصمة لمخطط التخريب ومن بعده ستكون مطاردة الفلول في الأرياف و استمرار تعقب و تفكيك الشبكات الإرهابية التي ادخلت إلى سوريا من مختلف أنحاء العالم، لكن المعادلة السياسية الداخلية والمحيطة بالحدث السوري عالميا و إقليميا سوف تنقلب و تتبلور في سياقها توازنات تكرس هزيمة الحلف الاستعماري و عملائه في تركيا و الخليج امام مقاومة و صمود الشعب العربي السوري .
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)