“واشنطن بوست” تسخر من مناورات ترامب التجارية بشأن الانسحاب من سورية
سخر الكاتب بصحيفة “واشنطن بوست” إيشان ثارور من مناورة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وابتزازه التجاري، عندما طالب بسحب قوات بلاده من سوريا ثم تراجع ووافق على بقائها لأمد غير معلوم.
ووصف الكاتب البيانات الصادرة عن إدارة ترامب بشأن سوريا بأنها “شيزوفرينيا”، متضاربة وغامضة. ففي الوقت الذي اجتمع فيه أهم اللاعبين بالعاصمة التركية أنقرة أشارت تقارير عن تحضير الولايات المتحدة لبناء قاعدتين عسكريتين في شمال سوريا، حيث يتمركز هناك حوالي ألفي جندي أمريكي.
وقال ثارور إن ترامب لم يخف رغبته في التخفيف من التزامات أمريكا العسكرية والمالية في الشرق الأوسط. فقبل أسبوع تفاخر أمام تجمع جماهيري بولاية أوهايو “بسحق داعش” مضيفاً “سنترك سوريا قريباً جداً”. وفي مؤتمر صحافي عقده يوم الثلاثاء بالبيت الأبيض تحدث متحسرا عن 7 تريليونات دولار أنفقتها أمريكا في الشرق الأوسط. وهو رقم مبالغ فيه للحروب التي خاضتها أمريكا في العراق وأفغانستان وسوريا وتم نهب أكثر من نصفها بعمليات فساد وتزوير.
ذهنية “التاجر”
ويقول ثارور إن الطريقة التجارية أو التعاقدية التي تسيطر على ذهنه غالباً ما تقوده للحكم على الأمور وفق مبدأ الربح والخسارة المادية. فقد كرر هذا الأسبوع ضرورة مساهمة الدول العربية مثل السعودية وتعويض الولايات المتحدة عن بقاء قواتها في سوريا، وكأن القوات الأمريكية “مرتزقة” للإيجار. وفي يوم الأربعاء وبعد اجتماع مع قادته قرر ترامب أن المهمة الأمريكية في سوريا في طريقها للنهاية خاصة أن تنظيم الدولة تم تدميره تقريباً. وأضاف بيان البيت الأبيض أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيظلان ملتزمين بمحو أي وجود لتنظيم الدولة في سوريا. ويعلق ثارور أن البيان لم يتحدث عن الاستقرار وترك مهمة بناء السلام في سوريا للآخرين.
وكما ورد في تقرير مراسلة الصحيفة كارين دي يونغ “فقد قسمت الخلافات رغبة ترامب بخروج سريع، وأثارت قلق الجيش من ترك فراغ في سوريا” من خلال “انسحاب مشروط” مرهون بتدمير تنظيم الدولة ولم يحدد تاريخاً للانسحاب حيث ترك مساحة للنقاش وتعريف ماهية “تدمير تنظيم الدولة”. إلا أن كلام البيت الأبيض لا يزال متناقضاً مع تصريحات المسؤولين البارزين ممن لهم علاقة بالحملة ضد تنظيم الدولة. مثل الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط الذي تحدث يوم الثلاثاء في معهد السلام بواشنطن عن الجزء الأصعب في العملية الذي لا يزال “أمامنا” وتحدث عن “بناء الاستقرار بالمناطق وتعزيز الإنجازات وإعادة المهجرين إلى بيوتهم ومواجهة القضايا الأخرى مثل إعادة الإعمار والتي يجب عملها” مضيفاً “هناك دور عسكري في هذا”.
أما بريت ماكغيرك، من الخارجية والمبعوث الخاص لدول التحالف ضد تنظيم الدولة فقد قال: “لم ننته بعد” و”علينا العمل على عدد من القضايا الصعبة” مثل وضع حد للحرب الأهلية.
ويرى الكاتب أن ترامب لا يلام إن أراد الخروج من سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة، في ضوء الواقع الصعب الذي تمليه الحرب السورية. إلا أن عدداً من حلفاء ترامب يدعونه للبقاء ومنهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي حث ترامب على عدم الخروج. وفي تصريحات أدلى بها لمجلة “تايم” اعتبر الخروج الأمريكي انتصاراً لإيران. ويرى ثارور أن مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية تدعو للخروج وبشكل سريع. وبحسب افتتاحية صحيفة “واشنطن بوست” فإن “سحب ألفي جندي قد يسمح لتنظيم الدولة الذي يسيطر على نسبة 7% من أراضي سوريا بالعودة” و “بالتأكيد سيسمح لإيران بالسيطرة على شرق سوريا وبناء جسر بري من طهران إلى دمشق وبيروت بشكل يزيد الخطر على إسرائيل حليفة واشنطن الأقرب”.
ويشير الكاتب إلى ما كتبه المعلق الذي ينتمي لليمين المحافظ إيلي ليك وكيف تحدث عن المخاوف من إيران إلا أنه ادعى أن “السبب الأفضل” للبقاء في سوريا هو “إنساني”.
ولكن ترامب قد لا تحركه هذه المشاعر “الإنسانية”، فقد قامت إدارته الأسبوع الماضي بتجميد 200 مليون دولار من ميزانية دعم سوريا، على الرغم من تدمير القوات الأمريكية نفسها نسبة 80% من مدينة الرقة، التي كانت العاصمة الفعلية لما أطلق عليها الدولة الإسلامية.
ويقول ثارور إن الحجم الكلي للضحايا المدنيين في القتال لم يعرف أو يكشف عنه بعد، إلا أن عمال الإغاثة الإنسانية يتحدثون عن رائحة الجثث المتعفنة والمدفونة تحت الأنقاض. وما بين فبراير ومارس الماضيين تم إخراج نحو 300 جثة، وهناك مخاوف من انتشار الأمراض مع اقتراب موسم الصيف. ومهما قدم الأمريكيون من دعم فلن يكفي لأن المدينة مدمرة على حد قول أحد عمال الإغاثة.
سيريان تلغراف